ذات الرداء الأحمر، الجيش الأحمر، العملاق الأحمر، الكوكب الأحمر، القمر الأحمر، الهلال الأحمر، الصليب الأحمر، البحر الأحمر... وإلى آخر ما هنالك من أسماء ومُسميات حاولت قدر المستطاع اصطيادها لصبغ مقالتي بها عند غوصي في خضاب الأحمر. و"هنأت نفسي" لما وجدت أنني على عِلم بمعظمها وهو حال معظمكم أيضاً. حتى وإن لم أكن على دراية بواحدة منها فقد كان يسهل عليّ البحث عنها أو في أقل الأحوال فهم مدلولاتها. فمثلاً عندما مر معي "أيلول الأحمر" استشعرت بأن للتسمية مدلولاً حربياً، وقد ثبت لدي بالفعل أنها تعود لوثائقي يُسلط الضوء على إحدى الحروب الإعلامية. ومَرَدّ ذلك طبعاً، يعود بالدررجة الأولى إلى اللون لما يحمله من معانٍ تُشير إلى الخطر، الحسم، الرفض، الدموية، إثارة الحواس، لفت الانتباه، التحذير والتوقف الفوري، لذلك هو أحد ألوان إشارات المرور.

إذاً كما رأيتم لم يسلم أي أحمر في مقالتي من ذكري له، كدُبّ فالنتين الأحمر، مروراً بالفيل الأحمر في أدغال كينيا، انتهاء بالحمار الأحمر على هضبة التِبت!.. ولن آلو جهداً من ذكر المزيد.. لا لشيئ إلا "لأتباهى وأتماهى" بمعرفتي إلا من ذلك "الخط الأحمر" الذي يئِسْت من إيجاد تعريف له!

احتُل بيت المقدس وأقفل عشرات المرات، فاجتمَعوا واستنكَروا قائلين: "القدس خط أحمر"

هُدمت معالم وبنِيَت مستوطنات، فندَدوا وردَدوا: "القدس خط أحمر"

صودر حائط البُراق وسُمي حائط المبكى، فتباكوا صائحين: "خط أحمر.. خط أحمر"

بل أُحرِق الأقصى وحُفر تحته وقُتل المئات فوقه وطُرد الآلاف حوله، وهم ما برحوا ولا زالوا وما شبعوا من تشغيل نفس الأسطوانة القديمة! والأنْكى أن الفضائيات تنقل هذا التصريح من اجتماعاتهم بصفته خبراً عاجلاً وبالأحمر أيضاً!

أتابع وأضيف "متباهياً"، بأنني بت عارفاً بالأحمر المائل على "الأوزفايز" الألمانية، وبالأحمرين المتوازيين على اختبار الحمل، وبكل مفردة حمراء أغنت خلفيتي التعليمية حتى أضحت كقاموس الأحمر، باستثاء أن صحائفه خلت من "خطكم" الذي لم أجد له شرحاً، لا في مصباح الفيومي ولا عند أبو الحسن الأحمر!

هي الإشكالية الوحيدة التي أردت طرحها دون سواها بما أن مقالي ليس تحليلياً، وبناء عليه وبما أن خطكم الأحمر غير مُجْدٍ لوناً وطعماً، أجدني عندئذ سأتجرأ على القفز فوقه متجاوزاً معه كل الخطوط التي وضعها البشر من طول وعرض واستواء! فقط لأطلب منكم اجتماعاً واحداً يضاف على لائحة اجتماعتكم الطارئة المعتادة، لا تقررون ولا تتوعدون منه! فقط، تشرحون لنا فيه معاني هذا الخط وما المقصود منه بالتحديد.

أراني أناديكم.. أشد على أياديكم.. وأبوس المذياع تحت شفاهكم إن تفوهتم وعرّفتم لنا "الخط الأحمر"!؟

ما نحن على يقين منه ومن باب التسهيل نقول لكم، أن المحتل وإن كان يُجيد فهم لغتنا إلا أنه ينظر إلى ترجمتها الفعلية على الأرض. بل ما يهمه حقيقة هو قراءة الوجوه لا الكلمات، وطالما أن وجوهكم مصفرة فإن خطكم الأحمر الذي رسمتموه له وصُدر على الشاشات سيراه أخضراً في الساحات!

على العموم نحن بانتظار تعريفكم.