حسب أهل العلم والعارفين بالطبيعة البشرية أن العثرات والأخطاء سمة من سمات البشر، وأن كل إنسان معرّض لأن يتعثر أو يرتكب الأخطاء في حياته، وليس من العيب والعار أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب الأكبر لدى أهل الحكمة والعفو والسماحِ هو التمادي في الدفاع عن الخطأ وعدم الاعتراف به، فالاعتذار كما يعرف الجميع هو تصرف حضاري وسلوك يكسب صاحبه الوقار، كما يزيد من الألفة والمحبة والتقارب في المحيط الاجتماعي للمرء، وصدق من قال: بأن الاعتذار من شيم الكبار.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وبما أن موقف ما لأحد الشخصيات الاعتبارية اليوم في بقعة جغرافية ما من العالم، قد يعيد إلى أذهان المعنيين بكلامه مواقف مماثلة حصلت مع شخصيات تاريخية فاعلة منذ عشرات أو مئات السنين، لذا كان للاعتذار الذي قدمته رئاسة جمهورية العراق نيابة عن الرئيس فؤاد معصوم وقعٌ مهم لدى من يعنيه اعتذارات الكبار، كما لدى كل من يعنيه احترام مشاعر الطوائف والأديان والملل والاثنيات. 
إذ كانت رئاسة الجمهورية العراقية قد أصدرت منذ يومين توضيحاً بشأن تصريح للرئيس العراقي عن الديانة الأيزيدية والذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي واعترضت الجماهيرُ على ما نُقل على لسان معصوم عن أن " الأيزيديين بقايا الديانة الزرادشتية ولديهم نصوص دينية إسلامية" وقد أكد التصريح الرئاسي في توضيحه الذي كان بمثابة الاعتذار عما نُقل أو صدر عن معصوم، "بأن الأيزيدية ديانة عريقة ومستقلة بذاتها وأن مقدساتها تحظى بكل الاعتبار لدى الرئيس فؤاد معصوم".
بالرغم من أن أغلبنا وربما الكثيرمن الأيزيديين أنفسهم لديهم ذلك الخلط بين الإيزيدية والزردشية وذلك سواءً أكان من الجهل أو بسبب التقارب أو التداخل بين نصوص وطقوس وشعائر الديانتين، أو بسبب التعتيم الديني الطويل والمتعمد من قبل أصحاب الأديان السماوية على الديانة الأيزيدية في المنطقة، وتعمد الكثير من أتباع الديانة الإسلامية نبذ تلك الديانة وتشويه صورتها وصورة من يعتنقها، واتهام الأيزيديين من قِبل أتباع الديانات التوحيدية بأنهم يقدسون ابليس وما إلى ذلك من الكلام الدال على تصغير الآخر وتحقيره، علماً أن ابليس كان قد حظي بالمكانة العالية لدى إله الأديان السماوية نفسه، وجاء ذلك بوضوح في القرآن بقوله تعالى: "يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ" فكان جواب ابليس لربه: "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين" وهو ما أشار إليه بشار بن برد بقوله: "إبليسُ خيرٌ من أبيكم آدمُ، فتنبهوا يا معشرَ الفجار، إبليس من نارٍ وآدمُ طينة ٌ، والأَرْضُ لا تَسْمُو سُمُوَّ النَّارِ"، كما عبّر المتصوّف الحسين بن منصور الحلاج عن موقفه من ابليس ومن محنته من خلال إنشاده عن إبليس وهو يقول: "ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء".
