هيمنت فاليري جاريت، مستشارة أوباما ذات الأصول الإيرانية، على كل كبيرة وصغيرة في البيت الأبيض، فباتت أقوى النساء نفوذًا في الولايات المتحدة، وأجرت اتصالات سرية مع طهران فور تولي حسن روحاني الرئاسة، فصداقتها بأوباما وعقيلته ميشال ضاعفت سيطرتها، التي وصلت إلى الصدام مع أوباما عينه.


أقوى ثاني شخص في إدارة أوباما... امرأة سوداء!

القاهرة: لا يؤكد الواقع داخل البيت الأبيض أن ميشال أوباما عقيلة الرئيس الأميركي باراك أوباما تنفرد بالاستحواذ على زوجها والتأثير عليه، وإنما تشاطرها هذا الحق اقرب مستشارات الرئيس أوباما quot;فاليري جاريتquot; (Valerie B. Jarrett).

ففي عصر يوم الجمعة الماضي، أُغلق الطريق quot;Rquot; بميدان quot;دوفون سيركلquot; بواشنطن العاصمة، إذ كان أوباما وعقيلته ميشال في طريقهما لمطعم quot;نوراquot; الشهير في المنطقة وربما في الولايات المتحدة، للاحتفال بعيد ميلاد quot;جاريتquot; السابع والخمسين وعلى غير العادة، أصر الرئيس الأميركي وعقيلته على حضور الحفل منذ البداية، وبلغت فترة تواجده في المطعم إلى جانب quot;جاريتquot; أربع ساعات ونصف الساعة، بحسب صحيفة يديعوت احرونوت العبرية.

وتعلم جميع كوادر البيت الأبيض أن جاريت هى اقرب المستشارات إلى أذن رئيس الولايات المتحدة، وأكثر الشخصيات تأثيراً عليه، رغم إنها لا تتولى منصباً يتسم بالقوة كبقية قيادات الإدارة الأميركية، وهو ما يعطي انطباعاً يجسده الواقع بأن المستشارة quot;غارتquot; صديقة شخصية لأوباما وعقيلته ميشال، وإنها انتقلت مع سيدة الولايات المتحدة الأولى وزوجها من شيكاغو إلى واشنطن، لتصبح كاتمة أسرار وصاحبة الكلمة الأخيرة قبل أعلى مستوى سياسي في الولايات المتحدة.

ووفقاً لصحيفة يديعوت احرونوت العبرية، لعبت فاليري دور الوسيط السري بين الولايات المتحدة وإيران، قبل إجراء المباحثات التي تمخضت مؤخراً عن إبرام اتفاق جنيف، وقالت دوائر في ردهات البيت الأبيض حينئذ إن جاريت التي تنحدر في أصولها من مدينة شيراز الإيرانية، وتجيد الفارسية بطلاقة، كانت ضالعة بشكل مباشر في القرارات التي اتخذتها الإدارة الأميركية بخصوص الملف الأكثر جدلاً في منطقة الشرق الأوسط وربما على الصعيد الدولي، وهو الملف النووي الإيراني.

إدارة اتصالات سرية بين واشنطن وطهران

وفور فوز الرئيس الإيراني حسن روحاني برئاسة البلاد في شهر حزيران (يونية) الماضي، أغدق الأميركيون رسائلهم على طهران، والمحوا فيها إلى أنهم يغضون الطرف عن خرق إيران للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، بحسب الصحيفة العبرية، التي أكدت انه قبل تلك التسريبات، كانت جاريت تدير حلقة اتصالات سرية بين الإدارة الأميركية والإيرانيين، وخلال الآونة الأخيرة انطلق اسمها في مختلف المدوّنات الالكترونية ذوات الاهتمام بالإشكالية النووية لاسيما في إيران، ورغم أن البيت الأبيض نفى جملة وتفصيلاً صحة تلك التسريبات، لكنه اعترف بها في نهاية المطاف بعد التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن حول الملف النووي الإيراني.

وتتساءل الصحيفة العبرية، لماذا بزغ نجم فاليري جاريت؟، إلا أن الصحيفة تجيب على نفسها حينما تقول: quot;يعود ذلك ربما لأصول جاريت الإيرانية، بالإضافة إلى انه لا يوجد اقرب منها للرئيس أوباما، فهى كاتمة أسراره والأمينة على كل ما يُفكر به، أو ما يعتزم اتخاذه من قراراتquot;. وكتب مدوّن إيراني يقول: quot;إن غارت أدارت قنوات اتصال سرية مع الإيرانيين، وان عدداً من وسائل الإعلام العالمية أكدت ذلك، إلا أن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي استنكرت الأمر ونعتته بالأكاذيب الإعلاميةquot;.

رغم كل شيء إلا أن غارت ليست خبيرة في الإشكالية النووية الإيرانية، كما إنها ليست دبلوماسية حاذقة حتى تسند لها تلك المهام، وليس من المعقول أن تجري بنفسها سلسلة اتصالات سرية مع مختلف دول العالم حول البرنامج النووي الإيراني من دون الكشف عن هويتها أو نشاطها، وهو الأمر الذي يلقي بعلامات الاستفهام، ويثير الفضول إلى درجة كبيرة حول مطالعة سيرتها الذاتية.

