منذ بدات الثورة السورية العظيمة، قبل سبع سنوات ونيف، ومنذ شهرها الأول تناولت الموقف الإسرائيلي من الثورة. كان هاجسي وخوفي ان إسرائيل ستدعم الأسد. طبعا من النافل الحديث عن الموقف الإسرائيلي دون رؤية الموقف الأمريكي. كان هنالك شبه تطابق بين الموقفين، يشير الى سيناريو حقير، وحقيرا جدا عنوانه" تدمير البلد وبقاء الأسد" الملايين في الشوارع تطالب بحريتها، وانت تخرج لتقول: انتبهوا إسرائيل خلف الباب. ما كان ممكن ان تستمع الناس لهذا" الهراء" لان مجرد خروج الشعب السوري الى الشارع والمطالبة بحريته، هذا كان في منطقة" المستحيل التفكير فيه" ان يحدث وحدث. كانت فرحة اكبر من أي فرحة أخرى. اكبر من أي تحليل. حتى في لقاءات المعارضة ومؤتمراتها ومؤسساتها. كنت اردد موقفي هذا. الذي يتلخص" دون قرار امريكي- يعني إسرائيلي أيضا- لن يسقط الأسد لا بالسلمية ولا بالسلاح". الذين لم يكن يريدون سماع ذلك، ليس لانهم لايريدون بل لان الزخم والفرحة تلك لم يكن احد قادر على تصديق، ما اهرف به. طبعا اذا احسنا النوايا في قراءة المشهد المعارض، الذي لم يصدق نفسه بعدما تفاجأ بانطلاق هذه الثورة العظيمة، انه صار قائدها السياسي. بقي الموقف الأمريكي والإسرائيلي على حاله ولم يتغير. سمحت إسرائيل وامريكا لإيران وجحافلها من المرتزقة من نصر الله لعصائب اهل الحق للافغان وغيرهم ان يدخلوا سورية ويقتلوا شعبها ويدمروا حياته، بناء على استجداء الأسد. ثم سمحوا لبوتين بالتدخل واستخدام الفيتو اثني عشرة مرة. والنفخ الأمريكي والإسرائيلي والاوروبي الخسيس، بان قوة بوتين وايران لا يمكن مواجهتهما. على هذا الأساس تركت البلد للتدمير الاسدي الإيراني الروسي. على هذه الخلفية التي برأيي وللأسف لم تتغير المواقف فيها حتى اللحظة. خرجت إسرائيل بمعزوفة الخطر الإيراني ويجب طرد ايران من سورية. طبعا جاء قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي معها ليؤكد: ان واشنطن ابيب، تتحكم بالملف السوري، كما كنا نقول ونتحدث منذ ذلك الحين.
منذ اقل من شهر تقريبا، والمواقع الإيرانية في سورية تتعرض لعمليات عسكرية إسرائيلية، منها عبر الطيران الإسرائيلي، ومنها عمليات استخباراتية لا تريد إسرائيل الإعلان عن مسؤوليتها عنها. هذه الحملة فيها درجة من القوة العسكرية المستخدمة، تشير الى ان هنالك جدية إسرائيلية، باقناع العالم انها تريد طرد ايران من سورية!! ببساطة لو كانت هذه الأطراف التي تتحدث عن الخطر الإيراني في سورية، تريد فعلا طرد ايران من سورية كما تدعي، كانت الحسبة بسيطة" انتاج حل سياسي يطيح بالاسد من قبل أمريكا" وبالتالي تصير مسالة طرد ايران تحصيل حاصل. ثمة أمر آخر ألى جانب هذه التحشيدات لمعركة طرد ايران، هنالك عنوان يستخدمه المسؤولون الإسرائيليون وهو" أنه اذا أراد الأسد الاستمرار عليه طرد ايران" او تصريح ليبرمان" اذا أراد الأسد ان يبقى حيا عليه طرد ايران" والا سنقوم باغتياله بعد إخراجه من مخبأه" ماذا تعني هذه التصريحات غير محاولة تلميع الأسد وتعويمه، على خلفية هذه الحملة التي تحمل عنوان" طرد ايران". اذا الموقف الإسرائيلي والامريكي لم يتغير ابدا حتى اللحظة من شعارهم الأساس" تدمير البلد وبقاء الأسد" لهذا سمحوا باحتلال الثورة من قبل ايران وروسيا وتركيا، ثم أمريكا وفرنسا. الاحتلالات الثلاث الأولى أتت بطلب من الأسد، وشرعنت من خلال ما يعرف بلقاء استانة الثلاثي، والبقية بدون استشارة احد. لهذا من الصعب ان تمر هذه الهمروجة على من يعرف حقيقة الموقف الإسرائيلي، وأتمنى بالطبع ان أكون مخطئا. ما استنتجه من العزف الإسرائيلي على طرد ايران، انها النقلة ربما الأخيرة في جعبتها لتعويم الأسد. لانه لا مؤشرات مطلقا عن تغير في الموقف الأمريكي الإسرائيلي من الاسدية.