&

&
من الغريب ان يضيع أثر فنان مثل ليوناردو دافنشي (15 نيسان/ابريل 1452-2 آيار/مايو 1619) والا يبقى من نسله أحد لاسيما وانه كان ابن رجل قانون مهم في مدينة فلورنسا الايطالية التي ولد في احدى قراها وتحمل اسم دافنشي رغم ان ما يميزه عن بقية ابناء هذا القانوني الثري هو انه لم يكن ابنا شرعيا بل كانت امه فلاحة من عامة الناس وكان نتاج علاقة خارج الزواج بين الاثنين.&
كان دافنشي الابن الاول لابيه ورغم أنه كان من المفترض ان يظل معزولا طوال حياته بسبب نسبه إلا أنه تفوق على اخوته كلهم بل وتفوق على كل الفنانين الذين ظهروا في عصره وحتى في العصور اللاحقة. دافنشي اليوم واحد من اهم فناني مرحلة النهضة ولم يعرف بفنه وبلوحاته ورسوماته فحسب بل كان عالم رياضيات وفيلسوفا ومفكرا ومهندسا ومعماريا وشملت اهتماماته مجالات اخرى مثل الطب والتشريح والفيزياء وغيرها. &
وبمناسبة ذكرى ميلاد دافنشي الذي لم يكن له اطفال أعلن باحثون ايطاليون عن عثورهم على اقارب منحدرين من اشقائه وقال المؤرخان اليساندرو فيزوسي وآنييس ساباتو في مؤتمر صحفي إن بينهم فنانا ايطاليا معروفا حاليا في عالم السينما والاوبرا والتلفزيون وهو فرانكو زيفيريللي. وكان هذان المؤرخان قد شرعا في عملية البحث في عام 1973 ونقلت وسائل اعلام ايطالية عن فيزوسي وهو مدير متحف ليوناردو دافنشي ورئيس جمعية دافنشي الدولية قوله للصحفيين إن البحث لم يتضمن فحص الحمض النووي وذلك لأن بقايا دافنشي ضاعت في القرن السادس عشر خلال حروب دينية نشبت إثر وفاته غير انه اعتمد في نتائجه على دراسة الاف الوثائق في ايطاليا وفرنسا واسبانيا علما ان عدد هؤلاء الاقارب الذين اكتشفوا 34 شخصا ولم يكونوا على علم بهذه القرابة البعيدة.&

نساء
لم يعرف العالم فنانا بعظمة ليوناردو دافنشي الذي ترك للعالم تراثا مهما ما يزال البعض يدرسه حتى يومنا هذا فيما يتفق الجميع على انه كان رجلا سبق عصره بقرون عديدة. وقد كُتب الكثير عن هذا الفنان العالم الذي تجرأ على أفكار زمانه ومفاهيمها وتمكن من فرض نفسه بقوة علمه وفنه وذكائه. ومما يذكر عنه انه كان مثليا وقد وجه اليه اتهام بذلك خلال حياته اكثر من مرة ومثل امام المحكمة غير انه تمكن من الافلات من العقاب لعدم اثبات الذنب. ويعتقد اب علم النفس سيغموند فرويد إن دافنشي كان مثليا بالفعل غير انه لم يدخل في علاقات بسبب ذلك ولاحظ مثل دارسين آخرين انه كان رغم ذلك يحب رسم النساء. فمن بين خمسة بورتريهات بقيت حتى اليوم هناك اربعة لنساء اما الخامس فلموسيقي شاب.&
في بداية عام 1480 انتقل ليوناردو الى ميلانو وبدأ يعمل لدى سيد ونبيل ثري اسمه فورزا كمهندس ونحات ورسام. وهناك رسم سيدات القصر حيث اشتهر بتصويرهن مع احساس عميق بشخصياتهن وسرعان ما لفت انتباه سيدات ايطاليا الغنيات والمستقلات اللواتي اصبحن من المغرمات به وبفنه وكن على استعداد لرعايته واحتضانه. ورسم دافنشي الى جانب ذلك لوحات يظهر فيها اشخاص عراة ربما كانت الاكثر اثارة للاستفزاز في زمن النهضة ومنها لوحة ليدا التي ورثها العالم في نسخ عديدة ولكنها ظلت في شكل تخطيطات ولم تتحول الى لوحات زيتية.&

