بعد خمس سنوات من دورة الالعاب الأولمبية الصيفية في لندن عام 2012، حظيت المنطقة التي أقيمت فيها بمحطة قطار جديدة ومركز تسوق فاخر ومساحات خضراء واسعة.

وحصلت مجموعة الأراضي في منطقة ستراتفورد الواقعة في شرق لندن، على حياة جديدة، لكن بالنسبة الى السكان المحليين فان الواقع أقل كمالا.
 
وقالت بيني برنستوك الخبيرة في مجال الاسكان والتجديد في جامعة شرق لندن، ان هناك "عالمين يتعايشان": ستراتفورد القديمة-الفقيرة واخرى جديدة-ثرية.
 
لكن هيو روبرتسون، وزير الرياضة انذاك، قال لوكالة فرانس برس ان ارث 2012 واضح "لقد تغيرت المنطقة المحيطة بستراتفورد تماما".
 
قبل الالعاب، هدفت مؤسسة لندن لتطوير الارث إلى إعادة احياء المنطقة المحرومة سابقا والمتأثرة بمعدلات بطالة عالية من خلال أن يكون للبنى التحتية حياة ما بعد الألعاب.
 
وبحسب المؤسسة، فقد انجزت المهمة بعد تدفق مليارات الجنيهات الى المنطقة.
 
وصمم منظمو اولمبياد 2012 على عدم ترك اي فيل أبيض (منشآت غير مستخدمة بعد الالعاب)، على غرار ما دفعت ثمنه المدن المضيفة سابقا.
 
وتم تأجير الملعب الاولمبي الى نادي وست هام المشارك في الدوري الممتاز لكرة القدم، للسنوات الـ99 المقبلة، ثم استضاف بطولة العالم في العاب القوى في اب/اغسطس الماضي.
 
وتم تقليص مركز الألعاب المائية المستقبلي الذي صممته المهندسة المعمارية الراحلة العراقية-البريطانية زها حديد، بعد الألعاب، وأصبح منشأة شعبية للسكان المحليين لا تزال تستضيف الأحداث الدولية.
 
وتحولت القرية الأولمبية التي استضافت الرياضيين خلال المسابقات، الى آلاف الشقق.
 
ويقول ريتشارد (29 عاما)، أحد السكان المحليين، لوكالة فرانس برس قبل التوجه الى الحديقة الأولمبية لممارسة رياضيته اليومية في الركض "انها الجنة! انظروا حولكم، انظروا الى هذه الحديقة".
 
وتخطط مؤسسة لندن لتطوير الارث لبناء 10 آلاف منزل جديد في المنطقة مع حلول العام 2030.
 
ويبدو ان لندن تجنبت مصيرا تحملته اثينا بعد 2004، حيث كانت الالعاب مرادفا لانهيار مالي، فيما خيمت صفقات فاسدة ومنشآت عفنة على أولمبياد ريو 2016 بعد أقل من سنة على نهايتها.
 
في العاصمة اليونانية، أعيد استخدام القليل من البنى التحتية، فيما أغلقت الحديقة الأولمبية في ريو، وفرغ المسبح الأولمبي، ولا تزال القرية الأولمبية التي كانت معدة للتحويل الى مساكن حديثة، تنتظر قاطنيها.
 
- "أقل كلفة لمن؟" -
 
لكن كثيرين من سكان ستراتفورد يعتقدون انهم لم يستفيدوا من المبالغ الطائلة التي انفقت على الالعاب الاولمبية حيث ادى التجديد إلى ارتفاع أسعار المنازل، ما دفع سكانها السابقين الى الرحيل.
 
ويرى روبرتسون "عندما يتم تجديد منطقة بشكل كامل، سترتفع أسعار العقارات ومن الواضح ان ذلك سيفيد المالكين".
 
وكان التشرد احدى نتائج ارتفاع الاسعار، وقالت برنستوك لفرانس برس ان نسبة المشردين في نيوهام، المنطقة التي تقع فيها ستراتفورد، ارتفعت 51% بين 2012 و2015، مقابل 32% في لندن ككل.
ماري ريدلي وزوجها جزء من ستراتفورد "الجديدة".
 
واستقر الثنائي في المنطقة قبل سنتين، بعد ثماني سنوات من العيش في غرب لندن.
 
وقالت ابنة الرابعة والثلاثين "جئنا الى هنا لانها كانت مقايضة! هي خضراء، لديك المترو، المتاجر وهي هادئة جدا".
 
وتابعت "كانت أقل كلفة من حيث كنا نعيش".
 
لكن برنستوك تسأل "أقل كلفة لمن؟... في 2012، تقاضى 12% من سكان نيوهام أكثر من 50 ألف جنيه استرليني (65 ألف دولار اميركي) سنويا، لكن وحدة وسطية من غرفتي نوم في الحديقة الأولمبية تكلف الان 1425 جنيه استرليني شهريا".
 
وأردفت "يجب أن نعيد تحديد ما هي المساكن المعقولة الثمن".
 
وركز المنظمون على ارث أولمبي آخر، هو جعل بريطانيا اكثر نشاطا.
 
ويقول روبرتسون ان ما لا يقل عن 1,5 مليون بريطاني يمارسون الرياضة أكثر من الفترة التي سبقت الألعاب، برغم انه من المستحيل التحقق من هذا الرقم.