تختلف قرائتي وملاحظاتي عن مناشدة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأدارة الأمريكية في كلمته بمعهد السلام الاميركي وقوله quot; ان الانتصار على الارهاب لا يتحقق بالقوة العسكرية وحدها، وانما يحتاج إلى بنية مجتمعية سليمة،وإن quot;العراق يقف بشكل محايد من جميع الأطراف في سوريا وإن حكومته لا تدعم الحكومة السورية ولا المعارضة، وإنما تدعم خيارات الشعب السوري وتطلعاته إلى الديمقراطية والسلامquot;.

هذه التصريحات المثالية لاتناسب البيئة السياسية في العراق والدول العربية لسبب بسيط معروف وهو عدم وجود quot; بنية مجتمعية سليمة quot; رغم توقنا أليها. وهذه التصريحات لاتناسب مسلحو الأرهاب الأسلامي من أمراء الدول الأسلامية وأفكارهم في نوعية الأسرة المجتمعية التي يتوقون أليها، ولاتلقى أذناً صاغية من المجموعات المسلحة التكفيرية التي تصنع التاريخ العربي الحديث دينياً وسياسياً وتقوم أختطاف عينات ونخبة المجتمع السليم وقتلهم مالم يتم دفع الفدية المناسبة، ولايهتم بها من يجعل من المناطق السكنية مناطق عسكرية عازلة تؤوي القتلة ومهربي السلاح ومخازن القنابل المفخخة وتساهم في عودة موجة العنف الطائفي. والأغرب والأهم، أنها لاتُناسب صقور الأدارة الأمريكية في لجنة الدفاع والخارجية المؤيدون لسياسة التوسع والأستيطان اليهودي في الرقعة الأسرائيلية من الأراضي الفلسطينية.

العرب لايصنعون التاريخ والحضارة والتاريخ المُصنّع لهم يأخذ عنفوانه وشدته بشقين:

أ_ دول التأثير الأجنبية. ب_ مسلحو الأرهاب الديني.

فلقد أخذ الحنين الى تاريخ الارتزاق والتكفير على أعادة تصنيع التاريخ الأسلامي سلفياً وصياغته للعامة بشكل متقن. وأخذ صراع الخلافة والخلفاء وتأجيج العواطف الدينية مأخذاً قسرياً فرضوه على عامة المسلمين. نقطة جوهرية تحتاج الى معاينة وفحص وتمحيص وتحليل ومعرفة لفهم مشاركة العرب الحقيقية في صناعة التاريخ المعاصر لأجيالهم ومشاركة دول اجنبية خارجية في تركيب صُنعِه لهم.

يدعو عقلاء المسلمين الى الأبتعاد القسري عن تصنيع الدين وأفتراءات تفسير الأيات القرآنية ونشر الرسالة الألهية بطرق الدجل التخديري والفتاوى المشوهة ومنع أدخالها على المجتمع الأسلامي المدني. كما يدعو النبهاء منهم الى التعلق بالدين الأسلامي السمح وعدم التعلق بالمعتقدات الكاذبة ومنع مشاركة أهل الفتاوى في الحياة الأجتماعية اليومية وتهذيبهم وتعليمهم والتعلق بالمبادئ المستوحاة من القرأن وأنسانيته للجنس البشري.

هذه الدعوة المتفائلة تواجه بشدة من عناصر ظلامية شبه أسلامية تتمسك بخرافة وحرفية خلاف وصراع وتتداول شأنه، بحوث منظمات وهيئات في لندن وباريس ونيويورك بمشاركة عربية quot;أنتهازية النزعةquot; تتباحث في شأنه ومبرارته وقراءته وطرح أراء في الخلاف الذي دام اكثر من ١٤٠٠ سنة، بين خلافة علي وانصاره وابو بكر وانصاره ومعركة الطف ومقتل الأمام الحسين، وطرح أراء متباينة على أحقية الشيعة أو السنة في السلطة والنفوذ وحكم المسلمين.

سياسو الصحافة غارقون في مشاريعهم تصنيع الدولة ويشاركون في تشكيل تكتلات مصطنعة من شأنها قلب الصورة رأسا على عقب بفبركة الأخبار التاريخية مرةً والتهليل للصحافة والأعلام الأجنبي مرة، بأعتمادها لهم كمصدر للأخبار داخل العالم العربي نظراً للفراغ الاعلامي العربي المستقل وأستمرار عمليات التعرية والفضائح السياسية على الطريقة الغربية وسهولة أمتداد أثارها الى الصعيد الشعبي أِن كانت صحيحة أم مفبركة.

