في أحد الاحياء الاكثر فقرا في سانتياغو، يرتدى إيفو وزملاؤه قميص نادي روديليندو رومان، ويسعون الى ان يتمثلوا بأرتورو فيدال الذي بدأ مثلهم من العدم، وأصبح نجما مطلقا لكرة القدم التشيلية.

قبل نحو 20 عاما، كان فيدال يخرج من المنازل الفقيرة القريبة الى ملعب ناد متواضع خطا في خطواته الاولى في عالم الكرة المستديرة التي كانت تنسيه لساعات معدودة، المعاناة مع البرد والجوع.

كان ذلك قبل سطوع نجمه عالميا، وفرض نفسه في المنتخب الوطني وخط وسط بايرن ميونيخ الألماني، أحد أبرز الأندية على مستوى العالم.

ويقول إيفو الياغا لوكالة فرانس برس بعدما فاز فريقه في مباراة اقيمت الاحد ضد فريق محلي آخر، "أرتورو هو مثال ومصدر الهام، اود ان اكون مثله".

التقدير ذاته يدفع العديد من اللاعبين الشبان الى الانضمام الى النادي ليركضوا على التراب حيث خطا فيدال (30 عاما) اولى خطواته في وسط الملعب، قبل ان يتحول بأسلوب لعبه وقصات شعره الغريبة، رمزا للجيل الذهبي لمنتخب "لا روخا".

أحرز فيدال في الموسم المنصرم لقب الدوري الألماني للمرة الثانية مع بايرن، الا انه أيضا ساهم في تتويج منتخب بلاده بكوبا اميركا مرتين (2015 و2016)، وسيخوض معه بدءا من الأحد كأس القارات 2017 التي تنطلق السبت في روسيا. ويبرز المنتخب التشيلي كمرشح للقب الى جانب البرتغال بطلة أوروبا 2016، لاسيما في ظل مشاركة ألمانيا بطلة العالم 2014 بتشكيلة رديفة يغيب عنها اللاعبون البارزون.

ولا تزال صورة لفيدال بقميص نادي كولو كولو التشيلي موقعة من قبله وكتبت عليها عبارة "الى روديليندو، النادي الاحب الي، النادي الذي شهد ولادتي" موجودة عند مدخل النادي مرحبة بالضيوف.

وتقول ماريا تيريزا ليزاما التي تعيش في الحي "أرتورو هو ملكنا".

- منزل "مشرع على الهواء" -

لا يزال فيدال يتابع اخبار الحي الذي نشأ فيه ويتعاون مع النادي، ولا يتردد في المساعدة عندما يمرض احد جيرانه كما يؤكد سكان روديليندو الذين يتحدون في نهاية كل اسبوع البرد او الحرارة المرتفعة او حتى الغبار الذي في مختلف أرجاء الملعب لمساندة فريقهم.

ويتحدث الجميع بحرارة عن فيدال، على رغم الاتهامات التي توجه اليه بعدم الانضباط، وتحديدا عندما ضبط ثملا لدى تعرضه لحادث في سيارته من طراز "فيراري" خلال كوبا اميركا عام 2015 في بلاده.

وسبق لعائلة فيدال ان تصدرت عناوين الصحف بسبب إسراف والده في شرب الكحول، وعادت اليها مجددا في الآونة الأخيرة بعد مقتل صهره بالرصاص على بعد كيلومترات قليلة من الحي الذي يقطنه.

لا تزال ظروف الاغتيال غامضة لكن التغطية الدسمة التي حظيت بها هذه القضية ازعجت انصار البطل المحلي.

ويشدد ارتورو أوليا مدرب روديليندو السابق على اهمية الدور الذي لعبته والدة فيدال جاكلين باردو في ادارة أسرتها، بقوله "كانت دعامة اساسية وقد نجحت في ادارة العائلة على رغم الفقر في بيت مشرع على الهواء من كل حدب وصوب".

ويقوم أوليا وهو يرتدي قميص بايرن ميونيخ، بعرض تشكيلته من صور فيدال ويتذكر بتأثر واضح ارتورو الشاب الذي لم يكن يأبه للضربات التي يتلقاها "كان يلعب ثم يسقط على الارض، كانت يتلقى الضربات ويتوقف أحيانا، لكنه لم يكن يكترث اذا كان يشعر بالاوجاع أو في حال اصابته".

يتمتع فيدال بالميزات القتالية نفسها حاليا، وتجسد ذلك بتصريحه قبل مواجهة ربع النهائي ضد ريال مدريد في دوري أبطال اوروبا التي خسرها لاحقا "اذا كان علينا ان ننحت برؤوسنا او بأي شيء آخر من اجل الفوز، يتعين علينا ان نقوم بذلك".

ويؤكد ايفان فالنزويلا الذي لعب الى جانب فيدال في صفوف الفئات العمرية في كولو كولو ان "الثقة التي يتمتع بها كلاعب جعلته يؤدي دورا كبيرا في الملعب، انه قائد فعلي".

اطلق اسم فيدال على ملعب في منطقة سان خواكين حيث كان السكان يعتبرونه الطفل المدلل. شغفه الآخر يتمثل بالخيول، اذ يملك نحو 30 منها، ويتردد دائما على نادي الفروسية في سانتياغو.

ويؤكد الصحافي خوان انطونيو توريس الذي اجرى مقابلة مع فيدال عندما كان لاعبا شابا في صفوف كولو كولو "يشعر بالاثارة عندما يأتي الى هنا، لكن اقل بطبيعة الحال مما يشعر عندما يمارس كرة القدم لانها حياته، لكن هنا يشعر بالاثارة بلا ضغوط".