لم يترك الباحثون في عالم السوشيال ميديا موضوعا يتعلق بموقع التواصل الشهير الفيسبوك الا وتمت مناقشته والكتابة حوله من اجل ادراك وكشف كل جوانبه وأبعاده، متطرقين الى الخصائص التي يتمتع بها الموقع، والحاجات التي ادت لاستخدامه على هذا النحو المفرط، والنتائج التي تترتب على ادمان التعامل معه، بالاضافة الى جوانب اخرى سياسية واقتصادية واجتماعية وانسانية وغيرها.

آخر الابحاث التي كتبت في هذا المجال كانت الدراسة التي قدمها مشروع مكافحة الارهاب بواسطة الباحثينِ كريكوري واترس و روبرتس بوستنج والتي سترى النور في وقت لاحق هذا الشهر.

الدراسة كشفت النقاب عن ميزة معينة في الفيسبوك استفاد منها الارهابيون على نحو كبير ولدرجة لم يكن يتصورها اي باحث في مجال مكافحة التطرف والارهاب، بل وحتى اي مستخدم من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

هذه الميزة هي ( suggested friends ) اي الاصدقاء المقترحون ، اذ عن طريق هذه الميزة يقوم الفيسبوك بتقديم اقتراح لاي مستخدم، وهو ان يعرض امامه قائمة بالاصدقاء المقترحين له وذلك بناءً على الاهتمامات المشتركة common interests لهذه المجموعة من المستخدمين . 

وهذا يعني ان الفيسبوك، ومن خلال اللوغاريتم الخاص به، قد قام بتقديم الارهابيين،في العراق وسوريا ، بعضهم لبعض، وبالتالي ساهم في انشاء شبكة او مجتمع رقمي متكامل ومترابط لجماعة اصولية متطرفة ذات اهداف خطيرة على المجتمع والدول في كل انحاء العالم.

الدراسة تمت بعد مراقبة اكثر من الف حساب متعاطف او مؤيد لداعش من 96 دولة، ووجدت في نتيجتها ان هذه الحسابات الداعمة لداعش قد شكلت شبكة كبيرة بسبب هذه الخاصية، مع ان الفيسبوك خلال فترة ستة اشهر قد قام بايقاف نصف هذه الحسابات التي تشكلت بسبب احدى الخصائص التي قدمها الفيسبوك بنفسه لهؤلاء المتطرفين !

كما قام الفيسبوك بحذف منشورات تدعو للعنف والكراهية، مثلما لاحظت الدراسة، لكنها لم تحذف حساب الشخص المتطرف، بل ان هنالك حسابات لارهابيين قد تم اعادة تنشيطها بعد حذفها وذلك اثر طلب المتطرف نفسه ارجاع حسابه من الشركة !

ويؤكد روبرت بوستنج، في حديث لصحيفة التيلغراف، انه حالما قام بالضغط على صفحة لافكار متطرفة فانه تلقى بعدها اقتراحات للصداقة من حسابات لمتطرفين، وبذلك اسهم الفيسبوك، من غير قصد، ببناء شبكة او نظام ربط الارهابيين والمتطرفين بعضهم ببعض في الفضاء الرقمي غير محدود الابعاد.

وتسوق الدراسة مثالا واضحا تمثّل في قصة مواطن اندونيسي مؤيد لداعش ارسل طلب صداقة لشخص في الولايات المتحدة الامريكية / نيوروك في آذار 2017, والذي ظهر في قائمة الاقتراحات للاندونيسي، ثم تبين ان المواطن الامريكي ليس دينيا اصلا، وانما مهتم بالاسلام وفي شؤونه، ولكن ، واستنادا لصفة اقتراحات الاصدقاء، فان الفيسبوك قد جعل حساب المواطن الامريكي يظهر امام الاندونيسي كشخص مهتم بذات الاهتمام الذي اهتم به الاخير.

وهذا يعني ان الفيسبوك يقوم بتسهيل جمع مثل هذه الحسابات، التي تتبنى ايديولوجيا اصولية متطرفة، لتشكل شبكة او مجتمعا افتراضيا معينا متداخل العلاقات يعمل في اتجاه تسويق مبادئ التطرف ونشر الكراهية و بث الإرهاب في ارجاء العالم.

باحث في مواقع التواصل الاجتماعي