في الحديث السابق رأينا كيف ان الكثافة السكانية للكرد في مناطقهم تشكل قلقا وارقا كبيرا لدى جميع الحكومات التركية خوفا من انفصال واستقلال الكرد عن تركيا .

كل الزعماء الاتراك منذ الاستقلال عام 1923 وحتى الآن فشلوا في تفتيت الكثافة الكردية . 

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هو الاكثر طموحا للوصول الى مرتبة الزعيم القومي الذي بدد التهديد الكردي بالقضاء على الديموغرافيا الكردية .

 ولكن كيف سينجح الرئيس التركي اردوغان في ما فشل فيه الآخرون ؟

هبط الحظ من السماء على اردوغان .فقد وصل ثلاثة ملايين ونصف المليون مهجر سوري الى داخل الاراضي التركية مع بداية الثورة السورية .

بدأ اردوغان في التخطيط لتوطين المهجرين السوريين ذوي الاغلبية العربية في المناطق الكردية و بذلك يكون قد فتت جزءا كبيرا من الكثافة السكانية الكردية في تركيا . ليس هذا فحسب وانما يكون قد اسس لعداوة بين الشعبين الكردي والعربي على مستوى الشرق الاوسط المتأزم و يستطيع تأجيج هذا العداء متى ما اراد .

بدأ مشروع التوطين باطلاق بالونات اختبار لمعرفة ردود فعل سكان المنطقة . تم تسريب خبر التوطين في الصحافة والاعلام بالتلميح الى ان الدولة ستمنح الجنسية التركية للمهجرين السوررين ومن ثم توطينهم في جنوب شرق البلاد اي المناطق الكردية المتاخمة للشمال السوري .

ردود فعل السكان كانت واضحة بالرفض المطلق .الحكومة واجهزتها خافت من نشوب حرب اهلية قد تؤدي في النهاية الى تدخل خارجي لذلك تراجعت الدولة عن هذا المشروع .

الهدف من المشروع لم يكن مساعدة ودعم المهجر السوري ولو كان الامر كذلك لتم توطينهم في الساحل الغربي على البحر الابيض المتوسط او بحر ايجة او بحر مرمرة او البحر الاسود وكلها مناطق متطورة وثرية مقارنة بالمناطق الكردية الفقيرة والمضطربة والمغضوب عليها منذ الاستقلال عام 1923 .

زعماء المعارضة السورية لم لم يتطرقوا الى المشروع ولو بكلمة واحدة .

ولماذا ؟...... فهم يسكنون في استانبول مع رواتب وامتيازات لا حصر لها .

اردوغان استمر في مشروعه الآخر وهو منح الجنسية التركية لهؤلاء الملايين المهجرين السوريين ولكن رد فعل القوميين الاتراك كانت رافضة قطعا .

 اما قوى المعارضة السياسية التركية واحزابها فقد اتهمت اردوغان بأن مشروع التجنيس هذا ليس له اي دافع انساني وانما كل ما يعنيه هو تقوية تيار الاخاون المسلمين بين المهجرين وامتدادتهم في الخارج وكذلك تحويلهم الى خزينة اصوات انتخابية لاردوغان وحزبه في الانتخابات .

اثناء انشغال الرئيس التركي بالمشاريع المذكورة اعلاه كانت الجهود تسير على قدم وساق للاستفادة من هذا الكنز السوري المهجر . لقد تم تجنيد المهجرين في التنظيمات الارهابية من القاعدة والنصرة والعشرات من مشتقاتها المعروفة للجميع ليكونوا حطبا في محرقة الحروب التركية . 

الابتزاز التركي للمهجرين وصل الى سفك الدم السوري على ايدي السوريين وهو ما نشاهده الآن في الحرب على عفرين حيث يسير الجيش الحر المشكل من المهجرين جنبا الى جنب مع الجيش التركي الذي يقتل الكرد السوريين و يحتل ارضا سورية ويدمر مدنها وقراها .

تركيا ساومت الاتحاد الاوربي على منح الاتراك حق السفر والتنقل في دولها دون تأشيرة اي فيزا مقابل منع المهجرين السوريين من التوجه الى اوربا .

يعني ان تركيا تريد ان ينعم مواطنوها بالامتيازات الاوربية في الوقت الذي تحرم ذلك على المهجرين السوريين بمنعهم من الهجرة الى اوربا .

الاتحاد الاوربي لم يوافق في النهاية على الفيزا المفتوحة واردوغان لا يزال يكرر ويعيد بان اوربا خدعتهم وذلك عندما تراجعت عن وعودها في هذا المجال .

ماهي المشاريع والخطط التركية في استغلال المهجرين مستقبلا ؟ لا نعرف طبعا ولكن من المؤكد انها ستستمر......

على من يسمون انفسهم بالمعارضة ان يتحركوا فورا للحفاظ على ارواح ودماء الشباب التي تسيل الآن على الارض السورية وفي خدمة الاجنبي .

كاتب كردي