هي لعبة غريبة، غير مفهومة، وتحتل مكانها على شاشات التلفزيون مرة كل أربعة أعوام خلال الأولمبياد الشتوي... الا ان مزاولي الكيرلينغ، وعمادها أحجار دائرية الشكل تدفع على الجليد، يرفضون ان يكونوا دائما موضع سخرية.

يرجح ان جذور هذه الرياضة تعود الى العصور الوسطى في اسكتلندا. وهي تبدأ بقيام رياضي جاث على ركبة واحدة، بدفع حجر دائري على الجليد، بينما يقوم آخر باستخدام "مكنسة" أمام الحجر لتأمين "طريقه" وصولا الى حلقة دائرية حمراء اللون في آخر المضمار المستقيم.

ويقوم أحد اللاعبين (ضمن فريق مؤلف من أربعة) بدفع الحجر المصنوع من الغرانيت، باتجاه الهدف، بينما يقوم لاعب أو لاعبان بتمهيد الطريق أمام الحجر عبر "المسح" بحركات سريعة، وصولا للهدف الذي يعرف باسم "المنزل". وغالبا ما تترافق عملية "المسح" مع صيحات توجيهية من اللاعب الأول. ويكون الهدف جمع أكبر من النقاط، علما انها تحتسب وفق قرب أحجار كل فريق (ثمانية أحجار) من الحلقة الدائرية في ختام كل شوط.

ويجهز كل حجر بمقبض ملون (غالبا أصفر لفريق وأحمر للآخر). كما تسعى الفرق لأن تبعد بأحجارها عن الدائرة الوسطى، أحجار المنافس.

وتوصف هذه اللعبة بأنها "شطرنج الجليد"، ويقول مزاولوها انها تتطلب الكثير من التركيز والصبر والحسابات والنظرة الثاقبة، اضافة الى اللياقة، على رغم ان متابعي هذه اللعبة الذين لا يعرفون خباياها، يعتقدون ان لا حاجة لمزاوليها للتمتع باللياقة، طالما انهم لا يبذلون جهدا بدنيا كبيرا.

ويقول الفنلندي تومي رانتامايكي "نبدو مرتاحين جدا (خلال اللعبة) لان دماغنا مبرمج مسبقا على التحرك بهذه الطريقة والوقوف في الوضعيات المطلوبة (...) لكن بالنسبة الى شخص يختبر الكيرلينغ للمرة الأولى، هي طريقة مختلفة بالكامل للتحرك، لتكون العضلات في قوتها الأقصى طوال الوقت، والحفاظ عليها في هذه الوضعية".

وفي دليل إضافي على أهمية اللياقة البدنية في هذه الرياضة، تشير تقارير صحافية الى ان رياضيي الكيرلينغ البريطانيين طلب منهم خلال الدورات الأولمبية، الامتناع عن ممارسة الجنس للحفاظ على طاقتهم، وهو مبدأ معتمد في معظم الرياضات التي تتطلب لياقة بدنية في أفضل أحوالها.

ويقول الكندي جون موريس، ان بعض لاعبي هوكي الجليد، وهي رياضة تتطلب قوة جسدية كبرى وتتضمن احتكاكات بدنية قوية بين المتنافسين، كان متفاجئا من القوة التي تتطلبها الكيرلينغ. وأوضح "قبل شهر من أولمبياد فانكوفور الشتوي 2010 (في كندا)، قام فريق هوكي الجليد الكندي باختبار رياضة الكيرلينغ كوسيلة لتعزيز التعاضد بين أفراد الفريق".

وأضاف موريس "بعد أسابيع، قال (لاعب الهوكي سيدني) كروزبي +كنت اعتقد انني أتمتع بلياقة بدنية، الى حين اختبرت الكيرلينغ. في الأيام التالية (بعد التجربة)، كنت أشعر بالألم في بعض العضلات في جسدي، والتي لم أكن أعرف انها موجودة حتى!+".

وتابع موريس "هذه رياضة تبدو سلسة وسهلة على شاشة التلفزيون (...) الا ان تجربتها هي تحد فعلي".

أما السويسري مارتن ريوس، فيشير ان أحد استاذته كان دائما ما يسخر منه لمزاولته الرياضة، واصفا اياه بأنه "ماسح الجليد". الا ان الرياضي يؤكد ان "هذه اللعبة تبدو سهلة، الا انها صعبة للغاية".