من المعلوم ان الكرد قومية عريقة فى منطقة الشرق الاوسط و لها تاريخها و جغرافيتها و لغتها و اقتصادها وحتى ديانتها المشتركة و كل الصفات و الخصوصيات التي لدى الاقوام الاخرى فى المنطقة كالفرس و الترك و العرب و غيرهم. ولكن لسوء حظهم لحد الان لم يحصلوا على اسقلالهم فى دولتهم القومية المستقلة كباقى الشعوب و الاقوام الاخرى. لعدة اسباب ذاتية و موضوعية خارجة عن سلطة وارادة الكرد انفسهم. من الاسباب الخارجية توزيع و تقسيم ارض وشعب كردستان الكبير على اربع دول فى المنطقة وهي كل من تركيا و ايران و العراق و سوريا نتيجة اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة فى 1916 اى قبل 100 عام كاملة، و احتلال كردستان من قبل الدول المنتصرة فى الحرب العالمية الاولى و من بعد ذالك احتلالها من قبل الدول المصطنعة من قبل الدول الكبرى حسب اتفاقية السلام المنتصرين فى باريس عام 1920.
الكرد، خلال تلك الـ 100 عام الماضية و قاومو كل الجهود المبذولة من قبل الانظمة الحاكمة فى تلك الدول وبمساعدة الدول الكبرى الشرقية و الغربية على حد سواء لمواجهه و تشريد الكرد من كل النواحى القومية و اللغوية و الحضارية و طمس هويتها القومية، قاوموا كل السياسات القمعية لكل من الانظمة الحاكمة فى تركيا و سوريا و ايران و عراق فى ان واحد. وهم الان اكبر قومية عرقية موجودة فى منطقة شرق الاوسط بدون وطن و دولة مستقلة، عددهم زهاء 50 مليون نسمة و بلدهم كردستان من اغنى بلاد المنطقة من ناحية وجود الثروات الطبيعية من النفط و الغاز الطبيعى و الثروات الطبيعية الاخرى كمواد خام صناعية و فيها مصادر للمياه العذبة المهمة فى عصرنا هذا و لها اراضى واسعة و شاسعة المفيدة وصالحة لكل انواع الزراعة والمحاصيل و لها مناخ مناسب للسياحة و الزراعة. وبشكل عام كردستان بلد غنى و شعبه شعب حيوى و منفتح و محب للسلام و التعايش المشترك مع القوميات و الشعوب الاخرى الموجودة فى المنطقة. ومن حقه الطبيعى و المشرع بان يكون له دولة مستقلة مثل باقى الشعوب المنطقة.
الكرد عامل ايجابى مهم و قوى لاستباب السلام و الامن و الاستقرار و الازدهار و التطور فى المنطقة و ليس عاملا سلبيا و مشؤوما و الدولة المستقلة الكردية ايضا تكون عاملا اكثر ايجابية لصالح الدول و الشعوب المنطقة مثلما هم فى صالح الشعب الكردى. لذا يجب ان تكون الدول و الانظمة الحاكمة فى المنطقة و بالاخص الانظمة الحاكمة فى كل من سوريا و تركيا و ايران و العراق يعرفون تلك الحقيقة بان ليس لهم لا امن و لا السلام الدائمييين بدون حل المسالة الكردية من جذورها و بطرق سلمية و سياسية و ليس العسكرية و القتل و التشريد و طمس الهوية و المقابر الجماعية و سياسة الارض المحروقة و الجينوسايد و عمليات الانفال و استخدام الاسلحة الكيمياوية ضدهم.لانهم كلهم جربوا تلك الطرق ولم يحصلوا على مبتغاهم فى طمس و محو الكرد عن الوجود.
والان خلال هذا الشهر اعلنت القيادة السياسية فى اقليم كردستان العراق بانها تنوى اجراء استفتاء شعبى عام على مصير الاقليم بان يكون مستقلا او يبقى داخل الدولة العراقية. ولكن هذا القرار جوبه من قبل الكثير من المناوئين و الاصدقاؤ وحتى داخل البيت الكردى نفسه بالرفض القاطع او طلب تاخير و تاجيل موعد الاستفتاء الى وقت اخر و ملائم،علما ان القيادة السياسية الكردية اعلنت يوم 25 ايلول2017 موعدا لاجراء الاستفتاء الشعبى.
هنا من حق الكرد و قيادته السياسية ان يسال الجميع من المناوئين و اصدقاء الكرد فى المنطقة والعالم، اى وقت مناسب للاستفتاء؟ وماهي الضمانات الشفوية او التحريرية لتاجيلها لموعد اخر؟ والى متى يكون التأجيل؟
الكرد بشكل عام وبالاكثرية المطلقة يريدون استقلالا تاما عن الدولة العراقية وكل الدول الاخرى فى تركيا و ايران و سوريا. و خاصة فى العراق بعد فشل الدولة المركزية خلال الـ 13 عاما الماضية فى حل المشاكل و المطالب المشروعة للكرد كشريك قوى و اساسى فى بناء الدولة العراقية الجديدة بعد عام 2003 من سقوط نظام البعث الصدامى المقبور،الدولة المركزية لم ولن يحاول ان تتجاوب مع مطالب المشروعة للكرد بشكل ايجابى وهى دائما ترفض المطالب و لم تتعاون مع حكومة اقليم كردستان من كل النواحى السياسية و الاقتصادية و المعيشية و العسكرية،لا بل هو تحاول سرا و علنا ان تحارب الكرد و يتقلص من حجمه و قدراته و نفوذه فى بغداد،وهى تحاول ان تحارب القوات البيشمركة الباسلة والمدافعة عن كل شبر من اراضى العراقية ضد الارهابيين الدواعش خلال 4 اعوام السابقة من خلال عدم مساعدتها من الناحية المعاشية و المستلزمات العسكرية و واللوجستية والحربية من العتاد و الاسلحة و غيرها. وهى قطعت حصة الاقليم فى موازنة العامة نسبة 17% من بداية عام 2014 ولحد الان،وهى لا ترسل حصة الاقليم من الغذاء و المستلزمات الطبية و حقوق الفلاحين بشكل منتظم و المتفق عليه سابقا. بكل هذه الاعمال اعلن الحكومة المركزية عدم قدرتها على التعامل الصحيح و المتوازن مع الكرد فى اقليم كردستان وهى السبب الرئيسى فى مطالبة الكرد بالاستفتاء على مستقبلهم مع العراق.مع الاخذ بالاعتبار بان للكرد ايضا مواقف غير دستورية ومناوئة ضد الحكومة المركزية. ولكن تقع المسؤولية الكبرى على عاتق السلطة المركزية فى بغداد وليس الاقليم. 
