قال فاتور بوس نائب رئيس الحكومة ووزير المالية الهولندي إن المؤسسات الاقتصادية والمالية الهولندية، خسرت ما يقارب 250 مليون يورو جراء ازمة دبي وأن حكومته تعمل على التخفيف من هذه التداعيات على الاقتصاد المحلي، وأشار إلى ان حكومته تعمل على التخفيف من هذه التداعيات على الاقتصاد المحلي.

يعد فاتور بوس نائب رئيس الحكومة الهولندية ووزير المالية واحدًا من ألمع الوجوه في الحياة السياسيّة الهولنديّة، حيث اختير السنة الماضية أفضل سياسي هولندي لنجاحه في لجم الأزمة المالية العالمية والحد من تأثيراتها السلبية على الوضعية الاقتصادية في بلاده. وعلى الرغم مما تحمله عمليات سير الآراء من مؤشرات سلبية للحزب اليساري الهولندي الأكبر، يظل بوس الرجل الذي قاد حزب العمل سنة 2006 إلى أكبر انتصار في تاريخه على مستوى الانتخابات البلدية، وهو إلى ذلك أحد أبرز وجوه ما يسمى بالطريق الثالث، إلى جانب بلير وكلينتون وشرودر، ممن حاولوا إعادة بناء الاشتراكية الديمقراطية على نحو يتفق مع متطلبات عصر العولمة واقتصاد السوق.

وفي حوار مع quot;إيلافquot; قال الوزير الهولندي البارز في معرض رده على سؤال يتعلق بأزمة دبي، إن المؤسسات الاقتصادية والمالية الهولندية، سواء التي تعمل على الأرض في دولة الإمارات العربية المتحدة، أو المستثمرة في صناديق الإمارة المتأزمة، قد خسرت ما يقارب 250 مليون يورو في تقدير أولي، وأن حكومته تعمل على التخفيف من هذه التداعيات على الاقتصاد المحلي، كما تسعى إلى توفير ضمانات أكبر للاستثمارات الهولندية في منطقة الخليج العربي.

وفي إجابته عن سؤال يتعلق بما إذا كان موافقًا على تقرير quot;دافيدسquot; المقدم أخيرًا أمام البرلمان، الذي انتقد تبعية الحكومة الهولندية الأعمى للحكومتين الأميركية والبريطانية اللتين قررتا غزو العراق بناء على أدلة غير صحيحة، وقال بوس إن التقاليد الهولندية تفرض التزام جميع الوزراء بصرف النظر عن انتمائهم الحزبي بالموقف المعبر عنه رسميًّا، غير أنه أشار إلى ان النقد الذي وجهه التقرير لا يخص الحكومة الحالية، إنما الحكومة السابقة، على الرغم من ان رئيسهما واحد، وهو الوزير الأول يان بيتر بالكنندا.

اما بالنسبة إلى الحياة السياسية الهولندية فقال انها تدفع باتجاه تبني صياغة جديدة لقيمة التسامح التي اشتهرت بها تاريخيا، فقد كانت القاعدة القائمة قبل سنوات داخل أجهزة السلطة هي quot; لا أرى لا أسمع لا أتكلمquot; مادام الظاهر لا يوحي بما يعكر الصفو العام، لكن حادثتي القتل اللتين أوديتا بحياة السياسي quot;بيم فورتاونquot; و quot; تيو فان خوخquot; فرضتا التفكير في أهمية تطوير مقاربة التسامح على نحو لا يضر بالمسار التقدمي الذي اشتهرت به هولندا في ما يتصل بالتعددية الثقافية والحريات، و يحول في الوقت نفسه دون تراكم الظواهر السلبية بطريقة تقود في نهاية الأمر إلى الانفجار.

و أضاف بوس quot; أن التيارات والأحزاب الراديكالية، خصوصًا أحزاب اليمين المتطرف، كانت المستفيد الأكبر من حادثتي القتل المشار إليهما، وأن هذه الأحزاب سواء أكانت يمينية أو يسارية، هي ذات طبيعة احتجاجية ولا تملك برامج حقيقية لتغيير الواقع، و أن المصوتين عليها لا يمكن اعتبارهم أنصارًا لها، بالقدر ما وجدوا في هذه الأحزاب وسيلة لإبلاغ رسالة غضب لأحزابهم التقليديةquot;.

وبدا الزعيم الاشتراكي الديمقراطي الهولندي، طيلة اللقاء شديد الإعجاب بالرئيس الأميركي باراك أوباما، حيث ما انفك ينوه بسياساته وخطواته الحكمية كلما سنحت الفرصة. ومما قاله بوس بهذا الصدد quot; أن الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس أوباما قد أضحت أكثر تقدمية على مستوى السعي إلى لجم جماح اقتصاد السوق وإضفاء صبغة اجتماعية عليه، قياسًا بما هو عليه شأن الاتحاد الأوروبي، معددا مشاريع قوانين تتعلق بتحديد نسب الملكية والحد من الاحتكار وفرض قيود على الحركة المالية والبنكيةquot;.

وفي السياق نفسه، عبر فاوتر بوس عن نقده لزملائه في قيادة ما عرف في صفوف الاشتراكيين الديمقراطيين بالطريق الثالث، إذ لم يتردد في وصف سياسات كل من بلير وكلينتون و شرودر بالسذاجة السياسية، التي عولت على تفهم تلقائي لحركة رأس المال لمتطلبات السلم الاجتماعي، وهو ما ثبت عدم واقعيته بميل الرأسمالية الطبيعي للتوحش في حال غياب القوة الرادعة، المتمثلة في الدولة. وهو ما يحاول الرئيس أوباما اليوم تعديله ما استطاع، مثلما أشاد الوزير الهولندي.

على صعيد السياسة الهولندية، قال نائب رئيس الحكومة الهولندية، إنه لأول مرة في تاريخ الحكم يضطر الائتلاف الحاكم ( يضم إلى جانب حزب العمل، الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد المسيحي)، إلى مراجعة وتغيير البرنامج الحكومي مرتين، استجابة لمتغيرات السوق والحالة الاقتصادية و إكراهات الأزمة المالية العالمية.

وقال بوس إن الحكومة الهولندية مضطرة لاتخاذ إجراءات تقشفية توفير ما يقارب 140 مليار يورو خلال السنوات القليلة القادمة، وهو ما سيخلف بلا شك آلامًا للشرائح الاجتماعية المختلفة، لا بد من تحمله لضمان توازنات الاقتصاد الهولندية المستقبلية، مشددًا على إجماع كافة الأحزاب السياسية اليسارية واليمينية، في الحكم والمعارضة، على صعوبة الحالة و ضرورة إجراء إصلاحات مهما كانت مؤلمة، نافيًا في الوقت ذاته أن يكون حزبه العمل معرضا لدفع ثمن هذه السياسة، أكثر من شركائه.