&«معظم السياسيين كارثة وطنية. كل شيء يمثّل التخلّف والفقر والظلم، إما ناتج عن هذه الكارثة أو مستثمر من قبلها» - ليوبولد لوغونس الكاتب والصحفي الأرجنتيني المهتم بالبحوث السياسية عام 1916. وقد ينطبق هذا على أولياء أمورنا الذين أنتجوا الكوارث التي ألمّت بعالمنا العربي والأزمات المتلاحقة التي منيت بها أمتنا وصولًا إلى الحركات الإرهابية التي كانت نتيجة لسياسات كارثية.
&وبعد أن باءت غالبية المحاولات السياسية بالفشل في القضاء أو السيطرة على الإرهاب، في مقدمتها الظاهرة الداعشية، يبدو من الأجدر خوض معركة ثقافية تعري جذور هذا الفكر وتأويلاته التي تمسخ المفاهيم والنصوص الدينية.& فمن الصعب التصدي لهذه المنظمة الإرهابية إلا عبر حركة فكرية منظَّمة ومكثفة يقودها كبار المفكرين والمثقفين. وبالتالي ينبغي على الحكومات تخصيص ميزانية لدعم هؤلاء في تنفيذ مشاريع ثقافية تساعد على قراءة التاريخ الإسلامي والمفاهيم والنصوص التي أوَّلتها داعش والمنظمات المتطرفة الأخرى مستخدمةً التضليل كسلاح تطيح من خلاله بكافة شرائح المجتمع، وخاصة جيل الشباب.
ويجدر بوزارات الثقافة في البلدان العربية ممارسة أدوارها وواجباتها أمام هذا التحدي الذي يواجهنا، من خلال تشجيع خريجي الجامعات على تشكيل& مجموعات صغيرة وإدراجها تحت شعار "لا للإرهاب" ، اقتداء& بالمجموعة التي أُطلقت في إنجلترا حيث عمل شابان وفتاة على تأسيس موقع توعية للشباب يساعدهم على عدم الانجرار وراء تضليل داعش.
يجب ألا يقتصر الأمر على مبادرات كهذه، بل ينبغي اتّخاذ خطوات أكثر جدّية مثل إدراج مادة في المناهج العربية تظهر همجية الإرهاب وخطورته وآثاره في تأخير نهضة البلاد المُجهضَة قسرًا، وتنظيم محاضرات دورية في الجامعات والمدارس تكشف حقيقة التنظيمات الإرهابية وأساليبها المخادعة وإغراءاتها الوهمية، مع نشر أدبيات وتوزيعها توعية للطلاب وحثهم على مواجهة خطاب هذا التنظيم الشيطاني.&
وعلى غرار مسلسل «سَلْفِي»، يجب تشجيع الفنانين والكتاب ودعمهم في إنتاج مزيد من الأفلام والمسلسلات التي تكشف حقيقة مثل هذه التنظيمات والأسس الفكرية الواهية التي تستند إليها.
فضلًا عن ذلك، وإدراكًا لأهميتهما كمادتين أساسيتين في تشكيل الوعي الثقافي بين الشباب، لا بدّ من العمل على إدراج مادتي الفلسفة والتاريخ كعنصرين رئيسيين في كافة المناهج الأكاديمية، وبالذات في اختصاصات العلوم الصحيحة& تماماً كنُظُم الجامعات الأمريكية، الأمر الذي يشكل عاملًا مهمًا في تعزيز الفكر النقدي التحليلي لدى الطلاب وتحفيزهم على اكتساب المتانة الثقافية اللازمة لمواجهة أفكار التطرف والتشدد.
وقد آن أيضاً للجهات الدينية المعتدلة أن تلعب دورها من خلال تشكيل حلقات حوار أسبوعية في المساجد والكنائس لعظة الشباب وتوعيتهم.
&«لم يكن الموت أبدًا في نظري موضع إعجاب؛ ليس هناك كائن أكثر عبودية، أكثر حقارة، أكثر جُبنًا وأكثر تعصبًا من الإرهابي» كما قال شاتو بريان منذ عقود خلت. هَذا يعبر عن حقيقة متطرفي عصرنا الحالي ولكن هذا الجبن لا يمكن كشفه أمام الناس المضلّٓلين& وخاصة الشباب ، إلا عبر فضح المفاهيم التي تختبئ خلفها داعش ، تلك المفاهيم المتعلقة بالجهاد وجهاد النكاح والحوريات المنتظرات في الجنة.

&