يبدو واضحاً أن عمان لاتشعر بقلق كبير جرّاء وصول قوات من الحشد الشعبي العراقي قريباً من حدود الأردن عند باديتة الشمالية المحاذية لحدوده مع سوريا والعراق خصوصاً وأن تحركات هذه القوات تتم تحت نظر قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة للقضاء على دولة الدواعش والأردن جزء أساسي من هذا التحالف ما يعني ضمناً أن وصول هذه القوات تم برضى أو علم عمان التي كانت طالبت وما زالت بضمانات روسية بان هذه القوات ستتوقف داخل الأراضي السورية ولن تتجاوزها إلى الجغرافيا الأردنية.

تصمت عمان ولا تضيف شيئا حول الموضوع باستثاء تأكيد سابق لوزير خارجيتها لنظيره الروسي برفض وجود عصابات داعش الإرهابية أوقوات غير نظامية بغض النظر عن جنسيتها على حدودها، لكنها اليوم تبدي موافقتها ولو مضطرة تحت ذريعة أن قوات الحشد الشعبي جزء من منظومة القوات المسلحة العراقية وتأتمر بتعليمات رئيس الوزراء حيدر العبادي وربما لتلقيها تطمينات من طهران بعدم ما يدعو للقلق من حركة الحشد في منطقة التنف او حركة الحرس الثوري في وسط وعـمق درعا لأن حـدود عمليـات هذه القـوات سورية تماما ولا أجندة سياسية لها ولوجودها ووظيفتها مساعدة الأردن في مواجهة تهديدات داعش.

بعض السياسيين في الأردن يرى أن التأكيدات الروسية والإيرانية غير مُطمئنة تماماً، لتزامنها مع استعدادات الجيش السوري لخوض معركة كبيرة في درعا المجاورة للحدود الأردنية، بدون أي تنسيق مع عمان، التي كانت طالبت به دمشق مراراً. وبتزامن هذا مع استعداد الجيش السوري لمعركة كبيرة في درعا، بدون تنسيق أو ضمانات أو تأكيدات للأردنيين فإن مشاعر القلق انتاب هؤلاء، فيدعون لتغيير الاستراتيجية الأمنية وفقاً للمستجدات، ولا يأخذون بالاعتبار مواقف موسكو وطهران، وتطميناتهما تجاه القوات الإيرانية الرديفة للجيش السوري في درعا، وموقف الحكومة السورية من مطاليب الأردن الأمنية وأهمها عودة الجيش النظامي السوري إلى درعا.

هنا بالذات يؤشر المراقب المحايد، إلى أن استجابة دمشق للدعوات الأردنية القديمة والمتكررة، بالتحرك عسكرياً في جنوبي سوريا والسيطرة على الحدود مع الأردن خطوة جيدة، ولو تمت بدون تنسيق، غير أن البعض يرتاب في توقيتها، وكل ذلك يثير القلق، وقد دفع إلى أقصى مستويات الحذر تجنباً لأي مطبات أمنية قد تبرز فجأة، أو تداعيات ستطل برأسها في المستقبل القريب، وباعتبار أن ما يجري أو سيجري في درعا هو مفاجئة ميدانية تحمل في طياتها الكثير من المخاوف الأمنية.

والمهم هنا أن مجريات الأحداث المتفجرة في التنف ودرعا تؤثر بشكل مباشر على معطيات معركة العراقيين ضد الدواعش سواء في الموصل أو فلولهم في صحراء الأنبار، فالعراق ليس جزيرة منفصلة عن جواره وهو منذ قيام الدولة العراقية الحديثة يؤثر ويتأثر بذلك المحيط سواء كان إيرانياً أو تركياً أو عربياً ويدفع ثمن ذلك غالياً.