الرباط : بعد أربع مشاركات متفاوتة في النتائج المحصل عليها، خلال دورات 1970 و1986 و1994 و1998، يعود المنتخب المغربي لكرة القدم، بعد عقدين من الغياب، للمشاركة في نهائيات كأس العالم في كرة القدم التي تستضيفها روسيا، ما بين 14 يونيو و15 يوليو، بتفاؤل مشوب بالحذر، لعوامل متعددة، تتراوح بين القيمة الكروية لتشكيلة من اللاعبين الممارسين في أهم الدوريات الأوروبية ، من جهة، ومجموعة قوية جمعتهم بإسبانيا والبرتغال وإيران، من جهة ثانية.

وكان يمكن للمشاركات المغربية في نهائيات كأس العالم أن تكون بعدد أكبر، لولا نظام الإقصائيات "الظالم"، الذي ظل يعطي لأفريقيا، إلى حدود دورة 1970، نصف مقعد؛ الشيء الذي كان يفرض على متزعم الإقصائيات الأفريقية خوض مباراة إقصائية ضد منتخب أوروبي. لذلك، كان على المنتخب المغربي، وهو يدشن مشاركاته الدولية، في 1961، بعد تصدره للإقصائيات على صعيد القارة السمراء، أن يخوض مباراة فاصلة، ذهاباً وإياباً، ضد منتخب إسبانيا القوي.
 
ودفع هذا الحيف، الذي طال، أيضاً، قارة آسيا، إلى مقاطعة القارتين لنهائيات 1966 بإنجلترا، الشيء دفع الاتحاد الدولي، بداية من الإقصائيات المؤهلة لمونديال المكسيك 1970، إلى تخصيص مقعد كامل لكل من أفريقيا وآسيا.
 
ولعب المغاربة خلال مشاركاتهم الأربع السابقة، في نهائيات كأس العالم، 13 مقابلة، ففازوا في مقابلتين وتعادلوا في أربع وانهزموا في سبع، فيما سجلوا 10 أهداف واستقبلت شباكهم 18.
 
وتبقى نهائيات دورة 1986 بالمكسيك الأفضل في تاريخ المشاركات المغربية في كأس العالم، فيما تبقى نهائيات دورة 1994 بالولايات المتحدة الأضعف.
 
 
 
نهائيات 1962 .. نصف مقعد لأفريقيا
 
إلى حدود الدورة التاسعة من نهائيات كأس العالم التي احتضنتها المكسيك سنة 1970، وشهدت مشاركة المغرب ممثلاً وحيداً لأفريقيا، كان نظام التأهل لنهائيات كأس العالم يقضي بإجراء المتأهل عن قارة أفريقيا مباراة إقصائية ضد منتخب أوروبي وتجاوزه إن هو أراد المشاركة في نهائيات كأس العالم.
 
وفي إطار الإقصائيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، التي احتضنتها الشيلي، ما بين 30 مايو و 17 يونيو 1962، بمشاركة 16 منتخباً، وفازت بها البرازيل، كان المغرب قد فرض نفسه على منتخبات القارة الأفريقية، بحكم توفره على عدد من اللاعبين الكبار، أمثال لبيض والعربي والبطاش والجديدي والتيباري وبن مبارك وبلمحجوب والخلفي وطاطوم والزهر والرياحي؛ قبل أن يجد نفسه، بحكم النظام الذي وضعه الاتحاد الدولي، مطالباً بلعب مواجهة فاصلة، ذهاباً وإياباً، ضد المنتخب الإسباني، الذي كان يضم وقتها عدداً من كبار اللاعبين، من عيار بوسكاس ودي ستيفانو ومارسيلينو؛ حيث آلت نتيجة مباراة الذهاب، التي جرت بالدار البيضاء، في 12 نوفمبر 1961،، للمنتخب الإسباني بهدف لصفر؛ قبل أن يكرر الإسبان فوزهم، في لقاء الإياب، الذي جرى بمدريد، في 23 نوفمبر 1961، بثلاثة أهداف لاثنين.
 
