يرى الفرنسيون في عبارة "افريقيا هي التي فازت بكأس العالم " تقليلاً من شأن الإنجاز الذي حققه منتخب بلادهم بنيلهم لقب بطولة كأس العالم التي اقيمت في روسيا بعد الفوز على كرواتيا في النهائي بأربعة اهداف مقابل هدفين يوم الأحد الماضي.

وكانت العديد من وسائل الإعلام العالمية والجماهير الرياضية قد رددت هذه العبارة على صفحاتها وفي مواقع التواصل الاجتماعي ، كما تم ترديد هذه العبارة من بعض السياسيين من اليمين المتطرف في فرنسا المعادي للمهاجرين الأجانب ، بالإضافة إلى رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو.
&
وجاء ترديد هذه العبارة تعليقاً على فوز المنتخب الفرنسي بلقب كأس العالم بروسيا بتشكيلة يطغى عليها اللاعبين ذوي الأصول الأفريقية الذين كان لهم تاثيراً هاماً على نتائج "الديوك" بعدما ضمت القائمة الفرنسية 14 لاعباً من أصول أفريقية من أصل 23 لاعباً ، وفي مقدمتهم المدافعين صامويل اومتيتي وعادل رامي وبينجامين ميندي، ولاعبي الوسط بول بوغبا وبليز ماتويدي وكورينتين توليسو، والمهاجمين نبيل فقير و كيليان مبابي.
&
وكان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قد أطلق تصريحات يوم الاثنين الماضي ، قائلاً :" إفريقيا هي من فازت بكأس العالم "، بينما كتبت صحيفة "اوليه" الأرجنتينية عنواناً :" تتويج افريقي " مرفقة معه رسم كاريكاتيري عن حاجة فرنسا الماسة للمهاجرين الأفارقة الذين أتتون و معهم بذور انجازات كبيرة.
&
وبدورهم لم يكترث الفرنسيين للانتقادات التي وجهت لمدربهم ديدييه ديشان من قبل خبراء كرة القدم بسبب طريقة اللعب التي نال بها اللقب العالمي بعدما طغى عليها الجانب الدفاعي وغياب المتعة في أدائهم، كما لم يكترثوا للاتهامات التي وجهت لمنتخب بلادهم بأنه سرق كأس العالم من منتخبات كانت اجدر و احق منه باللقب ، مثل بلجيكا و كرواتيا ، إلا انهم تأثروا كثيراً بعبارة "افريقيا هي التي فازت بكأس العالم " ، حيث جعلتهم يشعرون بان فرنسا بدون هؤلاء الأفارقة والمهاجرين لن تكون قادرة على تحقيق اي إنجاز بهذا الحجم ، وأنها بدون اصحاب البشرة السوداء و السمراء ، لن يكون بإمكانها كرويا&
مجاراة القوى الأوروبية والعالمية الكبيرة خاصة ألمانيا التي حققت إنجازاتها بسواعد ألمانية (باستثناء مونديال 2014 ) أو اسبانيا و أو الأرجنتين أو إيطاليا.
&
وطالب المرددون لهذه العبارة ، من فرنسا وكافة الدول الأوروبية بضرورة إتخاذ إجراءات سياسية تصب في صالح المهاجرين الذين يعانون من التمييز العنصري في التوظيف و الدراسة وجوانب آخرى كثيرة خلال إقامتهم في "القارة العجوز"، خاصة ان تتويج فرنسا بمونديال روسيا و رفعها كأس العالم قد تحقق بواسطة الأقدام الأفريقية تزامناً مع فشل حكومات دول الاتحاد الأوروبي في التوصل لإتفاق حيال مشكلة الهجرة غير الشرعية بعد تدفق النازحين الأفارقة القادمين من الضفة الجنوبية للبحر المتوسط .
&
ومن اللافت للنظر ان تتويج فرنسا بكأس العالم جاء بفضل اللاعبين الأفارقة بعد سنوات قليلة من الخطوة التي كان يعتزم الاتحاد الفرنسي لكرة القدم تطبيقها ، والتي تتعلق بتحديد حصة عدد اللاعبين الأفارقة اصحاب البشرة السوداء في مدارس ومراكز تطوير البراعم الفرنسية والتي اثارت جدلاً دفعته إلى مراجعة قراره.
&
ومما عزز من مكانة اللاعبين ذو الأصول الأفريقية في المنتخب الفرنسي هو ان إنجاز مونديال عام 1998 ، قد تحقق أيضاً بفضلهم، حيث كانت تضم تشكيلة "الديوك" حينها لاعبين أغلبهم من اصول افريقية يتقدمهم زين الدين زيدان ذو الأصول الجزائرية& ،ومعه مارسيل ديسايي ذو الأصول الغانية ،& وليليان تورام ومكاليلي وباتريك فييرا.
&
ويُعاب على الفرنسيين عدم اعترافهم بفضل اللاعبين العرب و الأفارقة - من مستعمراتهم السابقة - في الإنجازات التي حققتها كرة بلادهم ، و مساهمتهم في صناعة افراحهم ، غير انهم لا يترددون في الهجوم عليهم مع اول هفوة ، مثلما حدث مع زيدان الذي لم يعترف بفضله في تتويج المنتخب الفرنسي بمونديال 1998 و كأس أمم أوروبا 2000 ، غير انه حمل مسؤولية خسارة مونديال المانيا 2006 بسبب طرده من المباراة النهائية قبل نهايتها بثواني ليحتكم المنتخبان الفرنسي و الإيطالي لركلات الترجيح وتبتسم للطيان ، إذ لا يزال الإعلام الفرنسي وبعد مرور 12 عاماً ، يرى بأن طرد زيدان هو سبب خسارة فرنسا رغم ان الخسارة كانت بسبب إهدار دافيد تريزيغيه - ذو الأصول الأرجنتينية – لركلته الترجيحية.