“معارك ابو تايه” المتهم بقتل ثلاث جنود من المخابرات الامريكية في الاردن في قاعدة جوية، هو ابن عشيرة الحويطات الاردنية، وهو من احفاد عشيرة عودة أبو تايه والذي هو ابن شيخ قبيلة الحويطات “حرب ابو تايه “ والذي هو عميد قبيلة الحويطات و رأس الحربة في جيش الثورة العربية الكبرى عام 1916.

عودة ابو تايه خاض معارك شرسة ضد العثمانيين، كان أهمها على الإطلاق المعركة التي قادها وانتهت بالسيطرة على مدينة العقبة وقلعتها، كما خاض حروبا في جنوب الأردن، وتمكن من السيطرة على مناطق واسعة فيه وطرد العثمانيين منها.

“معارك ابو تايه” تحول الي قصة وطن و فقدان للعدالة حيث حكم عليه بأمضاء امريكي بالسجن المؤبد، مثلما كتب علي يافطات رفعت في نواحي مختلفة من الاردن، و علي شعارات وضعت في اعتصامات العشائر الاردنية ادت لاغلاق شوارع بالقرب من السفارة الامريكية في عمان و في جنوب شرق مدينة معان التي اصدر شبابها بيانا مؤيدا لعشائر الحويطات في اعتراضهم علي الحكم الصادر علي معارك ابو تايه و علي الحكومات الاردنية و كيفية اختيار رؤوساء الحكومات الاردنية اللذين اعتبروهم :”الاعداء اللذين لا ذمة لهم و ليسوا منا و لا يشرفنا ان نكون منهم و صاروا ادوات لقمع الاردنيين “ ( نص منقول من بيان العشائر الاردنية ).

عوده ابو تايه كاد ان يكون حاكما للاردن

أثنى علي عودة ابو تايه القادة الإنجليز في ذلك الوقت، خاصة لورنس العرب الذي أورد وصفا لشجاعته وقوته وصفاته القيادية في كتاباته، كما أثنى المؤرخون على دوره المهم في الثورة العربية الكبري و انه كان بالامكان ان يتولي امارة شرق الاردن لو اراد. وكدليل وعرفان على جهود أبو تايه وقبيلته في الثورة اولا و في مبايعة الامير الشريف الحسين ثانيا فقد أهداه الشريف الحسين بن علي سيفا، وكان له بعد ذلك دور في جيش الملك فيصل الذي اتجه نحو سوريا.

ماذا حدث و لماذا تم قتل جنود المخابرات الامريكية؟

و نعود الي “معارك ابو تايه” وهو جندي ضمن بوتقة شرفاء عشيرة الحويطات اللذين التحقوا بالجيش العربي، كان في مهمة حراسة *قاعدة جوية اردنية في منطقة الجفر يتواجد بها جنود وضباط من المخابرات الامريكية، اعضاء الفرقة الخامسة الجوية المحمولة جوا من قاعدة في ولاية كنتاكي، للتدريب علي عمليات خاصة و قتال الشوارع لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية المعروف بأسم داعش و تدريب سوريين. ( المصدر جريدة ستارز اند سترايبز العسكرية الامريكية بتاريخ ١٨ نوفمبر ٢٠١٦).

و القصة *بدأت عندما حضر ثلاث جنود من المخابرات الامريكية في اكثر من سيارة و حاولوا دخول القاعدة دون اتباع التعليمات، حيث سمح الجندي للسيارة الاولي بالدخول، ثم اطلق الجندي معارك ابو تايه الرصاص علي السيارة الثانية التي لم تتوقف عند بوابة القاعدة عند سماعه صوت بارود انفجارداخل السيارة، والتي لحقها علي الفور قفز الامريكيون من السيارة الثالثة و تبادلوا اطلاق النار مع الجندي الاردني الذي قتل احد جنود المخابرات الامريكية، و هو في حالة دفاع عن نفسه و تأمين القاعدة الجوية قبل ان يصيبه الجندي الامريكي الاخر و كانت المحصلة ثلاثة قتلي امريكيون و جندي اردني مصاب نقل للمستشفي وهو “ معارك”. 
وقصة تبادل اطلاق النار منقوله هنا حسب ما نشر في محطة تلفزة امريكية.
(* المصدر ١٧ نوفمبر ٢٠١٦، علي لسان الصحفي ديفيد مارتين لمحطة سي بي سي الامريكية).

