حصرت تقارير إعلامية الإنتكاسة التي تعرض لها المنتخب الأرجنتيني في كأس العالم المقامة بروسيا إلى خمسة أسباب بعدما تجاوز دور المجموعات بشق الأنفس ، قبل أن يودع البطولة من دور الستة عشر بخسارة مؤلمة من المنتخب الفرنسي بنتيجة أربعة أهداف مقابل ثلاثة أهداف ، وأداء مخيب للآمال يعكس الحصيلة السلبية لأبناء "التانغو" في هذه البطولة التي راهن عليها محبوه لتحقيق ثالث لقب في تاريخهم بعد إحرازهم لقبي 1978 و 1986.

و بحسب صحيفة "أوليه " الأرجنتينية فان الخروج المبكر للأرجنتين من مونديال روسيا ، يعود إلى خمسة أسباب تجعل مسؤولية الإقصاء جماعية و لو بدرجات متفاوتة من طرف لآخر بحسب صلاحياته .
&
منتخب بلا فريق
&
افتقرت الأرجنتين لأفراد فريق متضامن مع بعضهم البعض ، فرغم التركيبة البشرية الثرية و ترسانة النجوم التي يضمها في صفوفه ، إلا انه يفتقد للتجانس والتقارب ، و في ظل غياب روح الفريق الواحد واللعب الجماعي ، راهنت الأرجنتين على الأسلوب الفردي الذي أظهر& محدودية تأثيره على نتائج المباريات ، بدليل ان ليونيل ميسي لم يسجل سوى هدفاً واحداً ، وسيرجيو اغويرو لم يحرز سوى هدفين ، غيما أكتفى أنخيل دي ماريا بهدف وحيد.&
&
واحتاج المنتخب الأرجنتيني إلى غربلة حقيقية ، حيث كانت عملية اختيار القائمة النهائية بحاجة إلى تدقيق في إمكانيات اللاعبين ، وهو ما كان يجب على المدرب خورخي سامباولي أن يقوم به ، ويستفيد من درس ايمي جاكي& في مونديال 1998 ، عندما قرر إبعاد نجوم المنتخب الفرنسي قبل عام عن انطلاق المونديال وفي مقدمتهم إيريك كانتونا و دافيد جينيولا و جون بيار بابان من اجل بناء فريق جديد قادر على صناعة الإنجاز لفرنسا .
&
العلاقة بين المدرب و اللاعبين
&
يستحيل على أي منتخب تحقيق نتائج جيدة في اي بطولة في ظل عدم وجود علاقة جيدة بين المدرب و كافة الأجهزة الفنية والإدارية بالإضافة إلى اللاعبين ، وهي العلاقة القائمة على الاحترام بين الجميع و تفادي الدخول في صراعات وخلافات& يدفع ثمنها المنتخب في استحقاقته القارية والدولية .&
&
وكشف مونديال روسيا بان علاقة& خورخي سامباولي& مع لاعبيه لم تكن على ما يرام ، وهو ما ظهر بشكل واضح بعد خسارة الأرجنتين أمام كرواتيا بثلاثية نظيفة ، إذ أكدت التصريحات بأن المدرب في واد و اللاعبين في واد آخر ، ولم يكن بين الطرفية علاقة تخدم المنتخب الأرجنتيني بل مجرد تعايش اضطراري فرضته الظروف عليهما لتفادي كارثة أسوأ .
&
وبدا واضحا أن نجوم "التانغو" وقفوا على تواضع كفاءة وشخصية سامبايولي ، وانه مدرب لا يصلح لقيادتهم للمنافسة على لقب كأس العالم ، في مقابل وقوف سامبايولي على نفس الحقيقة و هي استحالة القيام بمهمته في ظل هذا الشعور لدى اللاعبين.
&
فلسفة المدرب سامباولي
&
عجز المدرب خورخي سامباولي عن ترك بصمته على أداء المنتخب الأرجنتيني سواء خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم او خلال مونديال روسيا ، حيث كشفت التصفيات والمباريات الإعدادية إستعداداً للبطولة ، أن المنتخب الأرجنتيني كان مرشحا للإقصاء المبكر خاصة بعد السقوط ودياً أمام إسبانيا بستة أهداف مقابل هدف.