علماً بأن المسؤولية الأولى لأي رئيس حكومة هي أيقاف الجرائم وعمليات التخريب التي يضعها المسلحون المعوّجون على عاتقه، وأن يلتفت وحكومته الى جرائم من هم أصلاً في السلطة ومليشياتهم والجرائم الجهادية الخفية التي يقودوها باسم الأسلام.

ونأخذ في هذا المجال حقيقة مناورات الأخوان المسلمين وأمراء القاعدة وفشلهم تزوير التاريخ، وفشل التطرف الفارسي والعثماني في تحقيق أنتصار يعيد مجدهم التاريخي، ثم

نأخذ أيضاً التحقيقات الدولية الغربية المسيسة وزعم لجان تفتيش خاصة تابعة لمجلس الأمن في دول الأمم المتحدة التي كشفت مفارقات مذهلة وتقارير مزيفة وقامت بتوثيقها كذباً للأسرة الدولية وللصحافة العربية، كالصحف الصادرة في نيوبورك و واشنطن ولندن وجيروزليم بوست الأسرائيلية. أنه الأمر الذي يزيد من عملية تصنيع الأخبار الأعلامية المفبركة وأستمرار ألأزمة العربية للقراءة الصحيحة لمجري الأحداث في وطن لم نصنع تاريخه القديم أو المعاصر.

أستمرار الأزمة سببه بلا شك، التخطيط الأسرائيلي الغربي في تصنيع الدين الأسلامي وتسويقه تاريخياً وسياسياً للعالم العربي بذكاء ومهارة أعلامية في غاية الحذق. وبدلاً من الأنتباه وقيام سياسيو الأعلام والصحافة بأرشاد الناس الى نور الحقيقة بالكلمة الخيرة ومنع تصنيع الأخبار، وحثهم للجوء والأرتكاز تحت مظلة الثقافة والتطور الحضاري والعلمي والحث على حب السلم وتوطيد الأستقرار والتعاون الدولي وفق المصلحة الوطنية، نراهم يتبارون في صنع تاريخ أهل البيت النبوي الشريف وتاريخ الخلفاء.

يتكلم أحد الصحفيين عن (الحرب الإيرانية القادمة في الخليج) وبخرافة وعقلية صدام وحروب الجاهلية، ويرى بمجهره التحريضي الفضائي ظهور الطلائع الأولى الأيرانية الجذور، وعلى حد قوله quot; اسُتنفارها العناكب والعقارب والأفاعي من جميع الثقوب والجحور والخرائب وكلها صناعة إيرانية من النوع الممتازquot;. وتجتمع قوى أعلامية عربية أخرى حول نفس الموضوع في لندن لتحليل المتغيرات الاقليمية و الدولية ولتعليق العراق بمحنة أقليات الاحواز والإنتهاكات الخطيرة التي ترتكبها السلطة الفارسية على الساحة الأحوازية، وقوى أعلامية أخرى تتحدث عن المجازر التي ترتكبها السلطة العثمانية في تركيا ضد الأكراد وأهل سوريا والعراق، وضرورة دخول العراق( المنكوب أصلاً ) في صراع عراقي- تركي أو عراقي ndash; أيراني.

هذا الموقف الغريب لبعض الاقلام الوطنية وبعض المثقفين والسياسيين، وقيامهم بالتعبئة التكفيرية يضفي على هذه الاكاذيب نوعا من المصداقية عند خلط الحقائق لأننا كنا فعلاً قد مررنا بحروب طائفية أسلامية مع هذه الدول على مر التاريخ،ولم تضيف هذه الحروب غير المآسي للجيل القديم والآن للجيل الناشئ، ولكن ذلك لايعني بالضرورة أستمرار الأقلام الوطنية الحرة التحريض على هذه الحروب وتصعيدها بخبث غرضه تفكيك العراق والتفريط بأرضه وأبنائه.