صحيح ان فى هذا الوقت الكل مشغولون بالحرب ضد الارهاب و الارهابيين من الدواعش و صحيح ان نصف اراضى كردستان العراق لحد الان مناطق مايسمى ((المتنازع عليها)) مابين الحكومة المركزية و حكومة اقليم كردستان، ولم يجدوا حلا توافقيا لتلك المشكلة المستعصية خلال تنفيذ مادة 140 من الدستور.
ولكن صبر الكرد على كل تلك المعاملات السيئة و غير الائقة و غير الانسانية و غير العادلة من قبل حكومة المركزية لها حدود، وبراي الكثيرين من الكرد الوقت ملائم و مناسب لاجراء عملية الاستفتاء الشعبى على مصيرهم و اعلان استقلالهم وهم مستعدون لكل النتائج الايجابية و السلبية الترتبة لتلك القرار المصيرى و المهم والحساس فى ان واحد.
اخيرا اذا قبل الكرد نصائح الاصدقاء بتاجيل موعد الاستفتاء الى موعد اخر، ماهي الضمانات الدولية و الاقليمية لاجرائها فى وقت مناسب وفى موعد اخر. و من حق الكرد ان يساءلوا اصدقائهم عن الضمانات المستقبلية فى تشجيع و تعاون و مساعدته فى اعلان استقلاله عن الحكومة المركزية فى بغداد.
صحيح ان الوضع الداخلى فى اقليم كردستان ليس مستقرا و بعيدا عن المشاكل و التناحرات السياسية و ليس ملائما اقتصاديا وعسكرىا و سياسيا، ومع الاسف الشديد ان الاستفتاء اصبح سببا فى ايقاد نار و شرارة التناحرات و الصراعات السياسية اكثر بين الاحزاب و القيادات السياسية بسبب عدم وجود اجماع سياسى بين الاحزاب السياسية من جهة و من جهة اخرى بين القيادة السياسية و المجتمع الكردى بسبب اغلاق باب البرلمان الكردستانى كمؤسسة قانونية ومنتخبة من قبل الشعب و الممثل الحقيقى للشعب الكردى وايضا بسبب الازمة المالية.
ولكن بشكل مبدئى الكل متفق على اجراء الاستفتاء ولا يوجد كردى واحد و شريف ان يقف موقفا عدوانيا ضد الاستقلال الكرد و كردستان لانهم يرون فى استقلالهم تحقيق امالهم و طموحاتهم و احلامهم التاريخية على ارض الواقع و بهذا يحصدون ثمرة ثوراتهم و مقاومتهم و ضحاياهم الكثيرة من اجل الحرية و الاستقلال و ايضا يعرفون تمام المعرفة بانهم يستقلون و يتحررون من نير الظلم و الاستبداد من قبل اخوانهم فى الدين و البشرية فى المنطقة.و هم يطالبون حكومة الاقليم باجراء خطوات نحو تحسين الحالة المعيشية و الاتحاد و ايجاد حلول ممكنة و سريعة لمعالجة الوضع السيىء من الناحية الاقتصادية. ومن المعلوم ان فى الانظمة الديمقراطية يعتبر شيئا عاديا وجود اراء و وجهات النظر المختلفة وحتى انتقاد العملية السياسية والية تنفيذها ووجود اصوات مخالفة عن راى الاكثرية بعدم اجراء الاستفتاء فى هذه المرحلة او تاخيرها لوقت مناسب ولكن من حسن الحظ ان الاكثرية المطلقة مع الاستفتاء و الاستقلال فى موعدهما المعلن. وهم مستعدون لكل المضايقات و الحصار و الضغوطات السياسية و الاقتصادية و العسكرية الاقليمية و الخارجية ضدهم و هم مستعدون لمقاومة كل المحاولات اليائسة لتثبيت و ترسيخ الاكثر للاحتلال و التقسيم و استمرار الوضع الحالى للكرد فى المنطقة.لانهم يرون بان لهم الحق وكل الحق فى اللاستقلال و بناء دولتهم الحرة المستقلة القومية و الوطنية كباقى شعوب المنطقة على اراضيهم التاريخية، و لهم نفس الشأن مثل باقى الشعوب وليس الكرد اقل شأنا منهم،وهم يسألون مرارا وتكرارا لماذا من حق الشعوب العربية و التركية و الفارسية بان يكون لهم الدولة المسقلة و حلال لهم و لكن حراما فقط على الكرد بان يكون لهم دولتهم المستقلة.

كاتب كردى من كردستان العراق
[email protected]