مجرد اطلاق تسمية (غصن الزيتون) على العمليات الحربية واسعة النطاق التي تشنها حكومة السيد اردوغان ضد الشعب الكوردي في مناطق عفرين دليل كافي على النهج العدواني اللاإنساني الذي تمارسه هذه الحكومة وطريقة تفكير مراكز القرار فيها التي تصور قتل الأبرياء واباحة دمائهم واجتياح أراضي الغير وتدمير العديد من القرى والدساكر بأنه (غصن زيتون) الذي عرفته اغلب الحضارات البشرية من خلال قصة الحمامة التي عادة الى سفينة نوح وهي تحمل غصن زيتون دليلا على وجود الأرض واليابسة ونهاية الطوفان وبداية الحياة الجديدة والامن والسلام.

هذه هي العقلية التي تعادي كل ما هو كوردستاني وتنشر الخراب والدمار أينما حلت وتعتبر الايغال في الدم الكوردي (غصن زيتون)!

المؤسف والمحزن ان تجري هذه العملية العدوانية البشعة تحت انظار العالم لاسيما روسيا الاتحادية التي انسحبت من عفرين لتسمح بإتمام الجريمة والولايات المتحدة التي منحت تركيا الضوء الأخضر على حد قول المحلل السياسي التركي (عمر كوش) لصفحة ( المصراوي) بتأريخ 22/1/2018 بالإضافة الى تصريحات وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الذي اكد على ان انقرة أبلغت الولايات المتحدة الامريكية مسبقا بالعمليات وان لتركيا مخاوف امنية (مشروعة!)، هذا الموقف الذي يزيد من عزلة أمريكا في المنطقة عامة وسوريا خاصة كما ورد في تقرير معهد الشرق الأوسط الذي اعده السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد واكد على (ضرورة ان تعزز أمريكا من تحالفها مع الكورد او الخروج من سوريا تماما)وربما الخروج من المنطقة برمتها.

(غصن الزيتون) التركي لا يهدد فقط حياة الالاف من المواطنين في منطقة عفرين وانما ينسف عملية (التسوية السلمية) في سوريا ويؤدي الى تجدد التهديدات الإرهابية و عودتها بقوة الى الساحة السورية بالإضافة الى انها تهدد الامن والسلام الهش في منطقة الشرق الأوسط حسب تصريحات جاويش اوغلو الذي قال في كلمته بمدينة أنطاليا جنوبي البلاد (إن بعض الدول تطلب من تركيا حصر عملية «غصن الزيتون» بمنطقة عفرين) وقال (إن كنتم تقصدون بإبقاء العملية محدودة فقط ضمن حدود عفرين وأن لا نمضي أبعد منها، فهذا الطلب لا يعني لنا شيئاً) كما اكد ان (التهديدات الإرهابية إن أتت من عفرين أومن شنكال أو من قنديل أو من منبج أو من شرق الفرات، أو أي مكان آخر سنتصدى لها ونبيد التنظيم الإرهابي) مما يعني حربا شاملة ضد ما يسميه بالإرهاب زورا وبهتانا مع ان دولته هي التي تمارس الإرهاب ضد الشعب الكوردستاني ومواطني الشمال السوري العزل وتهدد باجتياح كوردستان العراق اذ يبدو ان النظام المعزول والمرفوض داخليا وعلى المستويين الإقليمي والدولي الى حد كبير يصدق اوهامه حول إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية. 

الاستنكارات الخجولة وطلبات التهدئة وعدم التصعيد لا تنقذ حياة أبناء عفرين المغدورة من جبروت الالة العسكرية لثاني قوة في حلف الناتو وطائراتها التي تقصف المدنيين وتقتل الأبرياء من النساء والشيوخ والأطفال وعلى العالم المتحضر لا سيما الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الامريكية ان كان لديهما أي احترام للإنسان وكرامته وحريته ان تدخل من خلال موقف حاسم لإنقاذ عفرين من المجزرة المتوقعة فيما اذا قدر لقوات الاحتلال التركي ان تنجح في مسعاها الاجرامي والتي لم يسمع العالم عنها وعن بطولاتها غيرقتل المواطنين الكورد العزل وحرق قراهم وتدمير مدنهم ومحاولة الغاء وجودهم ولغتهم وثقافتهم الوطنية وأيضا من اجل انقاذ وحماية البقية الباقية من الامن والسلام والاستقرار في المنطقة إزاء الطموحات المجنونة للسلطان العثماني المصاب بمرض فوبيا كوردستان ووزير خارجيته الذي يعلن صراحة بان طلب عدم التصعيد لا يعني لهم شيئا!!

[email protected]