&

الفترة الأخيرة شهدت تراشقاً إعلامياً بين بعض الإعلاميين المصريين والسعوديين، الأمر الذي كان له تأثيره السيء على العلاقة بين الشعبين الشقيقين، رغم أن العلاقة بين الحكومات عميقة ومتينة وتاريخية، وإن كانت هناك اختلافات في وجهات النظر حول بعض الملفات الشائكة بالمنطقة، خاصة الملف السوري على سبيل المثال، لكن هذا لا يعني أن هناك خلافات في السياسة العامة أو الثوابت الإستراتيجية في العلاقة بين الدولتين اللتين تمثلان رمانة الميزان في السياسة العربية والدولية، باعتبارهما من أهم الدول ذات الثقل السياسي والعسكري بالمنطقة..

من هنا تحترم القيادات السياسية هذا التقارب وتحرص عليه، في نفس الوقت الذي يخرج فيه بعض الإعلاميين "غير المسؤولين" عن النص، ويحاولون بث سمومهم الصحفية والفضائية لتعكير صفو هذه العلاقة، وإشعال نيران الفتنة بين الدولتين الكبيرتين، إلا أن محاولاتهم تذهب أدراج الرياح، وتسقط تحت أقدام العلاقات القوية بين الحكومات الحريصة على استكمال مسيرة التكامل والأخوة رغم انف الحاقدين من الإعلاميين الذين يعون زوراً وبهتاناً أنهم قريبون من السلطة، أو يمثلون وجهات نظرها..

وهذا التطاول من بعض الإعلاميين من الجانب السعودي، قوبل ببيان شديد اللهجة من جانب وزارة الخارجية السعودية، والذي أكد أن بعض هذه الاسماء، لا تمثل إلا نفسها ولا علاقة لها بوجهة نظر الحكومة السعودية، حتى تفوت الفرصة على بعض المتسلقين، الذين ينفخون في النار ويحاولون إشعال الفتنة بين الكبيرتين..

ومن المتوقع ان تصدر وزارة الخارجية المصرية أو الرئاسة بياناً ايضاً، لتؤكد فيه أن بعض الإعلاميين المصريين الذين يهاجمون المملكة، لا يمثلون سوى أنفسهم، وليس لهم علاقة بالقيادة أو الحكومة كما يدعون ويشيعون، ويأتي على راسهم المدعو إبراهيم عيسى "أبو حمالات"، الذي يجلس في "التكييف" بالاستوديو ويواصل التنظير والفتي والهجوم على السعودية، بأسلوب غير مسؤول، بغض النظر عن النتائج الوخيمة التي قد تنتج عن هذيانه السياسي، وإذا كان عيسى يدعي أو يشيع أنه من المقربين للرئيس السيسي، فهذا غير صحيح، وقد يتفاجأ برد فعل عنيف من الرئاسة بحال تماديه في محاولة تخريب العلاقات بين مصر والسعودية.. خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تستدعي توحيد الكلمة لمواجهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة بأسرها، ويحاول النيل من مقدراتها ونهب ثرواتها وتركيعها لصالح إسرائيل، وإيران أيضاً!

لا شك أن الإعلام غير المسؤول، يساهم بشكل كبير في شيوع حالة من الاحتقان، على الاقل بين الشعوب، الأمر الذي يستدعي كبح جماح بعض الإعلام "المنفلت"، في مصر على وجه الخصوصن فليس من المنطق أن يهاجم دولاً كانت لها وقفة تاريخية مع "أم الدنيا" حتى خرجت من كبوتها، في الوقت الذي كانت فيه على وشك الغرق في نهر الخريف العربي، لتضيع مثل الدول التي ضاعت بلا عودة!

والغريب أن بعض الإعلاميين، في حالة غياب وعي، وليس على دراية بالمرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة العربية، ويعتمدون الإثارة والبحث عن الشهرة، وإثارة الفتنة بين الدول الصديقة، رغم أن الموقف لا يحتمل، ويحتاج إلى تقدير المسؤولية، والسير على الطريق الصحيح، ليدفع بالأوطان إلى الأمام، ويحميها من المتربصين بها، فمسؤولية الكلمة لا تقل أهمية عن مسؤولية القيادة، في الزود عن الوطن والعبور به إلى بر الأمان.

لكل هذه الأسباب، لابد من احترام ميثاق الشرف الإعلامي، الذي أطاح به بعض الإعلاميين المصريين، تحت عجلات الاستهتار، والمصالح الشخصية، وبعد أن كان الإعلام مرآة المجتمع، يشخص أمراضه ويعالج قضاياه، تحول إلى "سبوبة" وتجارة رخيصة غير أخلاقية تصيب جدران المجتمع بالتصدع، وتجعله عرضة للانهيار.

يا سادة، الإعلام أمانة في رقاب القائمين عليه، وإذا أسيء استخدامه قد يهدم أوطاناً، ويقضي على مستقبل شعوب، طالما أن هناك دخلاء عليه، لا يعوا رسالته وخطورته في ذات الوقت.

&

كاتب مصري

[email protected]