التواجد الامريكي في الاردن

و المعروف انه وعلى الرغم من عدم وجود قواعد عسكرية امريكية بشكل رسمي معلن فى الاردن، فان الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل فى اجراء تدريبات عسكرية فى البلاد منذ سنوات.* وبسبب الأحداث الأخيرة في سوريا المجاورة، تم نشر الف و خمسمائة جندي أمريكي، وسرب من طراز F-16، وبطارية صواريخ باتريوت، وأنظمة صواريخ المدفعية العالية M142 في الأردن مؤخرا.
( *المصدر القوة العسكرية الامريكية في الشرق الاوسط التي تصدرها وزارة الدفاع الامريكية، تقرير عام ٢٠١٧، 
http://index.heritage.org/military/2017/assessments/operating-environment/middle-east)

لم تعلن الحكومة الاردنية اي شيء من هذا، و لم تناقش التواجد العسكري الامريكي في مجلس النواب و لم يذكر في اي من الصحف الاردنية و لو بكلمة مقتضبة.

 
الحكم علي الجندي “معارك” بالسجن المؤبد

المحكمة العسكرية الاردنية أصدرت صباح الاثنين ١٨ يوليو ٢٠١٧، حكما بالأشغال الشاقة المؤبدة (مدى الحياة) بحق الجندي معارك أبو تايه، بالإضافة إلى تنزيل رتبته إلى جندي ثان وطرده من الخدمة العسكرية. و قرار المحكمة الموقره يستند الي ادلة لديها و حبذا لو تم اطلاع العامة عليها.

للعلم كل من حكم عليهم من مدراء المخابرات الاردنية السابقين في قضايا و تم سجنهم لم يتم تنزيل رتبه اي منهم العسكرية، علما أن القانون العسكري الصادر في عام ٢٠٠٢ يحتم ذلك. 

أن المعمول به حالياً في القانون المدني أن المؤبد 25 عاماً. وفي الأساس، تعتبر سنة السجن العادية 12 شهراً دون انتقاص، لكن العرف جرى على أن يخصم من محكومية النزلاء ربع مدتها لتصبح سنة السجن 9 أشهر بناء على "حسن السلوك" داخل السجن، كما و أن العرف كل سنة مدنية تتعتبر تسعة اشهر في القضاء العسكري. و لكن الطلب الامريكي حسب ما يدور الحديث عنه كان الاعدام او السجن مدي الحياة حتي الوفاه.


من جهة اخري فقد اعتبرت عشيرة الحويطات التي اغلقت الطرق في مناطقها من جنوب الاردن، و حرقت الاطارات و دخلت في مواجاهات مع جيش البادية الاردني و الذي ساهم بدوره الفعال في فتح الطرق المغلقة، أن قرار المحكمة سياسي بامتياز بناءآ علي طلب من الرئيس الامريكي دونالد ترامب وأن ابنها الجندي معارك ابو تايه كان في مهمة حراسة للقاعدة الجوية و لم تلتزم السيارة الثانية باتباع قواعد الدخول.

الجرائد الامريكية ووصفها لما تم و التعتيم عليه في الاردن

 بل و للدلالة تحدثت صحف امريكية ان السيارة الثانية اطلقت النار، فبادلها النار ثم كانت السيارة الثالثة التي قامت بفتح النار علي الجندي الاردني المكلف بالحراسة، مما يعني انه كان في حالة تأمين الحراسة 

المخابرات الامريكية اجرت تحقيقا و تم الحديث عن فيديو مصور للحادث الذي تم يوم الرابع من نوفمبر ٢٠١٧، و لكن لم ينشر الفيديو و لم يراه احد.

عندما اطلق النار علي السيارة الثانية التي لم تتبع القواعد و في حالة دفاع عن النفس في اطلاق النار علي السيارة الثالثة التي فتحت النار علي جندي اردني يحرس قاعدة جوية. 

وايضا من ادلة الاستدلال ان القتل ليس عمدا انه سمح للسيارة الاولي التي اتبعت التعليمات بالدخول دون اي اطلاق للنار. و ايضا قال مسؤولون اردنيون في البداية ان الجنود الاميركيين لم يلتفتوا الى الاوامر لوقفهم عندما اقتربوا من بوابة القاعدة، مما تسبب في حرج و تحسس للمخابرات الامريكية التي ارسلت فريقا من جهاز الاف بي اي للتحقيق و لنفي ذلك. 

وقال تقرير لاحق في صحيفة "واشنطن بوست" نقلا عن حسابات اردنية ان هذه الحادثة بدأت بالتفجير العرضي لسلاح داخل احدى السيارات التي كانت تقل الاميركيين الذين قالوا انهم جزء من "سي آي ايه” في برنامج لتدريب المتمردين السوريين.( المصدر جريدة الواشنطن بوست).

حياة و قيمة الجندي الاردني في مقابل الجندي الامريكي

مما سبق فالجندي معارك ابو تايه كان يؤدي دوره في الحماية حسب وجهة نظر الدفاع، و عندما انطلق التفجير من السيارة الثانية بعد أن سمح الجندي للسيارة الاولي بالدخول، قام باطلاق النار و هذا تصرف طبيعي ممن يقوم بحراسة بوابات الدخول و من تعليمات مسبقة من مدرائه، و عندما اطلق النار عليه من السيارة الثالثة كان في حالة دفاع عن النفس.

