لم يعد فتح معبر طريبيل البري بين الأردن والعراق موضع تجاذب بين المصالح الإيرانية التي فضّلت أن يظل مغلقاً وبين مصالح العراق والأردن التي ترى في فتحه وتأمين الطريق إلى بغداد مصلحة للطرفين فقد تحول التجاذب اليوم بين بعض فصائل الحشد الشعبي الرافضة لمشاركة شركات أجنبية في حماية الطريق السريع وترحيب عشائر ونواب المحافظة، ، وكلا الطرفين يخوض صراعاً للاستئثار بصفقة حماية الطريق.

الأنباريون يرحبون بالاتفاق مع اشركة أجنبية لحماية الطريق، باعتبار أن المشروع استثماري سيوفر فرص عمل لعشرات الآلاف من أبناء المحافظة وسائقي الشاحنات، كما سيعيد تأهيل حوالي 20 جسر مدمر على الطريق، تعجز الدولة عن إعمارها في الوقت الحاضر. وهم يؤكدون أن الاتفاق مع الشركة الأمريكية لم يتوقف، وهو في طور المراحل الأخيرة في وزارة البلديات والإجراءات فيه مستمرة في بغداد.

ويرى هؤلاء أن اعتراض البعض على تكليف شركات أجنبية بتأمين الطريق الدولي، تدخل في باب الصراعات السياسية بين الكتل والتدخلات الخارجية، وأهدافها سياسية علماً بأن نحو 360 كم من الطريق غير مؤمن بالكامل رغم تواجد قوات الحشد الشعبي على الطريق الدولي بالإضافة إلى الجيش وحرس الحدود، ولذلك يبدو تكليف شركة أجنبية بمهمة تأمين الطريق عملية جيدة لأنها ستقوم بإصلاح الجسور المدمرة على الطريق إضافة إلى الاستعانة بأبناء المحافظة لمساعدتها في توفير عناصر الحماية، وهي فرصة لتشغيل الشباب وتحريك الاقتصاد المشلول في الأنبار منذ سنوات.

بعض فصائل الحشد الشعبي، من جانبها ترفض توجه حكومة العبادي لتكليف شركة أمريكية بمهمة حماية الطريق، وتؤكد قدرتها بالتعاون والتنسيق مع الحشد العشائري على توفير الحماية المطلوبة، وسياسياً يرى الحشد أن واشنطن تعتمد اليوم ستراتيجية جديدة ، بإعادة تواجدها العسكري في العراق، بعدما تأكدت من أن هزيمة داعش باتت وشيكة، وهي لذلك عمدت إلى نشر قواتها في قواعد رئيسة ومناطق مهمة في البلاد، لتوفير السيطرة التامة على الحدود العراقية السورية بذريعة منع إيران من استخدام الحدود البرية لدعم سوريا وحزب الله، ناهيك عن الهيمنة على مقدرات العراق ودعم الاطراف المحلية بهدف تمرير مشاريع التقسيم، وباعتبار أن الطريق الرابط بين العراق والاردن يعد ممرا استراتيجيا، يسمح لأمريكا والقوى التي تسعى للسيطرة عليه بفرض هيمنتها على الانبار خصوصاً والاقليم السني المقرر تشكيله وفق خطة أمريكية خليجية، وهو مشروع يأتي ايضا لضمان المصالح الاردنية.

في الأثناء أدخل رئيس الوزراء حيدر العبادي، عنصراً جديداً على هذا التنافس بإعلانه أن قوات عراقية ستقوم بتلك المهمة. بعد أن روج طويلاً للشركة الأميركية التي ستقوم بتأمين الطريق، علماً بأن تلك الشركة اختفت من المشهد بعد زيارة "يتيمة" للمنطقة. واكتشافها أن الحشد الشعبي أعلن عن تشييد ساتر ترابي يمتد لمسافة 300 كم. سمحت بمرور مجموعة من الشاحنات الفارغة في بروفة رمزية للتأكد من صلاحية الطريق وقدرة المركز الحدودي الذي تعرض لعدة هجمات من داعش على القيام بمهمته وهو يبدو اليوم من الناحية الفنية غير جاهز لاستقبال القوافل التجارية والمدنية. إذ مازالت هناك العديد من الجسور المدمرة التي لم تؤهّل، وعدم تأهيل المرافق الإدارية في المعبر، كدائرة الجمارك وغيرها.

كان من المفترض ان تبدأ شركة الزيتونه تأمين الطريق منذ تموز الماضي، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، فقد زارت الشركة الطريق مرة واحدة ثم اختفت ولايوجد لها مكتب في الانبار. وثارت مؤخرا، شكوك حول كون الشركة الامريكية واجهة لـ(بلاك ووتر) سيئة الصيت في العراق، التي تورطت بمقتل عدد من العراقيين في عام 2007
لكن الشركة كانت قد عملت في حماية حقول النفط في الجنوب، والحقيقة أن الشكوك حول حقيقة الشركة تعود الى "التنافس على العقد". وكانت هذه الشركة ستقوم بحماية الطريق على مسافة 5 كليومترات من كل جانب، لكن إجراءات التعاقد عطلت مباشرتها العمل، بينما يقول البعض إنها ترفض بدء عملها قبل تحرير مناطق غرب الانبار، لأنها ليست ذات مهمة قتالية.

وتستمر السجالات بين بعض ففصائل الحشد من جهة وبين الأنباريين من جهة ثانية أيهما يفوز بكعكة حماية الطريق الذي سيظل مع طريبيل مغلقا حتى يتخذ العبادي بعون الله القرار الذي يصب في مصلحة العراق والعراقيين.