ابنة يهودي هاجر بها والأسرة إلى شيكاغو

وتشير أوراق جاريت الخاصة في البيت الأبيض إلى أنها ابنة طبيب وأستاذ جامعي، وانها هاجرت مع أسرتها إلى مدينة شيكاغو وهي في سن لا يتجاوز السبع سنوات، وفجرت جاريت مفاجأة حينما أعلنت في مؤتمر ليهود واشنطن إن والدها يهودي الديانة، وإنها انتقلت إلى واشنطن لمساندة ودعم صديقها الصدوق في البيت الأبيض باراك أوباما، وإنها حلت ضيفة دائمة على المحادثات التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مع أوباما مؤخراً في البيت الأبيض، ودافعت عن الأخير خلال الخلافات الشخصية وتباين وجهات النظر، الذي طرأ على العلاقة بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي.

أما عن حياتها الشخصية فهى قانونية مطلقة، وصنعت سيرتها الذاتية في العمل السياسي وعالم الأعمال خلال إقامتها في شيكاغو، وحينما عملت قانونية في أروقة بلدية شيكاغو، رشحت صديقتها وزميلتها القانونية ميشال أوباما للعمل عينه، وفي المكان ذاته توطدت العلاقة بينهما.

وعلى عكس مساعدين آخرين وطأت أقدامهم البيت الأبيض في عهد أوباما أو غيره من الرؤساء السابقين، لا تتولى جاريت وظيفة أو منصباً بعينه في الإدارة الأميركية، فهى ببساطة صديقة شخصية لأوباما وعقيلته، مرغوب في بقائها لدعم الرئيس، رغم ذلك إلا انه يعمل تحت جاريت عشرات المستخدمين، كما إنها تتحرك وسط حراسة أمنية مشددة من قبل الأجهزة السرية في البيت الأبيض، ويعد ذلك دليلاً على حيثيتها وأهميتها لدى أوباما وعقيلته ميشال.

بات كوادر البيت الأبيض على قناعة بأنه يُحظر الصدام مع جاريت،إلا أن رام عمانوئيل كبير موظفي البيت الأبيض سابقاً، لم يرق له انفراد جاريت بهذه القوة والمحاباة، ولعل ذلك كان سبباً في توتر العلاقات الدائم بين الطرفين، كما أن روبرت جيبس المتحدث البارز باسم البيت الأبيض، والمستشار الكبير ديفيد اكسلورود مهندس حملة أوباما الانتخابية، اللذين رافقا طريق الرئيس الأميركي بداية من مجلس الشيوخ، فرّط فيهما أوباما ولم يعد لهما وجود في البيت الأبيض، بينما ظلت جاريت باقية ومستقرة حتى اليوم في مكانها. ولا تكتفي بالهمس في أذن أوباما فقط عند إسداء النصح والمشورة، لكنها في كثير من الأحيان تصطدم بقراراته التي لا تروق لها، وتنتقد سياساته في أحيان أخرى.

دعوة لطرد quot;الصفرquot; من البيت الأبيض

ويبدو واضحاً نفوذ جاريتحين مطالعة ما نشرته مجلة quot;ناشيونال ريفيوquot; الأميركية المحافظة على لسان quot;جوبي جوزيفquot; رجل الأمن القومي الأميركي في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي quot;تويترquot;، أبدى فيها إعجابه بشخص الرئيس الأميركي باراك أوباما وقدرته على التعاطي مع كافة القضايا الداخلية والخارجية، إلا أن جوزيف أعرب في الوقت عينه عن امتعاضه من اعتماد أوباما على شخصية وصفها بـ quot;الصفرquot;، أي اللاشيء في البيت الأبيض وتدعى فاليري غارت، لكن كلمات جوزيف وتطاوله على جاريت كان السبب الحقيقي وراء إقالته من منصبه، رغم انه كان خبيراً في مسألة الانتشار النووي، وضليعاً في كل ما يتعلق بالملف النووي الإيراني.

ولعل تلك المعطيات بحسب صحيفة يديعوت احرونوت العبرية، كانت مؤشراً على نفوذ غارت في البيت الأبيض، وربما واجه ذلك العديد من الانتقادات لدى عدد كبير من المراقبين في الولايات المتحدة، وجاء في طليعتهم المحلل والكاتب السياسي الكبير في صحيفة نيويورك تايمز quot;فرانك ريدجquot;، الذي دعا في مقال مطول إلى إقالة جاريت وإبعادها عن باراك أوباما، مشيراً إلى أن فشل الأخير في العديد من القضايا الداخلية والخارجية يعود إلى التصاقه وزوجته بمجموعة من المستشارين فاقدي الخبرة، وخص منهم بالذكر فاليري جاريت، التي سعت إلى تمرير إصلاحات في الجهاز الصحي الأميركي، من دون الاكتراث بفشل إدارة أوباما فيه، وانعكاسات ذلك الخطيرة على مستقبله في البيت الأبيض، لاسيما إن رام عمانوئيل هو الآخر كان يعارض الإسراع في إجراء إصلاحات في الجهاز الصحي، لكن جاريت كانت تصر على تسريع وتيرة تلك الإصلاحات، وأعربت غير ذي مرة لأوباما عن يقينها بأن اقتراحها عليه سيعيد صورته المهتزة إلى الاستقرار أمام الرأي العام الأميركي عند النجاح في برنامج الإصلاحات.