هذه هي الروايات التي تحتاج الي مراجعة في العرض امام هيئة المحكمة الموقرة، و اظهار الحقائق بشفافية، لأن حياة الجندي الاردني ليست اقل من حياة الجندي الامريكي، ولو تم عكس الحال فهل كنا سيسمح لاي جندي اردني الدخول الي قاعدة امريكية دون اتباع التعليمات؟، و اذا ما حدث نفس الشيء في الولايات المتحدة فهل كان الرئيس الامريكي سيستمع الي طلب اردني بتشديد الحكم علي جندي امريكي قد يكون بريئا؟.

مجلس النواب الاردني و غيابه عن التواجد الامريكي

ما حدث، خصوصا بعد عام من مقتل ضباط مخابرات امريكيون في منطقة عسكرية اخري بالاردن علي يد ضابط شرطة اردني يفتح الباب للتساؤل لماذا؟، وهل التواجد الامريكي يخضع لموافقة مجلس النواب و مجلس الوزراء ووزير الدفاع، خص،صا بعد تصريح رئيس الحكومة “ اننا في حالة حرب”؟، ام علي الشعب و مجلس النواب ان يعيش ويتم التفاجىء بالتواجدالعسكري واعداد و دور المخابرات الامريكية مع كل حادثة اطلاق نار.

من حق الجندي الاردني “معارك ابو تايه” ان يحظي باستئناف و مرافعة تنقل عبر التلفز بمنتهي الشفافية مع عرض كامل لما قيل انه شريط فيديو حصلت عليه وكاله الاستخبارات الامريكية، و أن تضع المحكمة في ارشيفها كل الجرائد الامريكية و تستدعي وزير الخارجية الاردني الذي صرح ان الامريكان لم يتبعوا التعليمات، و ان تحقق فيما ذكرته الصحف الامريكية الي أن الحادث “ارهابي” بفعل فاعل، مثلما من حق الجنود الاميريكيون في حماية و آمان من حق جنود الاردن المحاكمة العادلة.
و يبقي التساؤل هل كان الجندي بمفرده يحرس بوابة الدخول؟

القتل مرفوض و الارهاب مرفوض ايا كان الاسباب و المسببات

ايا كان الاغتيالات و القتل عن قصد هي جريمة يرفضها المجتمع بغض النظر عن القتيل و دوره، و لكن من حق الجندي الاردني محاكمة علنية لا حكم به ادني شبهه انه “سياسي لارضاء السيد الامريكي”.

 آذا كان فعلا قاصدا متقصد فالعقاب واجب بعد تواجد كافة الادلة التي تراها هيئة المحكمة الاردنية الموقرة، و حسب القوانين المتبعة و ملابسات الحادث و اسبابه و ليس بسبب النتائج او الاستباقية.

ومن صلاحيات رئيس هيئة الأركان المشتركة أو من يفوضه أن يلغي الأحكام الصادرة عن القادة المختصين وفقاً للصلاحيات المخولة إليهم حسب قانون العقوبات العسكرية لعام ٢٠٠٢، وأن يحيل القضية إلى محكمة عسكرية خلال أربعة عشر يوماً من تاريخ نشرها في الأمر اليومي، و هو ما ينتظره ابناء عشيرة الحويطات ضمانا لسلامة القضاء و التقاضي، و أن تعاد محاكمة حفيد “رأس حربة” جيش الثورة العربية الكبري.

في حوادث سرقة بالاكراه وقتل مماثلة في امريكا صدر الحكم بخمس عشر عاما ومن ثم في التمييز رفضها اعضاء المحكمة و حكم المتهم باقل من ذلك، و لم تكن القضية حراسة قاعدة جوية و دفاعا عنها و عن النفس. 
لذا القضية في القضاء العسكري لم تنته بعد، و في مراحلها الاولي حيث يحق للجندي الاردني التمييز و الاستئناف.

المواجهات و اغلاقات الطرق، في غياب الشفافية و الاعلام الحر و ديمقراطية التعبير، هي رسالة واضحة لفشل الحكومة الاردنية واعلان قرب رحيلها و تصدع قرارتها، ان لم يكن طردها بكتاب يعيد للجندي الاردني كرامته ويسمح باعادة النظر في القضية دون تسييس، وأن يصون حقوق ابناء الاردن العسكريين في محاكمات علنية عادلة و غير جائرة حسب ادعاء بيانات ابناء العشائر الذي يتضامن معهم الاردنيون جميعا.

[email protected]