الرسم اعظم الفنون
كان لدافنشي آراء ونظريات عن كل شئ &ومن اقواله "اسمى المتع هي متعة الفهم" وكتب في دفتر ملاحظاته بان "الرسم هو اعظم الفنون" ولكنه لم يكن مجرد فنان موهوب بل تعمق في الكثير من المضامير مثل التشريح والهندسة وعلم الاحياء والرياضيات وفن العمارة وكانت اختراعاته متقدمة على عصره بكثير جدا.
وبمناسبة ذكرى ميلاده 15 نيسان/ابريل طرح قسم الثقافة في بي بي سي اسئلة على متابعيه عن أهم عمل تركه دافنشي في رأيهم عدا لوحة الموناليزا فسارع المتابعون الى تشخيص اهم هذه الاعمال التي صنفتها بي بي سي حسب عدد الردود ثم اختارت اهم التعليقات التي ارسلها المشاركون. وقالت فاني تسوكالا من اثينا في اليونان "تكاد تمثل مجموع الالهة كلهم، اهم ما يشد الانتباه في هذا الرسم هو الطريقة التي تثني بها هذه المرأة رأسها والنظرة التي نكاد نراها على وجهها". ويشار الى أن هذه اللوحة تعرف احيانا باسم "رأس امرأة" ونرى فيها امرأة بشعر غير مصفف ولكن عدم التصفيف يمنحها بريقا خاصا يعكس جمالها الطبيعي الذي يسلب الالباب. وقالت تانيا سكرغاتش من زغرب، كرواتيا عنها: "إنها لوحتي المفضلة. هناك لوحات عديدة عن الموضوع نفسه في تاريخ الفن ولكنني شخصيا احب هذه النسخة اكثر من اي واحدة اخرى لانني اعتقد انها الاقوى والاكثر تأثيرا. فالطريقة التي ينحني بها المَلَك تلغي كل الكلمات". وتصور هذه اللوحة لحظة ظهور الملك جبرائيل امام السيدة مريم ويعتقد باحثون ان الحديقة المغلقة والمسيجة ترمز الى عذريتها غير انهم يختلفون في معنى اصبعي المَلَك كما يظهران في الصورة وفي معنى حجرة النوم التي يمكن مشاهدة جزء منها والتي منحها دافنشي لونا براقا. يذكر ان هناك نسختين من هذه اللوحة احداهما في غاليري اوفيزي في فلورنسا والاخرى في متحف اللوفر.&
قالت ماريا بابادوبولو من اليونان "العذراء والطفل مع القديسة حنة والقديس يوحنا المعمدان لوحة ضخمة رسمت على ورق معتق باستخدام الفحم والطباشير ولم تتحول الى لوحة زيتية ونشاهد فيها السيدة مريم العذراء وهي تجلس في حضن والدتها القديسة حنة فيما يبارك الطفل المسيح القديس يوحنا المعمدان الذي كان أكبر منه".&
تقول سالوني تيواري من الهند: "لوحة القديس يوحنا المعمدان هي اخر لوحة لدافنشي وكانت بحوزته عند وفاته. وترمز الحركة التي نراها في اللوحة والتي استخدمها دافنشي كثيرا في أعماله إلى اهمية الخلاص عبر التعميد". ورغم ان عددا كبيرا من الرسامين صوروا القديس يوحنا رجلا نحيلا يعيش في البرية ويعتاش على الجراد والعسل غير ان ليوناردو منحه سمات أنثوية بعض الشئ وابتسامة غامضة لا تقل اهمية عن ابتسامة موناليزا. &يقول كرستيان برون من برلين في المانيا &"هذا تخطيط لليوناردو دافنشي وربما كانت دراسة اولية للوحته التي تحمل اسم "سيدة مع قاقم" والتخطيط مرسوم بالفحم". &وتقول الكسندرا ديغتيريفا من موسكو إن السيدة مع قاقم واحدة من اكثر لوحات دافنشي شهرة ولكن هناك اسئلة تثار عما اذا كانت من انتاجه بالفعل فيما كشفت طبقات مخفية تحت اللوحة انه كان هناك 3 نسخ منها ولم يظهر الحيوان الذي تحمله المرأة فيها كلها. ومن المعتقد بأن بورتريه هذه السيدة لامرأة تدعى سيسيليا غاليراني وكانت عشيقة دوق ميلانو الذي كان سيد ليوناردو نفسه في ذلك الوقت. وكان المحيطون بالسيد يطلقون عليه اسم "القاقم الابيض".&
كتبت لانا فيبي من كرواتيا تقول "هذا احد رسومات التشريح شديدة الدقة والواقعية. دافنشي سبق زمانه بعصور". وكان دافنشي رائدا في مجال فهم جسم الانسان وقد ظلت رسوماته في هذا المجال ضمن اوراقه الخاصة ولم يتم نشرها إلا بعد وفاته ب 400 عام تقريبا. وهذا الرسم يمثل جنينا داخل رحم أمه وهو واحد من عدد كبير من هذه الرسومات ومنها ما يتعلق بالعظام وبالجهاز التناسلي والاعضاء المهمة في جسم الانسان وغيرها.&
كارين هوارد غولدسمث من المملكة المتحدة قالت "احب هذه اللوحة ولكن لا يمكنني القول أي لوحات دافنشي هي المفضلة لدي… هذا رجل عظيم وموهبة عظيمة سبق عصره بكثير". &وهناك في الواقع لوحتان لعذراء الصخور. الصورة إلى جهة اليسار هي النسخة الاولى وموجودة في متحف اللوفر، والثانية الى اليمين موجودة في ناشنال غاليري في لندن. والاثنتان ارتفاعهما متران ومرسومتان بالزيت. ويعتقد خبراء ان الاولى لدافنشي، اما الثانية فما زالت موضع نقاش حيث من الملاحظ ان النباتات في اللوحة لم ترسم بشكل دقيق وهو امر لا يفعله ليوناردو عادة لكونه رجلا دقيقا ومخلصا للطبيعة.&
&