فاقت فرحة وجود النساء الايرانيات في استاد أزادي بطهران لمتابعة مباراة منتخب بلادهن ضد البرتغال، شعور الخيبة جراء عدم التأهل الى الدور ثمن النهائي لنهائيات كأس العالم في كرة القدم المقامة في روسيا.

وخاض المنتخب الايراني مساء الاثنين مباراة قوية ضد البرتغال، انتهت بتعادل 1-1 على رغم فرصة ايرانية للفوز في الثواني الأخيرة. ولم تسمح النتيجة لـ "تيم ميلي" بانتزاع إحدى بطاقتي التأهل للدور المقبل عن المجموعة الثانية، وتأهلت البرتغال واسبانيا التي تعادلت مع المغرب 2-2.

تفوقت فرحة الايرانيات بدخول ملعب كرة قدم في طهران، في خطوة نادرة، على خيبة الخروج من المنافسة. وقالت أريزو، وهي سيدة ايرانية في الثلاثينات من عمرها "عندما شعرت بحرارة الحشود في الملعب، اعتقدت اني أريد الاحتفاظ بهذه اللحظة كواحدة من الأفضل في حياتي".

وشأن العديد من السيدات الايرانيات اللواتي حضرن المباراة في ملعب "أزادي"، كانت أريزو تشاهد مباراة في كرة القدم في بلادها للمرة الاولى، بعد سماح السلطات المحلية بذلك بصورة استثنائية.

وعاش متابعو المباراة بين البرتغالي كريستيانو رونالدو وزملائه من جهة، والمنتخب الايراني، الاجواء وكأنهم في ملعب مدينة سارانسك الروسية، على رغم انهم تابعوها عبر شاشة عملاقة وعلى بعد آلاف الكيلومترات.

وقالت رانا التي تعمل كمضيفة طيران "هذه المرة الاولى في حياتي أذهب فيها الى ملعب (لكرة القدم). كنت أتطلع الى ذلك، وأنا سعيدة للغاية".

- الحرية -

وعلى رغم سعته التي تصل الى 100 الف متفرج، فإن ملعب "أزادي" (الحرية باللغة الفارسية)، امتلأ بنسبة الثلث، مع انطلاق المباراة بين ايران والبرتغال الساعة العاشرة والنصف ليلاً بالتوقيت المحلي في طهران. طغت على المشجعين من رجال ونساء وأولاد الوان ألعلم الايراني (الأبيض والأخضر والأحمر)، وحيوا اللاعبين لحظة ظهورهم على الشاشة، في وقت ظللت فيه الاستاد صور عملاقة للمرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي الخامنئي، ولمؤسسها آية الله روح الله الخميني.

وطغى عنصر الشباب على الحضور: العديد من العائلات مصحوبة بولد او اثنين، الى عشاق. وفي بلد لا يسمح فيه للنساء بدخول الملاعب لرؤية الرجال يلعبون كرة القدم، يعد الحضور المختلط لمباراة إيران والبرتغال عبر الشاشة في ملعب ملعب "أزادي" أمرا استثنائيا.

- ثقافة جديدة؟ -

ولا تزال مسألة حضور النساء للمباريات مثيرة للجدل في ايران، وبدا الأمر واضحا في الأيام الماضية في ظل تردد السلطات في السماح لهن بذلك.

ففي 15 حزيران/يونيو، أجازت السلطات بداية بحضور النساء الى الملعب لمتابعة المباراة الاولى لايران في النهائيات الروسية (أمام المغرب)، قبل ان تتراجع عن ذلك. وفي 20 منه، وافقت السلطات مجدداً. توجه الجمهور بالسيارات الى محيط الملعب تمهيدا للدخول لمتابعة مباراة اسبانيا - ايران، الا ان رجال الشرطة اقفلوا المنافذ المؤدية الى الملعب، وسمحوا بعدها لزهاء اربعة آلاف متفرج فقط بالدخول.

المحاولة الثالثة كانت أفضل، اذ ارتفع العدد، لكن المنتخب البرتغالي عكّر المزاج بتسجيله اصابة التقدم في الدقيقة 45 (عبر ريكاردو كواريسما).

وفي الاستراحة الفاصلة بين الشوطين، صعدت الممثلة الشهيرة بهنوش باختياري الى منصة مثبتة على العشب الاخضر، وتوجهت بالشكر الى الرئيس حسن روحاني، "على هذه الأمسية الرائعة بالنسبة الى النساء"، وأملت ان يتكرر الأمر في مناسبات اخرى. 

وسبق للرئيس روحاني الذي انتخب في 2013 وأعيد انتخابه لولاية ثانية في 2017، ان ابدى رغبته مراراً بالسماح للنساء حضور المباريات في الملاعب، الا ان رغبته لقيت معارضة من المحافظين.

الدقائق الاخيرة من المباراة مع البرتغال كانت مثيرة. فقد أدركت ايران التعادل، واضاعت فرصة محققة لتسجيل اصابة الفوز والعبور الى دور الـ 16 للمرة الاولى في تاريخ مشاركاتها في نهائيات كأس العالم.

ورغم ذلك، رفع العديد من النساء والعديد من الازواج شارات النصر.

وأملت آرزو، وهي طبيبة نفسية، في ان "يشكل ذلك بداية لثقافة جديدة، تسطيع فيها النساء الذهاب الى ملاعب كرة القدم في ايران لحضور المباريات". 

واياً تكن النتيجة، وكما حصل في المباراتين السابقتين (امام المغرب واسبانيا)، نزل الآلاف من الايرانيين الى الشارع في مسيرات سيارة وراجلة، وأطلقوا العنان لأبواق سياراتهم ورقصوا، كما حصل على الطريق السريع غرب العاصمة، حيث اطلق البعض ايضاً شعارات مناهضة للسلطة.

كانت الساعة تشير الى الثانية والدقيقة 20 فجرا. طهران لم تنم ليل أمس.