تدخل منافسات الدور الأول من كأس العالم 2018 في كرة القدم الأربعاء يوما مرتقبا مع خوض منتخبين من العيار الثقيل مباراتين حاسمتين: ألمانيا حاملة اللقب، والبرازيل حاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب.

لم يكن أشد المتشائمين يتوقع ان يكون المنتخبان في موقع حرج بشكل مبكر في المونديال الروسي: بعد جولتين، يجد المانشافت الألماني المتوج بلقب 2014 نفسه خاسرا لمباراة وفائزا في الثانية بشق النفس، بينما تعادل السيليساو البرازيلي في مباراة وفاز في ثانية بتوقيت قاتل أيضا.

وفي حال تصدر أحد المنتخبين لمجموعته وحلول الآخر وصيفا في مجموعته، سيشهد ثمن النهائي مواجهة هي الأبرز في البطولة، وتحمل طابعا ثأريا هائلا للبرازيل التي تلقت هزيمة تاريخية على أرضها في نصف نهائي مونديال 2014 على أرضها، عندما خسرت أمام المانشافت 1-7.

وتقام اليوم الجولة الأخيرة للمجموعتين السادسة والخامسة، فتلعب في الأولى (14,00 بتوقيت غرينيتش) كوريا الجنوبية-ألمانيا في قازان والمكسيك-السويد في يكاترينبورغ، وفي الثانية (18,00 ت غ) صربيا-البرازيل في ملعب سبارتاك بموسكو وسويسرا-كوستاريكا في نيجني نوفغورود.

- القدر الألماني -

المعادلة غير بسيطة في مجموعة أبطال العالم: المكسيك تتصدر مع ست نقاط من مباراتين، تليها السويد وألمانيا مع ثلاث نقاط، وأخيرا كوريا الجنوبية من دون رصيد. حسابيا، المنتخبات الأربعة لا تزال في المنافسة.

بالنسبة الى ألمانيا التي خسرت أمام المكسيك (صفر-1) وفازت على السويد (2-1)، المطلوب فوز بأكثر من هدف على كوريا، للتأهل من دون النظر الى نتيجة المباراة الثانية.

المانشافت الذي حضر الى روسيا كمرشح بارز ليصبح أول بطل يحتفظ باللقب منذ 1962، يجد نفسه أسير الحسابات والقلق. مدربه يواكيم لوف الذي قاده الى نصف النهائي على الأقل في كل بطولة كبرى شارك فيها منذ توليه مهامه في 2006، وجه للاعبيه نصيحة: كونوا أسياد قدركم.

حذرهم من الكوريين "السريعين، الرشيقين، الخطيرين في الهجمات المرتدة"، مضيفا "يجب أن تكون لدينا فكرة واضحة عما يجب أن نحققه. يجب أن نفوز بفارق هدفين ضد منافسينا وهذا الأمر سيؤهلنا".

وجزم "يجب أن نكون أسياد قدرنا".

يحاول لوف تحفيز لاعبيه لاسيما منهم من قدموا أداء دون مستواهم. بعد المباراة الأولى أبعد عن تشكيلته الأساسية أسماء أبرزها سامي خضيرة ومسعود أوزيل، والثلاثاء أكد انه تحدث الى توماس مولر، مسجل خمسة أهداف في المونديال السابق، لدفعه الى تقديم أداء أفضل.

قال عنه "هو من نوع اللاعبين الذين رغم أدائهم السلبي في مباراة أو اثنتين، لا يزال يتمتع بعقلية إيجابية. المزاج بعد (مباراة) المكسيك لم يكن جيدا بالطبع. الجميع يدرك ما كان عليه الوضع".

الفوز على السويد رفع معنويات الألمان. لبى طوني كروس النداء في الدقيقة 90+5. ضد كوريا، سيكون مجددا تحت الأنظار، ومعه الواعد تيمو فيرنر، وماركوس رويس وغيرهم من الأسماء التي تقلق راحة المدافعين.

