quot;مرسي يا إستبن .. رجعناك السجنquot;.. هذا الهتاف الذي ردده معظم المصريين اليوم (4 نوفمبر 2013)، هو أكبر دليل علي أن quot;الشعب الحرquot; هو الذي ينتخب ويثور ويعزل الرؤساء ويحاكمهم ويسجنهم أيضا، فالصناديق الانتخابية لا تصنع الشعوب وإنما الشعوب هي التي تصنعها وتمنحها هذه القيمة ناهيك عن معني اللعبة quot;الديمقراطيةquot; في كل مراحلها. الرئيس المعزول دخل (القفص) الحديدي quot;بالفعلquot; مع 14 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، في أولي جلسات المحاكمة ndash; في أول قضية تنظر ضده (قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية) نظرا لأن قضاياه كثيرة وكبيرة بحجم الأهرامات ndash; ثم نقل المعزول إلي سجن quot;برج العربquot; بالتزامن مع ترحيل باقي المتهمين من جماعته.
في تصوري أن عزل المصريين لمرسي ودخوله القفص (ومحاكمته) أبعد قليلا من تاريخ 30 يونيو أو حتي 4 نوفمبر، لأنه عزل (ويا للمفارقة) في نفس يوم اعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية، حيث تأكد للجميع أنه ليس رئيسا لكل المصريين وإنما (لأهله وعشيرته)، وظل طوال العام الأول والأخير من رئاسته لبلد من وزن مصر يمارس (بإقتدار) السمع والطاعة لجماعته فقط في نفس الوقت الذي أغلق فيه كل حواسه الطبيعية ومسامه السياسية عن الشعب المصري.
لكن السبب الأعمق في تقديري لعزل المصريين لمرسي كرئيس ورفض جماعته علي المستوي الشعبي، كان بسبب quot;الدينquot; وليس quot;السياسةquot;. فقد تعامل الإخوان مع المجتمع المصري بعد وصولهم للحكم علي أنه (مجتمع جاهلي كافر) يجب فرض quot;الإسلامquot; عليه بالقوة حسب quot;حاكمية سيد قطبquot;، وأصر مكتب الإرشاد في أول اجتماع له في quot;المقطمquot; وبأوامر من التنظيم العالمي: الإبقاء علي الشعار الشهير للجماعة (سيفان متقاطعان تحتهما كلمة quot;وأعدواquot;.. وهي بداية إحدي الآيات الدالة علي القتال في القرآن الكريم)، وأكد المعزول نفسه (بالصوت والصورة) هذا المعني حين وقف أمام جامع عمرو ين العاص قائلا: quot;سنعيد الفتح الإسلامي لمصرquot;!
quot;مصرquot; في نظر للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين (الذي يدار من لندن) ليست quot;وطناquot; مستقلا له حدود معترف بها، وإنما هي إحدي ولايات دولة الخلافة الإسلامية العظمي، والجيش المصري (بالتالي) يجب أن يحمي (الدين كما يتصورونه هم) لا أن يحمي (الوطن) وهذا يفسر الحرب الشرسة (بكل الأسلحة المتطورة) ضد الجيش الثاني والثالث في مصر التي يخوضها الإرهابيون من جنسيات مختلفة، ويديرها التنظيم العالمي للإخوان والتنظيمات التابعة له كالقاعدة وجبهة النصرة والجهاد الإسلامي والجماعة الإسلامية وغيرها، في شبه جزيرة سيناء ومحافظات مدن القناة فضلا عن الدلتا
ما كان يخطط له (ويتمناه) التنظيم العالمي (وفقا لمشورة كبار المحامين الدوليين في أوروبا وأمريكا) هو (إجهاض محاكمة مرسي) بكل السبل الممكنة حتي لو سالت دماء الآلاف من المصريين وهدمت المرافق الحيوية (كالإعتداء علي قناة السويس تحديدا)، حتي يمكن فتح ثغرة قانونية في الخارج و(مقاضاة النظام المصري) أمام المحاكم الدولية مع (تدويل قضية الإخوان المسلمين) .. ولذلك صدرت الأوامر بالتصعيد قبل المحاكمة الأولي في quot; 6 جامعات مصريةquot; بالنزامن مع قطع الطرق الرئيسية وإثارة الفوضي والاعتداء علي ممتلكات الأقباط وكنائسهم وتفجير الكمائن الثابتة للشرطة والجيش معا!
اليوم خسر التنظيم العالمي للإخوان المسلمين (من أول جولة) ولا أقول أنه خسر quot;الجولة الأوليquot;، وتلك خيبة أمل كبيرة ستظهر تداعياتها الكارثية (لاحقا) إقليميا وعالميا. فلم يستطع الإخوان أن يحشدوا (سواء بالأجر أو التعاطف) أكثر من عشرة آلاف متظاهر (ومخرب) في كل محافظات مصر اليوم، وهي نسبة أقل بكثير مما كان متوقعا من قيادات الجماعة نفسها في الداخل، (ومنتظرا منها في الخارج) حيث أصيب أقطابه بصدمة شديده ..
ما يراهن عليه التنظيم العالمي للإخوان هو ضعف الحكومة المصرية الحالية وتراخيها (المريب) وعدم الحسم والحزم، وهذا معناه (غياب الدعم السياسي) عن quot; أجهزة الأمن quot;المختلفة التي تواجه (وحدها) حربا لا هوادة فيها مع تنظيم عابر للقارات وفضائية إعلامية موجهة وتنظيمات إرهابية علي الأرض..
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد