&
&
مسرحية ريتشارد الثالث &الطفل المولود قبل أوانه أطفال الخُدَجْ ولد أعرج وأحدب ومشوه خلال حرب الوردتين التي اندلعت بعد وفاة هنري الخامس، وأنتهت تحول &ريتشاد الى القتل والبُغُضْ والانتقام وأصبح ملكآ وهو نموذج للسياسي الماكر في كل العصور والفاسد يحلم بالكرسي لغرض تحقيق طموحاته الغير مشروعة يعمل بلا رحمة يقتل كل من ينافسة من ألأعداء &والاصدقاء والاقارب . مسرحية ريتشارد الثالث كتبها الكاتب الانكليزي وليم شكسبير وعرضت كمسرحية سنة ١٥٩٣ كأول عرض مسرحي ريتشارد هذا الرجل الشرير والقائم على سلوك الغدر والخيانة والكذب والدسيسة فاقد الذمة والضمير بسلوكه المشين المسرحية عبارة عن شيطنة رجل مريض وقاتل سيكوباتي وتعطي صورة من نخبة السلطة التي تدمر نفسها من خلال صراعاتها الداخلية وعملية تمهيد للسلطة الديكتاتورية الضارة والعاشقة للوصول واستلام كرسي الحكم .مسرحية ريتشاد الثالث تأليف وليم شكسبير &وإخراج المخرج الالماني أوستر ماير والتي شاركت في مهرجان إنغمار برغمان الدولي الثالث في ستوكهولم والذي يقيمه المسرح الملكي دراماتن وعرضت المسرحية ليومين على صالة المسرح الملكي الكبير دراماتن وهذه المسرحية حققت النجاح للمخرج أوستر ماير بعد نجاح مسرحية هاملت مع نفس الممثل لارس أيدنجر. بالرغم من ان ريتشارد الثالث حكم لمدة سنتين لكنه اسوأ حاكم بنى عرش حكمه على الموت والعنف الدموي . خشبة المسرح تحول الى بناية بطابقين موسيقى صاخبة وإيقاع الطبل وإحتفال بهيج والممثل لارس أيدنجر وهو يؤدي شخصية ريتشاد الثالث نجم الروك من مسرح شابونة الالماني في برلين وهو يتحرك مع لاقطة ويغني في عالم فاسد عندما ننظر الى شخصية ريتشارد الثالث توحي لنا هذه المسرحية عنصر الشر لذلك يقتظي على المخرج تقديم شكسبير بطريقة حديثة ربما حاول المخرج أوستر ماير وبجدارة في عرض ريتشارد الثالث تقديمه كشخصية يسلي الجمهور ويغوي أصحابه وأتباعه في كل خطوة للوصول الى السلطة وتبقى لغة شكسبير على المخرج ان يدركها ويهتم بها ويبرزها أكثر من قسوة الحاكم وخاصة في طريقة تفسير وإخراج شخصية ريتشارد الثالث هناك مخرجين لايهتمون ويعيرون أهمية لشكل ريتشارد الثالث وتكوينه الجسماني &ويركز البعض على لغة شكسبير الشعرية بدلآ من إظهار حدبة &وعرج شخصية ريتشارد الثالث ولكن تبقى شخصية ريتشارد الثالث وإعاقته جزء من شخصيتة ومصيره ومعاناته ربما يشعر بالنقص وعزلته عن المجتمع لذلك يحاول إظهار مصدر قوته وذكائه أو كونه محارب في حرب الوردتين وهذا المحارب يحصل على ثمار العرش والسلطة ويتزوج من ملكة . الممثل لارس أيدنجر يرتدي الاقواس على أسنانه أما جسده شبه عاري من الازياء والملابس والعرض المسرحي لمسرحية ريتشاد الثالث فيه نَفَسْ من لغة الخطاب في علم النفس في المرحلة التأريخية لعصر شكسبير كانت الثقافة الشعبية عبارة عن ثقافة المبارزة والالعاب البهلوانية ولغة تداول النكات ولكن المخرج في مسرحية ريتشارد الثالث حول فضاء وأجواء المسرح الى موسيقى وإيقاع الطبل وموسيقى الراب وفي هذا الجو الطقسي والاحتفالي كان ريتشارد الثالث يغوي الجمهور كونه المايسترو والمغني &وكونه