عموماً لسنا في وارد الدفاع عن ابليس ولا في وارد إزالة الشوائب التي ألصقها أتباع الأديان الأخرى بالأيزيدية، إلا أن ما يهمنا ههنا هو الموقف الشجاع الذي بدر من رئيس جمهورية العراق الدكتور فؤاد معصوم الذي يستحق عليه كل الاحترام والتقدير والإشادة، وذلك عندما شعر بأنه أخطأ بحق معتنقي الديانة الأيزيدية، ولكن مقابل فؤاد معصوم يعلم معظم الكرد أن أغلب قادة حزب العمال الكردستاني أخطأوا مراراً وتكراراً بحق الكرد بدءاً من أوجلان ومن ثم دوان كالكان وجميل بايك ومَن لف لفهم من قادة قنديل، هذا عدا عن قادة الفروع الجانبية لحزب العمال الكردستاني مثل آلدار خليل ورهطه، ولكننا وللأسف لم نسمع أو نقرأ عن أحدهم أنه اعتذر عما اقترفه كما فعل معصوم، أو تراجع علناً عما بدر منه على غرار ما أقدم عليه معصوم، علماً أن الدكتور فؤاد معصوم ليس مجرد زعيم ميليشيا، ولا هو بقائد فصيل عسكري جاهل، إنما هو ممن درس القانون والشريعة في جامعة بغداد وعمل مدرساً في كلية الآداب في جامعة البصرة عام 1968 وكان محاضراً في كليتي الحقوق والتربية في الجامعة نفسها، وحصل معصوم على درجة الدكتوراة في الفلسفة الإسلامية من جامعة الأزهر بمصر عام 1975، وله كتاب على ما أذكر عن فلسفة اخوان الصفاء، وحقيقة يبدو أن السبب الرئيس الذي دفع بفؤاد معصوم للاعتذار هو لأن هذا الشخص مضمّخ بالعلم والمعرفة، وليس من جماعة التكبر الذين من فرط عجرفتهم وتعاليهم لا يقدرون على النطق بكلمة الأسف أو الاعتذار، بينما الممتلئ علماً وحكمة يفعل ذلك وبكل سهولة، وذلك تأكيداً لما جاء في البيت الشعري" ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ"، لئن كلما علا شأن الشخصِ كثر تواضعهُ، فيما نقيضهُ يتكبّر ويصر على تعنته ولا يتراجع عما بدر منه بسهولة!. 
علماً أننا إذا ما قارنا بين ما قاله الدكتور فؤاد معصوم عن الديانية الأيزيدية، وما قاله زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، لبدا ما قاله معصوم أمر بسيط جداً مقابل فداحة قول أوجلان في كتابه (دفاعي منعطف على مسار الحل الديمقراطي) والقائل فيه: "بقدر ما نسعى إلى إبعاد تركيا وإنقاذها من المخاطر الكبيرة المنتظرة، فإننا أيضاً نود عودة تركيا إلى القوة والعظمة التي كانت تتمتع بها في السابق، ومع التسوية النهائية سوف تدخل الإمكانيات والقدرات العسكرية الحربية لـ(PKK) في خدمة الجمهورية التركية، وستزول المخاطر المهددة لوجودها، والتي تقودها حسب زعمه بعض مراكز القوى العالمية التي تستغل القضية الكردية منذ 200 عام لإحتلال تركيا " وعن اقليم كردستان العراق يقول أوجلان: "إن من أهم المخاطر المهددة لتركيا هو الكيان القائم في شمال العراق أي اقليم كردستان العراق"، إذاً تلك كانت من الأخطاء الجسيمة للأب الروحي لحزب العمال الكردستاني، فهل قدّم عما قاله أي اعتذار للشعب الكردي الذي قامر هو وحزبه بخيرة شبابه في حربه العبثية مع تركيا، وكذلك ما قاله عضو المجلس القيادي في منطومة المجتمع الكوردستاني( ك ج ك ) دوران كالكان يوماً في تصريحٍ لوكالة فرات التابعة لهم يرفض فيها تقسيم سوريا والعراق قائلاً " إن استقلال كوردستان ليس في مشروعنا وأننا سنعمل بكل السبل لمنع تقسيم سوريا والعراق"، فهل اعتذر هذا النفر القيادي عن تصريحه الطائش يوماً؟ وهل ثمة مَن حاسب هذا القويّد على خطئه الجسيم؟.
وفي الختام فهل من وجهٍ للمقارنة بين كبوة الدكتور فؤاد معصوم والتي سارع مكتبه للاعتذار عنها، وبين كبائر قادة قنديل وما اقترفوه بحق الكرد من خلال تصريحاتهم الفاضحة وأقوالٍ لا يتفوه بها إلا مَن كان عدواً للكردِ؟ ويبقى الغرض الأبرز مما سردنا أعلاه هو دفع مثقفي أو مؤيدي ذلك التنظيم إلى إعمال المقارنة بين عقلية الرئيس فؤاد معصوم وعقلية قادة قنديل، وهل من الممكن أن نرى أو نسمع يوماً أحد قادة الاتحاد الديمقراطي أو أحد فطاحل حزب العمال الكردستاني، وهو يقوم بكل شجاعة بالاعتذار للشعب الكردي عما اقترفه هو أو حزبه بحق هذا الشعب لعشرات السنين؟ أو يعتذر التنظيم ككل عن التصريحات الخرقاء لأغلب القادة المطوسنين في تلك المنظومة.