&
و لم ينجح سامباولي في تحديد الخطة التكتيكية الأنسب لمنتخب بلاده لكنه وجد نفسه يفعل ذلك بعد كل مباراة بالانتقال من اللعب بأربعة مدافعين إلى ثلاثة مدافعين قبل أن يعود إلى الاستقرار على أربعة مدافعين ، كما أنه لم يتخذ أي قرار تكتيكي من شأنه أن يعالج الأخطاء التي ارتكبها الفريق ، ان حتى التغييرات التي قام بها لم تكن مفهومة.
&
وظهر واضحا لسامباولي بإنه لا يملك أي سلطة على لاعبيه في المباراة ، بدليل الأخطاء الفردية الفادحة التي ارتكبها كافة اللاعبين مع تكرارها من نفس اللاعب مرات في ذات المباراة ، خاصة كثرة التمريرات الخاطئة ، فاللاعب تكون أمامه خيارات عديدة لتمريرة الكرة ولكنه يقرر القيام بعمل فردي غير مجدي دون أن يتدخل المدرب لثنيه أو توجيهه.
&
أداء ميسي المخيب
&
لا يمكن الحديث عن المنتخب الأرجنتيني في مونديال روسيا دون الحديث عن ليونيل ميسي باعتباره& نجمه وقائده و هدافه التاريخي ، وهي ثلاث صفات تخلت عن "البرغوث" في البطولة، حيث أفل نجمه و لم يلمع ، و إذ لم يسجل سوى هدفاً واحداً ضد نيجيريا ، وهو الذي أنهى منافسات الموسم المنقضي مع ناديه برشلونة الإسباني مرتديا الحذاء الذهبي كأفضل هداف في قارة أوروبا .
&
اما في ما يخص القيادة عنده اقتصرت على حمل شارة الكابتن ، فحتى النقاش على قرارات الحكم فقد تولاها خافيير ماسكيرانو أو نيكولاس أوتامندي بينما كان ميسي يتفرج .&
&
هذا وقدم ميسي قدم مردوداً فنياً ضعيفاً لا يتناسب مع إمكانياته ولا يتلاءم مع طموحاته التي سبقت انطلاقة البطولة ، حيث كان يطمح لنيل لقبها في مشاركة قد تكون الأخيرة له على الصعيد الدولي، ولكن "البرغوث" في هذا المونديال ، كان خارج النص بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، إذ من المؤسف انه لم ينجح في فرض نفسه وتقديم ما يترجم مكانته العالمية لصالحه منتخب بلاده .
&
اتحاد مضطرب
&
لا يمكن إعفاء الاتحاد الأرجنتيني من مسؤولية إخفاق أبناء "التانغو" في مونديال روسيا،& باعتباره الجهة الإدارية المسئولة عن كل ما يحدث في المنتخب الوطني ، إذ تظهر مسؤوليتة الرئيسية في فشل اختياره للمدرب القادر على قيادة كوكبة من النجوم التي يضمها في صفوفه ، فرهانه على خورخي سامباولي لم يكن صائباً .
&
هذا وجاء اختيار الاتحاد الأرجنتيني لسامباولي اعتماداً على نتائجه مع نادي إشبيلية الإسباني ، و بعدما عجز عن الإيفاء بالتزاماته المالية في ظل الضائقة التي تعاني منها خزينته ، ليتخذ سامباولي قراراً بالتكفل بدفع الشرط الجزائي للنادي الإندلسي ، ويتأكد للكثيرين بان التعاقد معه كان بدافع مالي و ليس فني.
&
وكان يتعين على الاتحاد الأرجنتيني تفادي الاستعجال في اختيار خليفة جيراردو مارتينو ، بما أن أمامهم متسع من الوقت بعد نهائي بطولة كوبا أمريكا في عام 2016 ، لكنه فضل استعجال التعاقد مع ادغاردو باوزا ثم سامباولي، مما اثر على الاستقرار الفني في صفوف "التانغو" و أعطى الانطباع لدى اللاعبين أن منتخباً يتغير مدربه ثلاث مرات في ظرف اقل من عامين سوف يصعب من قدرته في المنافسة على اللقب العالمي.
&
وبسبب عجز الاتحاد مالياً ، فقد تقلصت فترة إعداد المنتخب لمونديال روسيا ، و معها تقلصت فرص مراجعة الأخطاء و معالجتها حتى دفع ثمنها أمام فرنسا.