نهائيات 1966 .. مقاطعة أفريقية
 
أخذاً بعين الاعتبار توفره، في ستينات القرن الماضي، على عدد كبير من اللاعبين المتميزين، يمارسون في البطولة المحلية أو في أكبر الدوريات الأوروبية الاحترافية، فقد كان يمكن للمغرب أن يدافع عن حظوظه في التأهل إلى نهائيات كأس العالم 1966، التي احتضنتها وفازت بها إنجلترا، ما بين 11 يوليو و30 يوليو 1966، لولا أن الدورة الثامنة في تاريخ النهائيات، قد شهدت مقاطعة أفريقيا وآسيا للتصفيات المؤهلة لهذا الحدث الكروي، وذلك بسبب ما اعتبروه ظلماً من الاتحاد الدولي لكرة القدم في توزيع المقاعد بين القارات، بتخصيصها لنصف مقعد لكل من أفريقيا وآسيا، في وقت أعطت فيه لأوروبا تسعة مقاعد ولأميركاالجنوبية أربعة. وكان طبيعياً أن تهز المقاطعة الأوساط الرياضية العالمية، الشيء الذي دفع الاتحاد الدولي إلى منح أفريقيا وآسيا مقعداً كاملاً لكل منهما في النهائيات التي ستحتضنها المكسيك، ما بين 31 مايو و30 يونيو 1970، بمشاركة 16 منتخباً.
 
نهائيات 1970 .. مقعد للمغرب
 
شارك المغرب، لأول مرة في تاريخه، في نهائيات كأس العالم. بعد مسار إقصائي مميز، ساهم فيه جيل من اللاعبين المتميزين، يقودهم العميد ادريس باموس.
 
وحكمت قرعة النهائيات، التي استضافتها المكسيك، مابين 31 مايو و30 يونيو 1970، على المغاربة بالوجود في مجموعة قوية ضمت ألمانيا الغربية والبيرو وهنغاريا.
 
وقد فاجأ المغاربة الألمان، في مباراتهم الأولى، فكانوا سباقين إلى التسجيل عن طريق محمد جرير، المشهور ب" حمان"، قبل أن يسجل الألمان هدفين، عن طريق أوفه زيلر وغيرد مولر.
 
وسقط المغاربة في ثاني مبارياتهم أمام بيرو بثلاثية نظيفة سجلها توفيلو كوبيلاس (هدفان) وروبرت شال، قبل أن يعودوا بنقطة تعادل أمام هنغاريا، بهدف سجله محجوب الغزواني؛ ليغادروا من الدور الأول، بهزيمتين وتعادل، لكن بأداء مشرف.
 
نهائيات 1986 .. إنجاز تاريخي
 
بعد أول مشاركة لهم على الأراضي المكسيكية، سيعود المغاربة إلى نفس البلد، بعد 16 سنة، للمشاركة في الدورة الثالثة عشر من نهائيات كأس العالم، التي جرت ما بين 31 مايو و29 يونيو 1986، مع جيل يقوده العميد بادو الزاكي.
 
وحكمت القرعة على "أسود الأطلس" بالتواجد في مجموعة قوية، إلى جانب إنجلترا وبولونيا والبرتغال. غير أن ذلك لم يثنهم عن تحقيق مفاجأة من العيار الثقيل، إثر أداء تاريخي مشرف، في الدور الأول، حققوا خلاله تعادلاً سلبياً أمام إنجلترا، وتعادلاً سلبيا آخر، في ثاني مبارياتهم، أمام بولونيا، قبل أن يدكوا شباك البرتغاليين بثلاثة أهداف لواحد، تناوب على تسجيلها كل من خيري (هدفان) وكريمو، الشيء الذي مكنهم من المرور إلى الدور الثاني، كأول منتخب عربي وأفريقي يحقق هذا الإنجاز، بل تصدروا المجموعة التي شهدت صعود إنجلترا وخروج بولونيا والبرتغال.
 
ولم تخدم مواجهات الدور الثاني العناصر المغربية التي وجدت في طريقها منتخباً ألمانيا متمرساً، مكوناً من عناصر مجربة، من قبيل كارل هاينز رومينيغيه، وأخرى واعدة، من قبيل لوتر ماتيوس الذي فاجأ جدار الصد المغربي والحارس الزاكي، من ضربة خطأ مباشرة في الدقيقة 88 من المقابلة؛ ليغادر "أسود الأطلس" النهائيات برأس مرفوعة، بانتصار وتعادلين وهزيمة، مع تسجيل ثلاثة أهداف واستقبال هدفين.
 