القائم على إدارة الحفل وتحديد إيقاع الطبل ربما كانت الموسيقى توحي لدلالات الحرب وتبقى ذروة الاحداث من خلال المونولوج الاخير وبدلآ من إبراز أجواء الحرب ركز المخرج الالماني أوستر ماير على مونولوج داخل البدن لشخصية ريتشارد الثالث ولكون رأسه مشحون ومسكون بالاشباح وأعماله الشريرة ويبقى الممثل لارس أيدنجر لوحده على خشبة المسرح وهو يؤدي شخصية ريتشارد الثالث وبملابسه الداخلية وهو يصارع ويقاتل الظلال ويدخل في معارك مع نفسه ومحاسبة الذاث على ماإقترفه من جرائم بحق الاخرين ومن ثم يعلق بسلك اللاقطة وهو عبارة عن جسد معلق بالسقف كحبل المشنقة ولكنه معلق من قدميه وليس من رقبته ربما أراد المخرج الذكي والمبدع أوستر ماير إيصال رسالة للمتلقي حول نهاية كل فاشي ودكتاتور وجلاد . هكذا كانت نهاية هذا الممسوخ ريتشارد الثالث &والذي إرتكب الجرائم بحق أهله وخصومه وهو يمارس مهنة القتل بلا رحمة وشراء الذمم وإرتكب مذابح هائلة . والمخرج الالماني أوستر ماير مذهل من خلال حواراته ونقاشه ورؤيته الاخراجية وهو خريج أكاديمية بوش للفنون المسرحية في برلين درس الاخراج وعمل مدير فني للمسرح الالماني في برلين ومدير مسرح شابونة برلين أخرج العديد من المسرحيات العالمية ونال استحسان الجمهور في المانيا وأوروبا وشارك في العديد من المهرجانات المسرحية في أوروبا أخرج مسرحية بيت الدمية ومسرحية هيدا جابلر للكاتب النرويجي هنريك إبسن وأخرج مسرحية فاوست وهو مخرج معروف وحصل على العديد من الجوائز العالمية .تبقى الدوافع الاخراجية لدى المخرج المبدع اوستر ماير في التأكيد على ألتشوه الفيزيولوجي لشخصية ريتشارد الثالث وهو يبرر غرابة جرائمه والملك الاحدب والاعرج هكذا كان تفسير المخرج لشخصية ريتشارد الثالث والديكور المتحرك عبارة عن سلالم من الحديد وابواب ذو طوابق متعددة وعقدة النقص أدخلتنا في صلب التحليلات النفسية وهي المُسوَغ لكل جرائمه وشروره ويتجلى ذلك من خلال المونولوج الذي يلقيه ريتشارد وهو مفتاح الشخصية :إذا كانت السماء حكمتْ عليّ ،أن أكون مشوهآ ،فليشوه الجحيم روحي .فهو متمسك بفكرة الأنا ويعشق نفسه والسلطة فكل حواراته موجهة الى المتلقي وهو يحاوره بلغة العدالة والوقوف معه وتبقى التراجيديا والمصير المحزن تجاه ضحاياه لكنه قوة أدائه وطريقة خطابه تغطي كل جرائمه ربما نتعاطف معه .مسرحية ريتشارد الثالث تأليف وليم شكسبير إخراج المخرج الالماني العالمي أوستر ماير تقديم فرقة شابونة برلين في مهرجان إنغمار برغمان المسرحي الثالث والعرض على صالة المسرح الملكي الكبير دراماتن في ستوكهولم تعتبر ألمانيا جنة أوروبا في المسرح أما فرقة مسرح شابونة برلين تقدم عروض مسرحية &موسيقية تجذب الشباب للمسرح أما جمهور المسرح فهو منوع حسب العروض ولكن السمة المميزة هو كثرة النساء وخاصة الكبيرات في السن أما جمهور الرقص الحديث فغالبية جمهوره من الشباب والشابات ويبقى مسرح الريبرتوار في المانيا والسويد تعرض مئات العروض المسرحية في جميع فصول السنة وهناك مغريات كثيرة لجذب الشباب وليس المقصود شباك التذاكر والجمهور عايز كدة ولكن المسرحيات تقدم المتعة والتسلية والضحكة للتخفيف عن ساعات العمل المضنية .