نحن لم نصنع هذا التاريخ لأنفسنا ولن نصنع هوية للدين الأسلامي والمذهب، وماعلينا أِلا أن ننبه كُتابنا ومثقفينا وأجيالنا المهنية الشابة الى ماهو مطلوب منهم ومساهمتهم دون لف ولا دوران في التعريف بهوية الأنسان ودوره في المجتمع والتعريف بالهوية الأخلاقية التي يحملها في عقله واقناع الناس بالتخلي عن صنع المعتقد الديني وفبركة صناعة التاريخ السياسي له وقراءته بأهواء المذاهب والمعتقدات التي تهدد الأمن المالي والتماسك الاجتماعي للأسرة. فالتاريخ كان قد تم صنعه وصاغه لك ولي والأخرين، الخلفاء الراشدين منذ وفاة الرسول الأعظم محمد (ص)،ونشر الرسالة وتتبع المسلمون من كل حدب وصوب تعاليمهم ونفوذهم الديني والسياسي منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، لايعيش احد منهم بيننا اليوم، والعقل السياسي في النهاية وجيل ينتظر التقدم،لايحتمل مناظرات قميص عثمان وأحقية تاريخية وصراع مذهبي فكري فلسفي أخذها معه تحت التراب من عاش تلك الفترة.

والخطورة في هذا الموضوع هو أن التاريخ السياسي المعاصر مازال يستمد جذوره من التأثير السحري للأسلام السياسي من معركة الجمل وقتال المسلمين فيما بينهم (90 ألف قتيل ) ويأخذ بنا بعصبيات الجاهلية الى الفترة الزمنية المعاصرة لشعوب تعيش في أنظمة ذليلة يعيش سكانها مابين أسرى وقتلى ورهائن وتهجير وتحتقر فيها الرجل المتعلم والمرأة المثقفة ومن السذاجة أن يتم التفكير في وجود ثقافة كاملة دون تعليم الأجيال الشابة كيفية نبذ العنف والتخلي عن فكرة الجهاد في بلاد عربية، وقادة يتباهون بظهور عسكري وينادون في بياناتهم رسمياً نشر سموم جديده وممارسة مراسيم القتل والذبح والتهجير واللجوء عند الحاجة الى طلب مساعدة المستعمرين الأوائل من فرس وأتراك وفرنسيين وبريطانيين والأمريكيين والتباكي على أبواب المنظمات الأنسانية بصراخ النجدة ومد يد المساعدة الأجتماعية والصحية. أهذا هو العالم العربي بأسلامه اليوم؟

ماصنعه الأجانب المحتلون هو السماح لعالم عربي مضطرب بزيادة الأضطراب وعدم الأستقرار الأجتماعي. فأدخلوا ذئاب العالم بأسم الأنسانية لأغتصاب بغداد والقاهرة وطرابلس والشــام وذبح أبائنا وأمهاتنا وأولادنا، وجلبوا القتله والسفاحين السلفيين من الجزيرة وبلاد الشيشان والأفغان والقوقاز وايران وتركيا وعصابات من ليبيا وتونس وساندوا مجرمي القاعده وطالبان وأستسلموا للمال الحرام لتدمير وأضعاف وتركيع عالمنا العربي وأرضنا العربية الملطخة بالدم ومنح أراضيه لدولة أسرائيل توسيعاً لرقعة الأستيطان اليهودي.

التاريخ المصنوع لنا هو الانحناء التام للعم سام والولاء والخنوع لمنظمات ومخابرات تقود المرتزقة وتوجه مهامهم بأغراءات حلف الاطلسي ومؤتمرات التأمر الغربي في لندن وواشنطن وجنيف. التاريخ الذي لم نصنعه لأنفسنا هو تاريخ ضياع ألأمن القومى العربى وهو تاريخ العروض المقدمة الواحدة تلو الأخرى للرؤساء وقمم الجامعة العربية الذين تولوا الأرادة الشعبية من صدام الى مبارك الى حافظ الأسد والقذافي، وعروض جديدة مازالت على الطاولة لبشار الأسد لأعادة أعتبار هيبته كرجل السلام والطبيب الواعي المحب لشعبه أو أساءة أعتباره بضجة أعلامية ونعته بقاتل دكتاتوري أهوج يذبح شعبه ويعمل على تهجيره. والمواطن العربي الآن له حق الأختيار والتعبير بأتباع أحدى الذيول، وذلك أِما باللجوء الى حمل السلاح ضد النظام العراقي، السوري، المصري، الليبي، السوداني، التونسي، الجزائري، اليمني أو القبول بحمل الهوية الوطنية للنظام الذي لايؤمن بشرعيته

الخلاصة، نحن لا نستطيع صناعة تاريخنا العربي المشرق الذي نصبو وأبنائنا أليه بعدما أصبح للذيول الاجنبية ذيول أضافية سامة وفقدنا جوهر الحكمة وهي أن الدين والأخلاق رابطة متكاتفة واحدة لاينبغي على المسلم فتحها.

باحث وكاتب سياسي