- الشجاعة المكسيكية -

تسعى المكسيك لتأكيد ان فوزها على ألمانيا لم يكن صدفة. في الجولة الثانية، فازت على كوريا 2-1. تصدرت المجموعة، والتعادل يضمن لها التأهل والصدارة. حتى الخسارة قد تخولها التأهل في حال تعثر الالمان.

الهداف التاريخي للمكسيك خافيير هرنانديز "تشيتشاريتو" لخص ما يجب فعله "يتوجب علينا أن نجعل الشعب المكسيكي فخورا"، والسعي لتجاوز ثمن النهائي للمرة الأولى منذ 1986 حين بلغت ربع النهائي على أرضها.

قال أيضا "نحن في حاجة الى الشجاعة لتخيله (الهدف) وإدراكه، جسديا ورياضيا، لكن أيضا عاطفيا وذهنيا".

في المقابل، لا تملك السويد الفائزة في الجولة الأولى على كوريا 1-صفر، خيارا سوى الفوز بفارق هدفين لضمان التأهل بغض النظر عن نتيجة الالمان، وستعول على انجازها في الملحق الأوروبي، بحرمان ايطاليا بطلة العالم أربع مرات من المونديال للمرة الأولى منذ 60 عاما.

- العواطف البرازيلية -

في المجموعة الخامسة، صرفت دموع نيمار بعد فوز البرازيل الصعب على كوستاريكا (2-صفر) بهدفين في الوقت بدل الضائع، الأنظار عن أداء السيليساو. طرحت أسئلة حول القوة المعنوية لأغلى لاعب في العالم، وتاليا تشكيلة المنتخب الذي يعول عليه بشكل أساسي ويتأثر به.

ذكرت صورته دامعا بدموع زميله تياغو سيلفا في مونديال 2014، قبل ان تخرج البرازيل الطامحة الى لقبها السادس، في نصف النهائي أمام ألمانيا.

سعى المدرب تيتي لتخفيف الضغط عمن غاب لثلاثة أشهر قبل المونديال بسبب كسر في القدم. قال ان نيمار "لاعب موهوب لكنه بعيد عن معاييره الاعتيادية وإلا لم نكن لنراه يلعب بهذه الطريقة. هو في مرحلة التحسن (...) لا يجب أن نضع كامل المسؤولية على كتفيه".

تطرق تيتي أيضا الى الدموع والبكاء. توجه للبرازيليين بالقول "أنا بكيت خلال محادثتي الهاتفية مع زوجتي بعد فوزنا على الاكوادور، وذلك لأني كنت سعيدا (...) أنا حريص جدا على ربط المسببات بالعواطف"، لكن "بطبيعة الحال، هناك لحظات تفرض عليك المحافظة على رباطة جأشك".

- السياسة السويسرية -

صربيا لا تزال في موقع المنافس في المجموعة، اذ تتخلف بفارق نقطة فقط عن البرازيل وسويسرا المتساويتين بأربع نقاط.

فازت في الجولة الأولى على كوستاريكا (1-صفر) وكانت قاب قوسين أو أدنى من حسم تأهلها في مباراتها في الجولة الثانية عندما تقدمت على سويسرا بالنتيجة نفسها، الا ان الأخيرة قلبت الطاولة وفازت (2-1).

أتى الفوز بفضل غرانيت تشاكا وشيردان شاكيرين. نجمان سويسريان يتحدران من كوسوفو. احتفلا بإشارة "النسر المزدوج" المتعلق بها أهل الاقليم الذي بات مستقلا عن صربيا في 2008، بعد أعوام من نزاع دام.

تنفست سويسرا الصعداء بعدما اكتفى الاتحاد الدولي بتغريم شاكيري وتشاكا بدلا من الايقاف على خلفية احتفالهما "السياسي". اليوم، تأمل في حجز بطاقتها الى الدور الثاني للمرة الثانية تواليا والرابعة في تاريخها.

يكفي سويسرا التعادل لضمان تواجدها في الدور الثاني بغض النظر عن نتيجة مباراة البرازيل وصربيا، الا ان المرجح أيضا ان يقارب السويسريون المباراة بالنظر الى وضع الالمان في المجموعة السادسة.