شعوب عديدة تحتفل بعيد عيد نوروز ( اليوم الجديد)،الذي يصادف 21 آذار من كل عام ، مثل الفرس والاكراد والأفغان والآذاريين والطاجيك والبلوش. تعود جذور هذا العيد القديم الى (الديانة الزرادشتية). كان يحتفل أتباعها بانتهاء فصل الشتاء ، أشهر البرد والسبات، وانبعاث الحياة من جديد في الطبيعة مع بدء فصل الربيع والاعتدال في آذار . لا الأكراد ولا غيرهم من الأقوام والشعوب التي تحتفل بعيد النوروز، لديه وثائق ومستندات تاريخية ، توثق للعيد أوتبين حدث تاريخي (سياسي او عسكري أو اجتماعي) محدد بالزمان والمكان يرتبط بعيد النوروز وتؤرخ له، كما هو حال الأعياد الدينية المعروفة لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين . كل ما يحكى ويُروى عن نوروز لا سند علمي أو تاريخي له ، إنما هو من نسج الخيال والحكايات الشعبية والقصص والاساطير والملاحم الشعبية ، تناقلتها الاجيال. لكل قوم رؤيته ومفاهيمه ودلالاته الرمزية الخاصة بهذا العيد، تتوافق وتنسجم مع تاريخه وثقافته وتخدم الاهداف السياسية والاجندة القومية التي يريدها من الاحتفال بعيد النوروز. لا بل، داخل كل شعب نرى أكثر من تصور لمعاني ودلالات هذا العيد.من بين الروايات الكردية لعيد النوروز ، تلك التي تُبرز "كاوا الحداد"،كشخصية اسطورية ، ثارت وانتصرت على ملك آشوري ، تصفه بـالشرير،مارس الظلم والقهر على الكرد. تقول الرواية " كان هناك ملكُ اشوري شريّرُيسَمّى(الضحاك). هذا الملك ومملكته قد لُعِنا بسبب شرِّه. حتى الشمس رَفضتْ الشْروق وكان من المستحيلَ نَمُو أيّ نبات. كان لدى الملك (الضحاك) لعنةُ إضافيةُ وهي امتِلاك أفعيين رَبطتا بأكتافِه. عندما كَانتْ الأفاعي تجوع،كَانَ الملك يشعر بألمِ عظيمِ، والشيء الوحيد الذي يَرضي جوعَ الأفاعي كَانتْ أدمغةَ الأطفال. لذا كان كُلّ يوم يقتل اثنان من أطفالِ القُرى المجاورة ويقدم أدمغتهم إلى الأفاعي. كاوى كَانَ الحدادَ المحليَّ الذي كُرِهَ الملكَ لأنه قتل 16 مِنْأطفالِه الـ17الذين ضُحّي بهم لأفاعي الملكَ.... كبر الأطفال في الجبال وخلق كاوى منهم جيشاً لا يهزم بهدف القضاء على الملكِ الشريّرِ. وعندما أصبحت اعدادهم عظيمة، نَزلوا مِنْ الجبالِ واقتحموا القلعةَ. وكان كاوى قد أخذ على عاتقه إنزال الضربةَ القاتلةَ بالملكِ الشريّر(ِالضحاك). وكانت إشارة البدء بالثورة هي إضرام النار في قمة الجبل ، ذلك الصباح بدأت الشمس بالشروق ثانية وأزهرت النباتات من جديد وبات ذلك اليوم هو يوم عيد النوروز . عيد الكرد وسائر شعوب المنطقة". هكذا، في الوقت الذي يُطلب وينتظر تحريرالعلاقة( الكردية – الآشورية) من رواسب وتراكمات الماضي السلبي ومد جسورالثقة والتعاون السياسي والثقافي والمجتمعي والاقتصادي ، بما يعزز اسس التآخي وأواصر العيش المشترك بين الشعبين المتجاورين في الجغرافيا والتاريخ، قامت مجلة (مزكين) الكردية للأطفال، بعددها (78) 15 آذار 2018 ، بنشر هذه الحكاية الكردية الشعبية المسيئة جداً للشعب الآشوري . مجلة(مزكين) تصدرها (مؤسسة روناهي في شمال سوريا)، وهي منالمؤسسات الثقافية الاعلامية التابعة