جاءت العملية الارهابية الغادرة التي نفذها تنظيم "داعش" ضد قوات التحالف العربي لدعم الشرعية الدستورية في اليمن الشقيق، والتي استشهد فيها أربعة من أبناء دولة الامارات العربية المتحدة لتؤكد أن قرار القيادة الرشيدة في دولة الامارات العربية المتحدة بشأن المشاركة في العمليات العسكرية في اليمن كان قراراً استراتيجياً حكيماً وصائباً بل ويمثل رؤية استشرافية واعية لمالآت الوضع في هذا البلد الشقيق.
إن ظهور تنظيم "داعش" في اليمن يؤكد خطورة ترك الساحة اليمنية مستباحة للتنظيمات الارهابية، وهو البلد الذي يمثل خاصرة لدول مجلس التعاون ومن الصعوبة الاكتفاء بمتابعة تطورات الأوضاع فيه بدعوى البعد الجغرافي والخوف من تقديم تضحيات بشرية ومالية في سبيل معركة الدفاع عن الشرف والحق بل والأرض والعرض في هذا البلد العربي الأصيل.
الجميع يعرف تماماً ماذا فعل داعش في سورية والعراق، ولا يرضى عاقل بأن يكرر هذا التنظيم الوحشي أفعاله المشينة في أبناء اليمن الشقيق وعائلاته وقبائله، ولا يمكن الصمت حيال احتمالات تمدد تنظيمات الارهاب جميعها في اليمن أو غيره من الدول العربية.
كنت منذ البداية، وحتى الآن، أرى خطورة تقسيم التنظيمات الارهابية إلى فئات وشرائح ومنح كل شريحة منها أولوية ما، بمعنى اعتبار بعضها "معتدل" أو "لا يمثل خطورة آنية" مثلما أو يعتقد غيرهم في تنظيم "القاعدة" وفروعه مثل "جبهة النصرة" أو غيرها، فكلهم وجوه متعددة لفكر واحد وهدف واحد، ولا ينبغي مطلقاً بناء رؤى متعددة حيالهم، لأن في ذلك خطورة بالغة، فهذه التنظيمات تقدم نفسها باعتبارها مختلفة فكرياً وأيديولوجياً وتتظاهر بهذا الاختلاف وتمارسه عبر ساحات الانترنت، ولكنها تصطف في لحظة واحدة معاً وتستهدف كل من تراه عدو لها.
من هذا المنطلق حذرت مؤخراً من تمدد تنظيم داعش في أفغانستان، والآن أستشعر خطراً داهماً من العمليات الارهابية القذرة التي ينفذها هذا التنظيم في اليمن، ولا أرى سوى ضرورة تكثيف التحالف العسكري العربي ضرباته ضد جميع التنظيمات الارهابية في اليمن، وفي مقدمتها جماعة الحوثي وميلشيات صالح والقاعدة وداعش، لأن بقاء هذه التنظيمات على أرض اليمن ينطوي على خطر بالغ ضد أمن دول مجلس التعاون واستقرارها.
إن الدماء الاماراتية والخليجية الذكية التي تسيل على أرض اليمن هي ضريبة غالية للحفاظ على أمن بلادنا واستقرارها، فجنودنا الاماراتيين البواسل ورفاقهم من دول مجلس التعاون يتصدرون المشهد الآن للزود عن الحياض، ويخوضون معركة الشرف والدفاع عن القيم والحضارة ومكتسبات النهضة والتنمية في دولنا كافة ضد أعداء الحضارية والمدنية والانسانية. والغريب أنه في خضم معركة الشرف هذه نجد أصوات مأجورة في المجتمع الدولي تتهم قوات التحالف العربية بالتورط في انتهاكات ضد الانسانية في اليمن الشقيق، وكأن هذه المنظمات أقرب إلى شعب اليمن منا في دول الخليج العربية، وهي لا تعرف عمق صلات الرحم والقربى بيننا وبين الأشقاء في اليمن، الذي لا نتعامل معه باعتباره دولة مجاورة بل هو جزء أصيل من التركيبة السكانية والقبلية لديموجرافيا دول مجلس التعاون، ونحرص عليه وعلى أهله كل الحرص، فهم بالأساس أهلنا الذي نعتز بهم وندفع بأغلى مالدينا من موارد بشرية للدفاع عن أمنهم واستقرارهم.
إن التحالف العربي في اليمن بات في مهمة تاريخية لمواجهة تحالف الشر الذي يضم الحوثييين وميلشيات صالح والقاعدة وداعش وغيرهم من التنظيمات الارهابية التي شاءت الأقدار أن تتكالب على اليمن الشقيق وتضاعف محنته، ولكن الله غالب إن جنودنا وقواتنا في اليمن لا تقاتل عدو تقليدي بل تواجه تنظيمات خسيسة لا تحارب سوى بالخيانة والمؤامرات والدسائس، وليس لها من رادع سوى بسالة هؤلاء الأبطال وشجاعتهم واقدامهم على استئصال جذور الفتنة ووأد كل عوامل الشر وتنظيماته على الأرض اليمنية.
إن معركة تخليص اليمن من براثن الارهاب وتنظيماته واحدة من الملاحم التاريخية، وينبغي على المجتمع الدولي أن يدرك جيداً قيمة مابذلته دول التحالف العربي حين بادرت إلى التصدي بشجاعة لجماعة الحوثي في اليمن، فلولا هذا الموقف الشجاع لكان للمنطقة شأن آخر، ولكان الجميع الآن يبكون على اللبن المسكون، والتضحيات البشرية الغالية التي قدمت في هذا المعركة ستظل رمز للدفاع عن الشرف والقيم والحضارة الانسانية، ناهيك عن الأمن والاستقرار ومكتسبات الشعوب العربية التي باتت تشعر بقلق بالغ إزاء مايدور من حولها إقليميا ودولياً.
وأخيرا أقول لو لم يكن الحق في صف دول التحالف العربي ماتراجع الحوثي الخبيث عن موقفه تحت وطأة الضربات العسكرية، وما كان أعلن في رسالته الأخيرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة عن رضوخه للشرعية الدولية والتزامه بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة اليمنية، فهذا الرضوخ ليس سوى تأكيد جديد على أن التحالف العربي يخوض معركة الحق والعدل في اليمن، وأن دماء الشهداء الذي سالت في هذه المعركة لن تضيع هدراً بل كتبت تاريخاً جديداً لليمن، وسجلت بأحرف من نور مواقف شجاعة لأبطال الامارات وجنودها البواسل وشعبها وقيادتها الرشيدة.
إن المواقف الحاسمة تحسمها قيادة حاسمة تقدر الأمور بقدرها، ولا تنظر إلى مايرعب الجبناء ويثير مخاوف السفهاء، ونحمد الله أن رزقنا الله في هذه اللحظة التاريخية الاستثنائية قيادات قادرة على حسم أمورها واتخاذ قرارات شجاعة تستند إلى دعم وولاء واصطفاف شعبي منقطع النظير ولا شك ولا جدال فيه.
&