التصريح الملفت للنظر الذي أطلقه قائد شرطة إمارة دبي الفريق ضاحي خلفان حول ضرورة مغادرة ( الجواسيس ) لأرض الخليج العربي؟ يطرح أكثر من علامة تساؤل و إستفهام حول الأبعاد الحقيقية له، وحول هوية أولئك الجواسيس خصوصا وأن حرب الجاسوسية الملتهبة و الساخنة في المنطقة قد تطورت مؤخرا و أضحى الخليج العربي كما كان شأنه في السابق عنصرا مهما و ساحة ستراتيجية من ساحات التحرك الدولي و السياسة الدولية، فمن خلاله تصاغ الأولويات و منه وفيه و حوله تدار ملفات الصراعات الإقليمية و الدولية المحتدمة؟، ولاشك في أن العملية ( الموسادية ) الأخيرة في أغتيال القيادي الحمساوي ( المبحوح ) في دبي لم تكن هي الأولى على صعيد التحرك الميداني لأهل الموساد بل كانت الفضيحة الأولى و الكبرى لذلك الجهاز في المنطقة الخليجية التي تعيش و منذ ثلاثة عقود ملتهبة على سطح صفيح ملتهب و أكثر من ساخن بسبب التجاذبات الإقليمية و أبعادها الطائفية و السياسية و بسبب التدخلات الإيرانية الفجة و الوقحة في شؤون دول المنطقة وهي تدخلات أضحت اليوم بمابة حالة عدوانية سافرة و مريعة عبرت عن نفسها بتهديدات حقيقية و إبتزازية و بأسلوب بلطجي حتى ضد من يطلق تسمية ( الخليج العربي ) على إسم الخليج، إضافة للخطط الستراتيجية المعروفة لنظام الحرس الثوري في إيران لإشعال الفتن الطائفية و محاولة تدمير أنظمة المنطقة من الداخل بمختلف الوسائل و مساعدة الجماعات الطائفية الخليجية المرتبطة بالنظام الإيراني على السيطرة على السلطة أو تأزيم الأوضاع لأقصى الحدود عبر إفشال مشاريع التنمية و التقدم و جعل التوتر سيد الموقف في المنطقة، وهنالك كلام كثير عن الدور الإيراني التخريبي لا نستطيع قوله جهارا لأنه سيثير حساسيات لا نرى داعيا لها خصوصا و إن المشروع الإمبراطوري الإيراني القديم الشاهاني قد تحول لمشروع إمبراطوري طائفي مقيت يتعمد التسلل المريع لتخريب الإسلام من الداخل من خلال إحياء النعرات الطائفية و الروايات الخرافية و تمزيق شعوب المنطقة شر ممزق، بدون شك فإن منطقة الخليج العربي تعج بمختلف أنواع و أشكال و أصناف الجواسيس من الإيرلنديين و حتى الصينيين مرورا بأهل الموساد الذين تزايد نشاطهم هذه الأيام و أضحوا مستقرين في بعض المناطق الخليجية بسبب النشاط الإستثماري و التسليحي و الإستخباري الكبير لجماعة ( حزب الله ) في الخليج العربي الذي يدير إمبراطوريته المالية بأسلوب محترف و بتنظيم متقن مع النظام الإيراني خصوصا و أن رؤوس الأموال الإيرانية قد تمكنت من إحداث إختراقات مهمة في العديد من المواقع الخليجية، وطبعا من الناحية الميدانية الصرفة من الصعب تماما التعرف على هوية أهل الموساد بسبب التغطية الأمنية و الإستخبارية و الدبلوماسية الواسعة التي يحظون بها من الجانب الأوروبي، فجميعهم يحملون جوازات سفر أوروبية و أميركية حقيقية و ليست مزيفة أبدا وكل ما قيل عن التزوير في جوازات السفر الأوروبية مجرد أوهام و تكهنات لا أصل لها من الصحة، فالإسرائيليون يحملون جوازات السفر الأوروبية و التعاون الأمني بين الموساد و جميع أجهزة
االمخابرات الأوروبية هو تعاون مصيري و حاسم و أؤكد لمن لا يعلم بأن جميع ملفات المواطنين العرب المقيمين في دول
الإتحاد الإوروبي و غيرها توجد نسخ منها في جهاز الموساد و إن التعلاون القائم بين الطرفين هو أكثر من مصيري بل أنه ستراتيجي لا تنفصم عراه وواهم كل الوهم من يراهن على حيادية الموقف الأوروبي لذلك فإن المطالبة بطرد الجواسيس الإسرائيليين من الخليج العربي يني بأنها مطالبة ستشمل فرض القيود على دخول مواطني الإتحاد الأوروبي للمنطقة وذلك ما سيصيب السياحة و التجارة و التنمية في مقتل حقيقي فالتداخل بين الإسرائيليين و الأوروبيين هو أشبه تماما بحالة ( الطفل السيامي )! فالعفرته و التغطرس الإسرائيلي ناجمة أساسا عن طبيعة وحجم التغطية الدولية الأمريكية و ألأوروبية و الغربية عموما بسبب طبيعة المصالح المشتركة، لربما يخفف الموساديون من غلوائهم قليلا و لكنهم وهذا هو واقع يعيشون حربا حقيقية مع المنظمات التي تدعمها إيران وهي قضية أكبر كثيرا من قدرة دول المنطقة على إحتوائها أو السيطرة على ملفاتها الصعبة، و أعتقد أن أخطر الجواسيس في الخليج العربي إضافة لجواسيس الموساد هم أولئك الذين حظون بالدعم و العناية و التمويل الإيراني فأولئك قد أثبتوا على مدى عقود التوتر الأخيرة على قدرتهم الفائقة و المتميزة على حرق المنطقة و التسلل في أوساطها بسهولة و يسر شديدين!!، وجواسيس إيران هم الأولى بالمتابعة لأنهم في حالة إنكشاف تام و رغم ذلك فهم يتحركون بوقاحة قل نظيرها، ستصبح أحوال دول الخليج العربي أشبه بأحوال دول الطوائف في الأندلس المفقودة مالم تكن هنالك خطة ستراتيجية عربية خليجية لمعالجة الثقوب الأمنية الخطيرة و لمتابعة و إحصاء عملاء النظام الإيراني و جواسيسه المنتشرين في العديد من المواقع الإعلامية و التجارية و الأمنية، المنطقة مقبلة على سيناريوهات غرائبية في ظل صراع الجواسيس الكوني.. إعزلوا جواسيس نظام طهران و ستعيشون في أمان.. و بعكس ذلك فالنفق القادم مظلم و مريع...

[email protected]