لـ(حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي، الذي يدير كـ"سلطة أمر واقع " ما يسمى بـ"الادارة الذاتية الديمقراطية- الكردية" التي اعلنها في الشمال السوري". الرواية الكردية، تفتقر الى المصداقية والتوثيق. فهي لا تحدد زمان ومكان وقوع أحداثها. ما من (وثيقة تاريخية) تشير الى ظهور ملك آشوري باسم (الضحاك). أنها مجرد أسطورة " خرافة" لا تمت للواقع بشيء ولا اساس لها في التاريخ . ونحن نتناول الرواية الكردية المتعلقة بعيد النوروز، نتساءل: هل قدرت هيئة تحرير مجلة "مزكين"التأثير السلبي والخطير لهكذا رواية، مسيئة للشعب الآشوري، على مشاعرالطفل الكردي تجاه الطفل الآشوري، وهما يجلسان معاً على ذات المقعد الدراسي ؟؟. شعار المجلة " الاطفال مستقبلنا". لأي مستقبل ولأي نوع من العلاقة (الكردية – الآشورية) تسعى، ما يسمى بالإدارة الكردية، من خلال قيام مؤسساتها الثقافية والاعلامية (مؤسسة روناهي) نشر رواية في مجلة للطفولة، مسمومة ببذور الحقد والكراهية العرقية؟؟ . نشأة الاطفال في بيئةثقافية واجتماعية مشوهة ومشحونة بثقافة الحقد والكراهية العرقية، تنسفمصداقية المؤسسات الثقافية والسياسية والمجتمعية والمدنية التابعة لما يسمى بالإدارة الكردية، لجهة العمل على تعزيز "أخوة الشعوب" وإحقاق مشروع " الأمم الديمقراطية". الأمر سيكون أكثر سوءاً وخطورة، إذا ما أُدرجت هذه الرواية السيئة، ضمن مناهج التعليم في المدارس الخاضعة لسلطة "الأمر الواقع" الكردية. الكثير من الأخوة الكرد، يشتمون ويهاجمون كل من يشير الى المشاركة الكردية، الى جانب الاتراك العثمانيين، في المذابحوعمليات (الابادة الجماعية) لعام 1915بحق مسيحيي السلطنة العثمانية، منآشوريين(سرياناً وكلدناً) وارمن وغيرهم، علماً أن الابادة حصلت وهي موثقة بتفاصيلها وأحداثها و العديد من الشهود على تلك المذابح والناجين منهامازالوا أحياء يعيشون بيننا، وقد اعترفت بها عشرات من دول العالم . بعد أيام(24 نيسان) تحل ذكراها الثالثة بعد المئة. الشاتمون الكرد ، يجدون في الاشارة الى المشاركة الكردية بالجرائم الانسانية التي ارتكبت بحق مسيحيي السلطنة العثمانية الاسلامية، اساءة للشعب الكردي وتشويهاً لتاريخه. لا أدري ماذا سيقول هؤلاء الكرد عن قيام مجلة "مزكين" الكردية، بنشر حكاية اسطورية ،كاذبة سخيفة، لا من عاقل يقبلها ويصدقها ، لا تمت الى الواقع والحقيقة بشيء، الهدف الاساسي وربما الوحيد من نشرها، هو الاساءة للشعب الآشوري وتصوريه على أنه العدو التاريخي للكرد . نشر هكذا روايات مسمومة، يندرج في اطار نهج التسيس للتاريخ ، وبهدف ترسيخ ثقافة الانتقام لدى الانسان الكردي من الشعب الآشوري ؟؟

 

أخيراً: هل ستتحرك "هيئة أو وزارة حقوق الانسان" في ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية" الكردية، للضغط على "مؤسسة روناهي في شمال سوريا " وارغامها على تقديم "اعتذار" صريح للشعب الآشوري (سرياني/كلداني) عن الاساءة التي لحقت به جراء نشر الرواية المشارة اليها في مجلة "مزكين" ؟؟

سليمان يوسف يوسف.. باحث سوري مهتم بقضايا الاقليات

[email protected]