&في فضاء الحرية الواسع والذي بلا حدود في بريطانيا... أتابع برنامجا بريطانيا ’يبث كل احد على قناة ال بي بي سي الإنجليزية تتشابك فيه الثقافة مع الفلسفة لبحث قضايا فكرية شائكه تتطرق لكل ما لا يستطيع العلم تفسيره وقد يبدو غير عقلانيا وقد يكون محل حوار شائكا أو إختلاف عميق جدا في الرأي يؤثر في العلاقة السلمية في المجتمع وقد يؤدي إلى تفسخ فيه.. لتعقلنه وتخرج بنتيجة تساهم في ردم الفجوات بين البشر لتجعل للحياة طعما يخلو من المرارة او التعصب.. وتساهم في ربط كل إنسان بالآخر بمعنى إنساني.. وشاء حظي في ذات اليوم أن أشاهد برنامج البيت بيتك لإحدى القنوات المصرية.. مع أحد رجال الدين والذين عادة ما أتفادى الإستماع لهم.. إلا أنني والحق ’يقال وقد تكون المرة الأولى التي أسمع فيها حوارا عقلانيا جادا يضع يده على المشكلة الكبيرة التي يتحرّق بها العالم العربي.. ويضع بعض الحلول التي اتفق معه فيها.. وإن عتبت عليه وربما لضيق الوقت عدم البحث في قضية المرأة والتي اعتبرها نقطة التحول المجتمعي الذي نريده.. ولكن ما لفت إنتباهي.. بأن الحلقتين العربية والإنجليزية ’يكملان بعضهما البعض. وسأترك للقارىء الحكم.. ولكن وبعد قراءة المقالة الثانية قريبا..

إسم البرنامج الإنجليزي.. السؤال الكبير.. في حلقة الأحد 31-5.. كان السؤال المطروح.. هل الله هو المشكلة في عالم اليوم !!!

لم يكن المتحاورون رجال دين فقط بل كانوا خليط من رجال الدين والبعض ممن هم معروفون في الوسط الأدبي والفلسفي والثقافي.. إضافة إلى خليط مكمل من المجتمع البريطاني..

بدأ البرنامج بسؤال ما هو الله في الأديان.. ففي اليهودية هو الغيور والمنتقم الذي يأمر بالقتل.. وفي المسيحية هو الخليط الثلاثي ما بين الأب والإبن والروح القدس.. وفي الإسلام هو الذي لا نستطيع رؤيته ومعرفته ولكنه يرى كل شيء ويسيطر على كل شيء.. وقدير على كل شيء..

هل هو موجود؟؟ وهنا تفاوتت الأجوبه تبعا لإختلاف درجة الإيمان من عدمه.. وأيضا لأن البحث العلمي لم ’يقر بوجوده.. وأتفقوا على أن هذا السؤال قد يكون لب المشكلة. ولكنهم اجمعوا على أنه وفي حالة الإيمان بوجوده فهذا أمر جيد ولكن نحن البشر الذين علينا مسؤولية التحكم بما نؤمن بأنه الطاقه الإيجابية التي تسعى إلى تجديد القيم التي تربط بيننا.. ووأد أي صفة أخرى له تعمل على هدم أي من هذه القيم..

هل الله ذكر أم انثى؟؟ إتفقوا بأن الله لا جنس له وليس بذكر أو أنثى بل هو الرابط الإنساني الذي يجمع بين الذكر والأنثى.. ولا ’يفرّق بينهما.. وأن الإنسانية التي هي من رجل وإمرأة هي ما ’يمثّل صورة الله على الأرض..

أحد الموجودين والذي كان ’يمثّل ديانة السيخ.. قال بأن لا وجود لعامل الخوف بين معتنقي ديانته لأنها لا تؤمن بوجود جنة ولا نار.. بل حياة متواصلة تلتزم باخلاقيات كل القيم.. لأن الله واحد موجود في كل مكان وفي كل إنسان بلا جنس ولا هوية. هو روح وطاقة تمتلىء بالخير.. لتجعلنا نراه في كل إنسان آخر..

من أطرف تعليقات احد الحضور.. أن الله صاحب روح سعيدة تحمل روح نكته وهزل لتجعل الحياة مليئه بالسعادة والضحكه.. مما يجلب للإنسان السعادة والإطمئنان والفرح..

للأسف غاب أي من رجال الدين المسلمون عن المشاركة ولا أستطيع التكهن فيما إذا كان هذا الغياب مقصودا أم ماذا..

ما مثل النظرة الإسلامية.. كاتب كتاب "بحثت عن الله فوجدت عيسى " وحين سأله المذيع هل غيّرت إلهك أم غيّرت نبيك.. أجاب بعد تردد.. إختلاف ما درسته في المدارسة عن حياة النبي عما وجدته حين فتحت كتب التراث ووجدت شخصا آخرا.. هو ما حثني على إعتناق الدين الآخر.. أما الفتاة المسلمة المحجّبة.. قالت بأنها ’تركّز على صفات الله الحسنى في علاقتها معه.. وهي الصفات التي تجدها في علاقتها مع أبويها.. وعلية فهو الأب الأول لها.. وأن هذه العلاقة تتغير وتتمتن مع النضوج.. وبأن داعش لا تمثل إله الإسلام..

إنتقل الحوار لسؤال.. هل ترى الله إلى جانبك.. إختلفت الإجوبة.. ولكن الإجماع كان بحرية الإنسان بالإيمان بالله من عدم الإيمان. وهو ما يتبعه حرية فردية أيضا في إعتناق الديانة التي يراها تتوافق مع متطلبات حياته.. على أن تحمل ثراء روحي لترسخ إنسانيته..

أعتقد بأن أهم ما جاء في الحوار..

أليس الله مرسوما تبعا للحقبة الزمنية.. وعلينا مسؤولية أن نؤقلم هذه الصورة تبعا للواقع الذي تغيّر بعامل الزمن لنستطيع التعايش.. وإذا كان الله موجودا.. أليس من المحتمل أن يكون أمره لقتل إبراهيم لإبنه إسحق.. رمزا ليقتل الدين الذي قد يصبح عامل تفريق وليس عامل محبة؟