نجح البريطانيون في قهر الصين والتفوق على روسيا في أولمبياد ريو دي جانيرو، والأهم من ذلك أنهم تمكنوا من إثبات تواجدهم المؤثر في الساحتين الرياضية والحضارية على المستوى العالمي، وتخلصوا من الشبح الذي يطاردهم في العقود الأخيرة، وهو أنهم "أمة إعلامية" تتحدث أكثر مما تفعل، وتفتخر بأمجاد الماضي دون أن يكون لها مكانة مؤثرة في الحاضر.

ثاني الأولمبياد
 
وبعيداً عن أسطورة أوسين بولت وتوهج مايكل فيليبس وقصص وحكايا أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 التي اختتمت قبل ساعات في البرازيل، نجح البريطانيون في خطف الأضواء من الجميع، فقد تمكن الرياضيون البريطانيون من احتلال المرتبة الثانية في الترتيب العام برصيد 67 ميدالية متنوعة منها 27 ذهبية، وهي النتيجة الأفضل منذ عام 1908، ما يعني نجاح بريطانيا التي لا يتجاوز عدد سكانها 64 مليوناً في قهر أمة المليار و380 مليون نسمة وهي الصين.
 
طفرة في عقدين
 
كما نجح البريطانيون في التفوق على روسيا، وألمانيا، واليابان، وفرنسا، وإيطاليا وغيرها من القوى الكبرى في عالم الرياضة، واللافت في الأمر أن التوهج الأولمبي البريطاني حدث في غضون 20 عاماً لا أكثر، فقد شهدت الدورة الأولمبية التي أقيمت في أميركا عام 1996 احتلال بريطانيا المرتبة الـ 36 برصيد ذهبية واحدة، و 14 ميدالية تتنوع بين الفضية والبرونزية.
 
وفي أولمبياد سيدني 2000 أنهى البريطانيون مشاركتهم في المرتبة العاشرة، وهو المركز نفسه في أثينا 2004، ثم حدثت الطفرة الكبرى في بكين 2008 حيث المركز الرابع، والثالث في لندن 2012، وأخيراً المركز الثاني في ريو دي جانيرو 2016، أي أن بريطانيا لم تتفوق على الصين وروسيا واليابان فحسب، بل تفوقت على نفسها، فقد كان عدد من يمثلونها في أولمبياد لندن قبل 4 سنوات أكثر ممن ذهبوا إلى البرازيل دفاعاً عن العلم البريطاني، وعلى الرغم من ذلك قفزوا من المركز الثالث إلى المرتبة الثانية خلف عمالقة الولايات المتحدة الأميركية.
 
280 مليون استرليني
 
بالنظر إلى الطفرة البريطانية في الألعاب الأولمبية والتي تعد واحدة من مقاييس تحضر وتقدم الأمم في العصر الحالي، فقد كان للدعم المالي دور كبير في ذلك، حيث ارتفعت المخصصات المالية من 60 مليون جنيه إسترليني في أولمبياد سيدني 2000 إلى 280 مليون في ريو دي جانيرو 2016.
 
وبالنظر إلى حصول بريطانيا على 67 ميدالية، فإن ذلك يعني أن كلفة الميدالية الواحدة تبلغ 4 ملايين إسترليني، كما أن الجيل البريطاني الحالي هو الأفضل على الإطلاق قياساً بما حققه في آخر 3 دورات أولمبية، وفضلاً عن ذلك فقد كان لأولمبياد لندن 2012 دور ملهم في تشجيع الآلاف على الإنخراط في طريق البطولات والمنافسة على صدارة المشهد الأولمبي العالمي.