نهائيات 1994 .. مواهب دون فعالية
 
 بعد جيل بادو الزاكي ومحمد التيمومي وعبد المجيد الظلمي وعزيز بودربالة وعبد الرزاق خيري، كان على جيل شاب، ضم في صفوفه عدداً من اللاعبين الصاعدين الذين سيؤكدون علو كعبهم لاحقاً، أمثال نور الدين النيبت ومصطفى حجي وأحمد البهجة، أن يحمل المشعل. وقد كان هذا الجيل في الموعد إذ ضمن للمغرب مكاناً بين الكبار في الدورة الخامسة عشر من نهائيات كأس العالم التي استضافتها الولايات المتحدة، ما بين 17 يونيو و17 يوليو 1994، بمشاركة 24 منتخباً، وفازت بها البرازيل.
 
ورغم فنيات ومواهب العناصر الوطنية، فقد وقف غياب التوفيق وقلة التجربة سدّاً أمام المنتخب المغربي، الذي سقط أمام بلجيكا بهدف نظيف رغم الأداء الكبير الذي بصم عليه رفاق محمد الشاوش، قبل أن يكرروا السقوط أمام السعودية بهدفين لواحد، وأمام هولندا بهدفين لواحد.
 
وتعتبر المشاركة الثالثة للمغاربة في نهائيات كأس العالم الأضعف، مقارنة بباقي المشاركات، بعد أن حصدوا ثلاث هزائم، واستقبلت شباكهم 5 أهداف، فيما سجلوا هدفين لمحمد الشاوش في مرمى السعودية وحسن ناظر في المرمى الهولندية.
 
نهائيات 1998 .. أداء مقنع، لكن !
 
بصم المنتخب المغربي في الدورة السادسة عشر من نهائيات كأس العالم، التي احتضنتها فرنسا، ما بين 10 يونيو و12 يوليو 1998، بمشاركة 32 منتخباً، وفازت بها فرنسا، على أداء نال استحسان المتتبعين ورضا المغاربة.
 
وبدأ المغاربة منافسات الدور الأول بتسجيل تعادل أمام النرويج بهدفين لمثلهما. وسجل للمغاربة، في هذا اللقاء، عبد الجليل هدا ومصطفى حجي، قبل أن يسقطوا، في اللقاء الثاني، أمام البرازيل بثلاثية نظيفة، تناوب على تسجيلها رونالدو وريفالدو وبييتو.
 
وفي لقائهم الثالث، سيحقق المغاربة فوزاً عريضاً على المنتخب الاسكتلندي بثلاثية نظيفة، تناوب على تسجيلها صلاح الدين بصير (هدفان) وعبد الجليل هدا.
 
وكان يمكن للمغاربة أن يتأهلوا إلى الدور الموالي، للمرة الثانية في تاريخ مشاركاتهم، لولا السقوط المفاجئ للبرازيل أمام النرويج في آخر أنفاس اللقاء الذي جمعهما في نفس توقيت مباراة المغرب واسكتلندا.
 
نهائيات 2018 .. بعد طول غياب
 
يعود المنتخب المغربي للمشاركة في نهائيات كأس العالم، بعد غياب دام عشرين سنة، وذلك بعد أن ضمنوا لهم مكاناً بين الكبار في النهائيات التي تستضيفها روسيا ما بين 14 يونيو و15 يوليو 2018.
 
ويعول المغاربة على جيل من اللاعبين المخضرمين والموهوبين، الذين يمارسون على أعلى مستوى، من قبيل المهدي بنعطية وكريم الأحمدي وامبارك بوصوفة وحكيم زياش وأمين حارث وياسين بونو ونور الدين أمرابط وأشرف حكيمي.
 
وحكمت قرعة الدور الأول على "أسود الأطلس" باللعب ضمن المجموعة الثانية، التي وصفها عدد من المتتبعين بـ"مجموعة الموت"، حيث ضمت إسبانيا والبرتغال وإيران، علاوة على المغرب.
 
ويأمل المغاربة في مشاركة أفضل في نهائيات روسيا، حيث ينتظر أن يواجه منتخبهم منتخب إيران يوم 15 يونيو على أرضية ملعب سانت بترسبورغ، ومنتخب البرتغال يوم 20 يونيو على أرضية ملعب لوجنيكي، ومنتخب إسبانيا يوم 25 يونيو على أرضية ملعب كالينينغراد.