في غليسنكيرشن، يطلق على أكاديمية نادي شالكه الألماني لكرة القدم اسم "مسبك عمال المناجم"، في تذكير بأن اللعبة لا تنفصل عن عالم عمال مناجم الفحم في المدينة حيث ولد ونشأ الحارس الألماني مانويل نوير.

قائد "المانشافت" الذي كان ضحية كسر في القدم اليسرى أبعده منذ أيلول/سبتمبر الماضي عن ناديه بايرن ميونيخ والمنتخب، سيخوض مباراته الأولى في مونديال روسيا 2018 الأحد ضد المكسيك في المجموعة السادسة، حيث يبدأ أبطال 2014 حملة الدفاع عن لقبهم.

لم يعاود الحارس الفارع الطول اللعب سوى وديا مطلع حزيران/يونيو مع المنتخب، الا ان نوير (32 عاما) يستند في الثقة الكبيرة التي يتمتع بها، الى مسيرة مذهلة.

كان نوير بالنسبة الى ألمانيا في مونديال البرازيل 2014، شبكة الأمان التي حمت شباك المرمى من كل المخاطر، كيف لا وهو الذي اختير أفضل حارس مرمى في العالم لأربعة أعوام تواليا بين 2013 و2016. كما حل ثالثا في السباق الى جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب كرة قدم في العالم عام 2014، خلف النجمين اللذين تقاسما الجائزة في الأعوام العشرة الأخيرة: البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي.

ولد نوير في غيلسنكيرشن عام 1986، والتحق بشالكه في سن السادسة. ابن منطقة الرور هو الحارس الأمين لمرمى بايرن منذ سبعة أعوام.

يقول مدربه الاول في شالكه نوربرت ايلغيرت (61 عاما) لوكالة فرانس برس "أعرفه مذ كان عمره 10 او 12 عاما. في تلك الفترة، لم يكن قد قرر اللعب بين الخشبات. كان لاعب ميدان، ويحرس المرمى من وقت لآخر".

يضيف "كان صغير الحجم، ولا يمكن لاحد ان يتنبأ بأنه سيكبر على هذا النحو" في اشارة الى طول قامته الذي يبلغ 1,93 مترا، والذي يفرض حضورا بدنيا سيترك انطباعا قويا لدى المهاجمين في مونديال روسيا.

- دموع 2011 -

يؤكد ايغليرت ان نوير "كان مهووسا بكرة القدم حتى قبل ان يفكر بخوض مسيرة احترافية. ما كان يجعله استثنائيا هو مجموعة متنوعة من المواهب، اضافة الى سعادته بالحياة وباللعب".

لان نوير لا يهتم، وكل الذين يعرفونه يدركون ذلك، بما اذا كان يلعب أمام 100 الف متفرج او أمام مدرجات فارغة. يلعب ليلعب ويستمتع. 

ويقول مدربه الاول "مانويل يحيا من اجل كرة القدم، لم يصبح حارسا من الطراز العالمي بالصدفة".

بعد تخرجه من مركز التأهيل في شالكه، بدأ نوير في الدوري الالماني "بوندسليغا" عام 2006، ثم فاز بكأس اوروبا 2009 للناشئين مع اثنين آخرين من صناعة "مسبك عمال المناجم" هما مسعود أوزيل الموجود حاليا معه في روسيا، وبينيديكت هوفيديس الفائز بمونديال 2014 في البرازيل.

لم يكن مشجعو شالكه الضغينة لنوير لرحيله الى بايرن، ربما لأنهم يذكرون الدموع التي ذرفها عندما أعلن انتقاله الى العملاق البافاري عام 2011.

ويعتقد المدرب السابق انه "بالتأكيد، هذا أمر مؤلم. لقد كبر بيننا. اليوم هو بافاري 100%، لكنه يبقى على الدوام أحد أبناء شالكه".

- "بموهبتك (...) تقرر" -

على الصعيد الرياضي، من الواضح ان بايرن ميونيخ شكل نقلة نوعية نحو مسيرة استثنائية سمحت لنوير بإحراز دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية في العام 2013، ولقب الدوري الألماني لست مرات متتالية، وثلاثة القاب في مسابقة كأس المانيا، فضلا عن كأس العالم 2014.

ويتذكر ايلغيرت بأن نوير الذي يتألق اليوم بالاعتماد على ثقة عالية بالنفس وتفاؤل لا يتزعزع، "لم يتجل طموحه الحقيقي قبل مرحلة دون 19 عاما".

يضيف "في الفريق، لم يكن الخيار الاول. كان ثمة حارس آخر يلعب مع فريق هذه الفئة العمرية، وكان جيدا ويتم تفضيله عليه. أذكر بأنني قلت له يومذاك +بموهبتك، عليك انت ان تقرر متى تريد مكانك في الفريق+".

أنصت نوير جيدا لرسالة ايلغيرت، وبعد فترات من الاداء العالي المستوى، فرض نفسه ليس فقط في فريق شباب شالكه وانما ايضا في المنتخب لما دون 19 عاما.