تناقلت وسائل الاعلام صور ومعلومات عن قيام اشخاص بتحطيم شواهد ونبش قبور عائدة للاشوريين في كركوك.

&الاشوريون ينتمون الى جنس البشر، وموطنهم الشرق الأوسط، مركز تواجدهم في العراق ولكن أراضيهم وقراهم امتدت الى ايران وتركيا وسوريا، والانتماء للجنس البشري ولهذه المنطقة، جعلهم يمارسون ممارسات متشابه مع بقية سكان المنطقة ومنها ان يكون لموتاهم قبور وشواهد.و ينتمي الاشوريين في الغالب الى الطبقة الوسطى من المجتمع، هذا اذا كان يصح لنا ان نقول ببقاء طبقة وسطى في العراق الحالي. وبالتالي فان قبورهم تكون عادية ولا تكون بارزة ومحاطة بقبب او ما يشعر الناس بغنى صاحبها كما ان القبورلا تحوي مجوهرات او مواد ثمينة، فهذه العادات لا يمارسها الاشوريين بمختلف طوائفهم. ومنذ سنوات طويله عممت كنيستهم تصميما بسيطا وغير مكلف ولا يثقل أهل المتوفي، لقبورهم، وقد التزمت الغالبية به الفقير او الغني.

قد يكون من فعل هذه الفعلة من الصبية ممن تاثر باراء محددة، وليست خلفهم أي توجهات او مخططات بعيدة المدى، غير اظهار الكره وعدم الاحترام المنقول من البيئة للاخر. وفي هذه الحالة المسألة يمكن تجاوزها، ولكن على الدولة ان تنتبه لما دفع هؤلاء الصبية لاقتراف هذا العمل الصبياني، وفي الغالب ان الانتباه يجب ان يكون من خلال تطبيق القانون ووجعل القوانين صارمة اكثر وخصوصا في ما يتعلق بشرخ الوحدة الوطنية، ومن خلال التركيز على اعلام الناس ان العراق وإقليم كوردستان وكركوك هم جزء من هذا العالم ولايمكن ان يعيشوا منعزلين عنه، وان مثل هذه الممارسات تعطي صورة مشوه عن البلد وعن سكانه، وبالتالي سيتحمل البلد عقبات ما يمارس على ارضه ضد الاخرين، وعدم تقبله أبناء البلد ممن لا يؤمنون بدين الأكثرية.

ولكن ممارسات كثيرة وعديدة تمارس ضد أبناء الديانات الأخرى، توحي بان المسألة ممكن ان تكون ضمن الاستهداف المخطط، وليس عملا صبيانيا ابدا. وهذه الممارسات هي استهداف المندائيين وفرض الاسلمة عليهم وخصوصا في بعض البلدات مثل الفلوجة، والازيدية وقضيتهم باتت معروفة عالميا من خلال السبي وبيع الفتيات في سوق النخاسة والاعتداء الجنسي حتى للأطفال، وقتل الكثير من الشباب والشيوخ والنسوة الكبار في العمر، وهو الامر الذي عانى منه أيضا المسيحيون من استهدافهم كافراد او استهداف كنائسهم ومعابدهم ومدنهم وقراهم. بحيث ان مدينة مثل الموصل التي لم تخلى من المسيحيين منذ قدوم المسيحية الى هذه الاصقاع في القرن الأول الميلادي، باتت اليوم خالية منهم. من هنا نحن نعتقد ان بعض الأطراف المتطرفة والتي تعمل بنفس نهج داعش، ولكن بصورة أخرى لوقوعها في ظل سلطة اقوى، وهي سلطة إقليم كوردستان، هي التي تقوم بهذه الاعمال مرسلة رسالة للمسيحيين بان وجودكم غير مرحب به.&

ولكن قد يتبادر الى الذهن لماذا القبور وشواهدها، باعتقادي ان القبور وشواهدها هي شاهد محايد وذو مصداقية على وجود الانسان حامل هوية معينة على الأرض واستمراره فيها. ان من يخطط لمثل هذه الامر لا يريد ان يقلع المسيحيين من هذه الأرض فقط، بل يريد ان يزيل وجودهم من ذاكرة الأكثرية، من خلال محو كل اثارهم واهمها قبورهم. لان هذه الأكثرية ستقارن احوالهم وأسلوب عيشهم حينما كانوا مع المسيحيين والان. كما يقارن العراقيون حياتهم اليوم بما كانوا يعيشون فيه أيام كان اليهود في العراق.

المسيحييون الاشوريون، ليسوا أصحاب ارض فقط، بل هم رئة يتنفس الاخرون من خلالها الجديد الذي يحدث في العالم، سواء كانت اراء وأفكارا او أزياء او ماكولات او فنون، لقد كان المسيحيون دوما حلقة الوصل بين المجتمع العراقي والعالم الخارجي، وهذه رسالة يراه البعض خطرة على الأكثرية التي يريدونها على فكر وراي وزي واحد، وكلما تقاطعت مع العالم كان ذلك افضل.

قبل اشهر ليست ببعيدة قام المتعصبون وحملة الأفكار التكفيرية، بهدم حتى اثار البلد التي تظهر تقدمه ومدى تاثيره على الحضارة الإنسانية، كما في نمرود والحضر ودير مار بهنام ومتحف الموصل وغيرها من المناطق. ان هذا يبين مدى كرههم للحضارة والتقدم وكل ما يذكر الناس بضرورة التطور، لان التطور في عرفهم هو الخروج عن الدين، كما يعرفوه هم.

اذا، الدافع والقائم بهذه الفعلة، في عرف الأكثرية ونتيجة لما سبقها، ليس صبيا والعمل ليس صبيانيا، بل رسالة امكن ارسالها بهذه الطريقة، ولكن نتائجها تلتقي مع ما مارسته وتمارسه داعش.