مع اقتراب موعد الاستفتاء في إقليم كوردستان وانعقاد اول اجتماع للهيئة المكلفة بالتنفيذ، تتصاعد وتيرة الهجوم المنظم ضد الشعب الكوردي وقياداته الوطنية وتزداد حدة وشراسة بعيدا عن كل القيم الأخلاقية والمفاهيم الإنسانية ويصل الابتذال السياسي والفكري والحقد العنصري والطائفي الاعمى الى اتهام الكورد وقياداته الوطنية بشتى النعوت وتهديده بالويل والثبور وكأن الاستفتاء هو نهاية العالم وجريمة العصر! ناسين او متناسين ان الطائفية المتخلفة والعنصرية الكريهة وتجاهل حقوق شعب كوردستان وعدم الالتزام بالدستور وتكريس الدولة الثيوقراطية والفساد المستشري وارتهان القرار السياسي للقوى الإقليمية والحرب غير المعلنة ضد السنة والكورد والقوى الشيعية الديموقراطية والعلمانية قد قسمت العراق عمليا وفعليا، هذا العراق الذي ولد مشوها وعاش فقط بالقوة والعنف وإرهاب الدولة ضد هذا المكون او ذاك ولم يستطع طيلة المائة عام الماضية من تحقيق دولة المواطنة والاستقرار.
الاستفتاء في كوردستان ليس نهاية العالم ولا يمثل أي نوع تهديد وباي شكل من الاشكال لمصالح بقية مكونات العراق الحالي ولا للقوى الإقليمية المرعوبة من ممارسة شعب كوردستان لحقوقه الديموقراطية والإنسانية المشروعة وانما يضع الأمور في نصابها الصحيح والواقعي والموجود على الأرض وإذا كان من غير الممكن التعايش والعيش سوية فما الضرر في استقلال كوردستان وإقامة علاقات حسن جوار وتعاون؟ وما هذا الوحدة القسرية التي يريد البعض فرضها بالقوة وكلفت الشعب الكوردي ثمنا باهظا كما كلفت العراقيين الكثير من الأرواح والأموال وعرقلة النمو الطبيعي للحريات الإنسانية والديموقراطية.
من الواضح ان السبب الحقيقي وراء هذا الهجوم العدواني والضجة المفتعلة حول الاستفتاء هو إعادة احتلال كوردستان ونهب ثرواتها وتجويع شعبها وحرمانه من حقه المشروع في تقرير مصيره بنفسه تنفيذا لأوامر إقليمية لا تملك مراكز القرار العراقي امامها غير الانصياع المذل لهذا الذي يريد هلالا شيعيا والأخر الذي يريد قمرا سنيا وبينهما يزداد العراق دمارا وتخلفا ومع ذلك هناك جوقة الاعلام المرتزق الذي يحمل شعب كوردستان وقياداته الوطنية مسؤولية هذه الفوضى التعسة والمدمرة فقط لأنه يريد تعريف العالم الخارجي بإرادته ورغبته في العيش بحرية وسلام وبالطرق السلمية والقانونية المعترف بها دوليا.
ان غلق كل الأبواب والسبل السلمية المشروعة امام حصول شعب كوردستان على حقوقه الديموقراطية وحقه في تقرير مصيره بنفسه لن يساهم قطعا في حل مشاكل العراق خاصة ومنطقة الشرق الأوسط عامة فقد ولى الزمن الذي كانوا يسوقون فيه الاف المواطنين الكورد الى المقابر الجماعية ويمطرون البقية بالأسلحة الكيماوية ولم يعد الكورد وحيدين مع جبالهم وسيقررون مصيرهم في الخامس والعشرين من أيلول المقبل بكل حرية والاستفتاء الشعبي العام في كوردستان ليس نهاية العالم.

[email protected]