خنق وتركيع إقليم كوردستان: 

بعد ان سيطرت القوات العراقية في 16 اكتوبر 2017 على مناطق عدة في مدينة كركوك الغنية بالنفط، والمناطق المتنازع عليها والمطارات والمنافذ الحدودية، اتفقت بغداد مع( تركيا وإيران) اللتين تخشيان من أن يشجع الاستفتاء والانفصال قيام كيانات كوردية مستقلة على أراضيهما، اتفقوا من اجل خنق وتركيع الإقليم سياسيا واقتصاديا ،وذالك من اجل الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية أرضا وشعبا، وانقاذ (الدستور والقانون) على حد تعبير رئيس الوزراء العراقي السيد العبادي. 

إضافة إلى ما ذكر أعلاه ، نجد من الضروري والمهم جدا الالتفات إلى نقطة مهمة للغاية الا وهي : بالرغم من التنافس الإقليمي الحاد بين تركيا وايران والموروث من الإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية وتحديدا بعد معركة ( جالديران )( 1)،الا ان مصالح طهران وأنقرة التقت من جديد حول الحفاظ على سيادة أراضي العراق واخماد شرارة لهيب إستفتاء انفصال الإقليم عن العراق .. 

اضافة الى ذالك قطعت تركيا ( الجارة الصديقة جدا ) علاقاتها الاقتصادية مع الإقليم وجازفت بعشرة مليارات دولار سنويا من العائدات التجارية ومن استيراد النفط والغاز ورسوم المرور بعد ان اصبح الاقليم أحد أكبر الأسواق المستوردة للبضائع التركية البائسة ..

وان كلام ( رجب طيب اردوغان) يوم السبت المصادف 2 /12 / 2017 في خطاب ألقاه أمام المواطنين في ولاية (قارص) شرقي البلاد كان واضحا وصريحا جدا عندما قال، : ( لا يظن أحد أن تراب هذا الوطن (تركيا) سيقسم، ومن يريدون ذلك عليهم أن يعلموا أن (طائراتنا ستطمرهم بالقنابل وتدفنهم )، كما فعلت في( قنديل )،، واستطرد اردوغان قائلا : ( أن تركيا ترفض أي تغيير في جغرافيا المنطقة وتدعم وحدة الأراضي العراقية والسورية ) .

الواقع شيء والتمني شيء اخر : ـ 

على الرغم من أن حق تقرير المصير بالنسبة للشعب الكوردي ، هو حق مشروع مثل باقي الشعوب الأخرى التي أقامت أوطان قومية، إلا ان تطبيق هذا الحق على اراض الواقع، لا يمكن أن يمر بقرار كوردي ( من طرف واحد )، ولا يمكن اطلاقا أن تتشكل حدود «الدولة الكوردية المستقلة » بصيغة فرض الأمر الواقع ، في حين ان حدود الإقليم لا تزال موضع خلاف سياسي قانوني بين بغداد واربيل وفق المادة الثانية من مشروع دستورالاقليم)(2) والمادة (140) من الدستور العراقي الدائم. 

بمعى ادق، بدون ( اتفاق مسبق مع الحكومة العراقية وموافقة الدول المجاورة ( ايران وتركيا وسوريا ) على استقلال اقليم كوردستان والتي تخشى هذه الدول من انتشار عدوى الانفصال اليها اضافة الى دوافع ( جيوسياسية وجيواستراتيجية )، وبدون موافقة الدول العظمى وتحديدا واشنطن التي تخشى من ضياع مصالحها الاقتصادية في منطقة غنية بالنفط والغاز، حيث يمتلك إقليم كوردستان احتياطيات نفطية تقدر بـ 45 مليار برميل، وغاز بنحو 5.7 تريليون متر ) ، بدون موافقة هذه الدول، سيبقى حلم الكورد بكيان مستقل بعيد المنال كما اشرنا بالتفصيل في مقالاتنا السابقة وتحديدا قبل اجراء الإستفتاء الكوردستاني والتي نشرت في (إيلاف ). 

*اتطرق باختصار في الجزء القادم، إلى ( الموقف الأمريكي من العراق وإقليم كوردستان، كما نجيب على سؤال الذي طرحه السيد مسعود البارزاني بعد تنحيه عن منصبه رسميًا كرئيس إقليم كوردستان ، "لماذا تريد واشنطن معاقبة كوردستان ؟"

يتبع 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ معركة ( جالديران ) ( 1514 م )، هي المعركة التي وقعت بين الدولتين ( الصفوية والعثمانية) و انتهت بانتصار القوات العثمانية واحتلالها مدينة (تبريز)عاصمة الدولة الصفوية واستلائها على مناطق كثيرة اخرى منها جزء من (كوردستان )، ونتيجة هذه الحروب والصراعات الاقليمية ، تجزأت أرض كوردستان لأول مرة في التاريخ وقُسمت بين العثمانيين والصفويين.

2 ـ تنص المادة (2) من مشروع دستور إقليم كوردستان على :أولاًـ كوردستان ـ العراق كيان جغرافي تاريخي تتكون من محافظة دهوك بحدودها الادارية الحالية ومحافظات كركوك والسليمانية وأربيل وأقضية عقرة والشيخان وسنجار وتلكيف وقرقوش ونواحي زمار وبعشيقة واسكي كلك من محافظة نينوى وقضائي خانقين ومندلي من محافظة ديالى وذلك بحدودها الادارية قبل عام 1968.