توماس أوستر ماير مخرج متميز في أوروبا جعل فضاء المسرح في مسرحية ريتشارد الثالث عبارة عن إحتفال التتويج واستخدم الالعاب النارية وهو يستلم زمام الحكم في إحتفال كبير ومبهر تحول المسرح الى رقائق من ذهب تنهال على خشبة المسرح وريتشاد &يشق طريقه الى العرش وهو لا يثق بأحد وهو يتحرك يمينا ويسارآ عبارة عن نجم الروك فيه ملامح الكوميديا شخصية جذابة يحزن ويفرح على أصوات الطبول ويبقى العرض المسرحي بعيد عن التأريخ واستخدام السلاح مسرح عبارة عن إحتفال والممثل لارس أيدنجر يمثل شخصية ريتشارد الثالث دور المك المستبد رجل معتوه مغرم بالسلطة &المطلقة وجهه مطلي بالابيض كأنه مهرج لكنه رجل داهية عاش في روح وليم شكسبير ولكنه يصلح نموج لعصرنا .وسبق للمخرج الالماني أوستر ماير أن أخرج مسرحية هاملت لشكسبير مع نفس الممثل لارس أيدنجر ونالت رضا واستحسان الجمهور في ستوكهولم ومدينة برلين . أما مسرحية ريتشارد الثالث والممالك الثلاث في العرش الانكليزي &خلال فترة مايسمى بحرب الوردتين كان ريتشارد واحد من أربعة أشقاء خلال إندلاع الحرب بعد وفاة هنري الخامس وتولى العرش شقيقه إدوارد ويبقى ريتشارد القبيح والمشوه يعرج وأحدب ولايستطيع التقرب من النساء ويعيش بشكل غير طبيعي لذلك إتخدْ طريق المُكُرْ السياسي لغرض تحقيق طموحاته والوصول الى العرش من خلال حمام الدم وسلطة الملك ولكن تبقى الشياطين تطارده حتى في أحلامه .ومسرحية ريتشارد الثالث التأريخية تصوير بارع للعصر الدموي من التأريخ الإنجليزي شهوة سامة وشريرة للسلطة وفي النهاية يحفر قبره لنفسه الشريرة وهو يمارس لعبة القتل لكل من حوله وهذه الشخصية لاتحضى بشعبية وهو محتقر لايعرف سوى الانتقام وتشكل صورته نمودج لقاتل جماعي سيكوباتي عاشق للكرسي والسلطة التي تدمر نفسها من خلال الصراعات الداخلية وتمهد الطريق لديكتاتور يحلم بالقتل والاستيلاء على السلطة كما هو الحال في عالمنا الثالث . إستطاع المخرج توماس أوستر ماير تقديم عرض مسرحي مذهل ومدهش خلال ساعتين ونصف من زمن العرض ماشعرنا بالملل عرض مسرحي أنيق ورؤيا إخراجية راقية وملابس حديثة تميل لروح عصرنا المخيف من وصول هكذا شخصيات مريضة ومعقدة الى الحكم .عرض مسرحي احتفالي كبير مع تقنيات وتكنولوجيا المسرح الحديث والاداء الرائع للمثل لارس أيدنجر لشخصية ريتشارد الثالث عشنا مع موسيقى الراب باللغة الالمانية حقآ إنها مسرحية رائعة ومبهرة ومدهشة &ويبقى الممثل لارس أيدنجر بارع في أدائه وخاصة في مشاهد الاغواء والضحك عالم مليئ بصخب الموسيقى والاحتفال رغم كل السُحُبْ الداكنة وشرب الشامبانيا الممزوجة بدماء الضحايا والابرياء على يد ريتشارد الثالث حتى الطيور خافت هربت &من جبروته وفي الختام يبقى لوحده يصرخ ويناجي ويقاتل ظلاله وسط الخراب كل شيئ أصبح أسود وداكن ويعلق بالسقف كجثة حيوان &جاهز توحي الى الاعدام يبقى هذا الساحر الشرير والذي كان يتحرك وسط المسرح وهو يخاطب الجمهور ويمزح مع الجميع ولكن يبقى مزاحه ممزوج بالرعب
عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم &&