سجلت المنتخبات الإفريقية في مونديال 2018 بروسيا اضعف حصيلة فنية لها في تاريخ مشاركتها ببطولة كأس العالم منذ مونديال 1982 بإسبانيا ، مع تسجيل فارق بين المشاركتين ، حيث اقتصر التمثيل الأفريقي في الثمنينات على منتخبين فقط هما الجزائر والكاميرون ، بينما شهدت المشاركة الحالية تواجد خمسة منتخبات هي مصر والمغرب وتونس ونيجيريا والسنغال.

و رغم تواجد خمسة منتخبات أفريقية في مونديال روسيا ، إلا انها عجزت عن تجاوز دور المجموعات والتأهل للأدوار الإقصائية ، بعدما خرجت مبكراً من البطولة، حيث تكبد المنتخب المصري ثلاث هزائم في المجموعة الأولى ، بينما اكتفى المغرب بتعادل وحيد في المجموعة الثانية، فيما سجل المنتخب النيجيري فوزاً وخسارتين في المجموعة الرابعة ، مثله مثل المنتخب السنغالي في المجموعة السابعة و المنتخب التونسي في المجموعة الثامنة.
&
وكان الحضور الإفريقي في الأدوار الإقصائية قد شهد تواجد ممثل واحد من "القارة السمراء" منذ مونديال 1986 بالمكسيك، حيث وصل لهذا الدور كل من منتخب المغرب في مونديال 1986 ، والكاميرون في مونديال 1990& بإيطاليا ، ونيجيريا مرتين في مونديالي 1994 بأمريكا و 1998 بفرنسا ،& ثم السنغال في مونديال 2002 بكوريا واليابان ، وبعدها غانا مرتين في مونديالي 2006 بألمانيا ، و 2010 بجنوب أفريقيا ، و أخيراً الجزائر ونيجيريا في مونديال 2014 بالبرازيل .
&
زيادة المقاعد الأفريقية
&
وتؤكد النتائج التي حصلت عليها المنتخبات الأفريقية في كأس العالم أن "القارة السمراء" لم تستفد من زيادة عدد مقاعدها في البطولة ، و التي جاءت تحت ضغط النتائج الإيجابية التي حققتها بعض المنتخبات الأفريقية ، عندما كان التمثيل يقتصر على مقعدين فقط ، خاصة في مونديال 1982 مع منتخبي الجزائر و الكاميرون ، و مونديال 1986 مع المغرب الذي بلغ الدور الثاني متصدراً لمجموعته ، و الكاميرون الذي بلغ دور الثمانية في مونديال 1990.
&
و بفضل النتائج الجيدة التي حققتها منتخبات الجزائر و الكاميرون و المغرب في كأس العالم ، اضطر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى رفع عدد المقاعد المخصصة لقارة إفريقيا من مقعدين إلى ثلاثة مقاعد في مونديال 1994 بأمريكا دون زيادة عدد المنتخبات في البطولة، قبل أن يصل العدد إلى خمسة مقاعد بداية من مونديال 1998 بفرنسا ، حيث استفادت أفريقيا من مقعدين إضافيين بعد رفع عدد المنتخبات المشاركة في المونديال إلى 32 منتخباً بدلا من 24 منتخباً.
&
نتائج سلبية
&
و بالرغم من هذه الزيادة التي جعلت قارة أفريقيا تتساوى مع قارة أمريكا الجنوبية في تمثيلها العالمي& مع فارق في عراقة المشاركة بينهما ، إلا أن ممثلي "القارة السمراء" لم يستغلوا هذه الزيادة و ظلوا يودعون منافسات البطولة مبكراً ، حيث اقتصر التأهل لدور الستة عشر على منتخب واحد فقط ، والذي سرعان ما يغادر البطولة بعد عجزه عن العبور إلى دور الثمانية ، وهو الذي لم يتحقق سوى مرتين بفضل السنغال في مونديال 2002 و غانا في مونديال 2010 خلال المشاركة التي شهدت حضور 32 منتخباً في البطولة.
&
وحتى عندما استضافت أفريقيا بطولة كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا ، لم تنجح في الاستفادة من عاملي الأرض و الجمهور ، لترفع عدد مقاعدها إلى ستة مقاعد على اعتبار أن "البافانا بافانا" تأهلوا للنهائيات بحكم انهم الدولة المستضيفة.
&
ومن اللافت للنظر انه لم ينجح أي منتخب في تكرار إنجاز الكاميرون في الوصول إلى دور الثمانية ، إذ ان الوصول إلى دور الستة عشر لم يتكرر سوى ثلاث مرات مع نيجيريا ، وفي المقابل فإن منتخبات افريقية أخرى لم تنجح في تحقيق هذا الإنجاز مثل تونس ومصر وانغولا وتوغو وساحل العاج وجنوب إفريقيا .
&
اين الخلل ؟
&
رغم الإمكانيات البشرية الهائلة التي تتوفر عليها المنتخبات الإفريقية التي تضم ترسانة من الأسماء اللامعة التي تنشط في مختلف الدوريات الأوروبية الكبرى ، إلا أنها فشلت في توظيفها واستغلالها للإرتقاء إلى مصاف المنتخبات العالمية بعدما ظلت الاتحادات و المنتخبات الأفريقية عاجزة عن التطور و رفضها الانتقال إلى عهد الاحتراف الذي يساعدها على تحقيق أهدافها .
&
و لا تزال كافة المنتخبات الأفريقية ترى في بلوغ نهائيات كأس العالم سقفاً لطموحاتها و تعمل على الاستفادة منها ، والمراهنة على حظها في القرعة لتحقيق نتائج مرضية ، حيث لا يزال حضورها في المونديال يشوبه العديد من المشاكل خاصة في ما يتعلق بالجانب المالي الذي يطفو للسطح في كل منتخب عشية كل مشاركة في البطولة ، مما يدفع أعلى السلطات السياسية للتدخل لإحتواء القضية و تفادي حدوث أي فضائح توازي الإقصاء المبكر.
&
والحقيقة المؤلمة التي أفرزتها وأثبتتها نتائج المنتخبات الأفريقية منذ مونديال 1994 بأمريكا ، أنها لم تكن تستحق أكثر من ثلاثة مقاعد ، طالما أن أفضل انجازاتها في النهائيات تحقق بمقعدين فقط بفضل المنتخب الكاميروني الذي بلغ دور الثمانية في مونديال 1990 بإيطاليا ، وكان قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى المربع الذهبي لولا اصطدام مغامرته بخبرة إنكلترا .
&
واتضح من خلال تكرار سيناريو الفشل الإفريقي في المونديال أن عملية قرعة التصفيات لم تكن عادلة أو متوازنة ، والتي غالباً ما تؤدي إلى تأهل منتخبات متواضعة بفضل ضعف المنافسة في مجموعاتها مقابل إقصاء منتخبات قوية بسبب تواجدها في مجموعات حديدية ، مثلما حدث مع المجموعة الثانية في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم بروسيا ، حيث ضمت نيجيريا بطلة أفريقيا عام 2015 و الكاميرون بطلة أفريقيا عام 2017 و زامبيا بطلة أفريقيا عام 2012 ، والجزائر التي بلغت دور الستة عشر من مونديال 2014 بالبرازيل.
&
و من شأن الحصيلة السلبية التي انتهت عليها المشاركة الأفريقية في مونديال روسيا أن تدفع الاتحاد الأفريقي (كاف) إلى تقييمها و إعادة ترتيب أوراق تصفياتها بنظام يساعد على تأهل أقوى المنتخبات الأفريقية لبطولة كأس العالم ، خاصة أن منتخبات عديدة أثبتت أن مستوياتها تتراجع في النهائيات مقارنة بالتصفيات .