&التوقف التحليلي لبعض ما ورد في مقالة الامير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود سفير السعودية في الولايات المتحدة الأميركية بين العامين 1981 و2005 حول الاتفاق النووي الايراني مع الولايات المتحدة، يؤكد ان الشرق الاوسط القديم المرسوم بريشة الاستعمار البريطاني، او ذلك الجديد الذي وضعته افكار المحافظين الجدد في المسيحية الصهيونية الاميركية، ما زال يخضع لنظرية " المؤامرة ".

&في وقت بقيت السياسات الاقليمية لدول المنطقة تتعامل مع متغيرات القرن الاميركي الجديد بذات التطبيقات ووضع الاوراق على الطاولة بما فيها الطاولة الروسية لشراء مواقف بالضد بحدودها الادنى بعد ان فجر غزو صدام حسين للكويت الخيمة العربية المهترئة التي حملت عنوان " الجامعة العربية " ولم تستطع دعوات امينها العام عمرو موسى لتجديد بنيان المواثيق العربية الممثلة لمسارات تتطابق مع المتغيرات الجديدة اقليميا ودوليا، لم تجد هذه الدول وهي تشاهد العراق يتدمر بأفعال عقوبات دولية لم تبق فيه حجرا على حجر، فانتهى الامر الى تطبيقات متجددة في الاحتلال الاميركي لأراضيه، ومن ثم انسحابها منه مخلفة ورائها تنظيمات متطرفة مزدوجة الاتجاهات، شيعية وسنية، ليس لها من مهمة غير الاقتتال الطائفي لمصلحة الصهيونية المسيحية.

&كل هذه النتائج السلبية لم تكن من دون مقدمات مخطئة في تحليل الواقع، فحينما رفضت تركيا استخدام اراضيها لغزو العراق، وافقت دول عربية خليجية على ذلك برحابة صدر بل وبترحيب كبير بالتغيير الجديد من دون ان تفهم ان ما اطلقت عليه " الهلال الشيعي" لم يكن الا ثمنا لتلك الاخطاء المتكررة في تحليل معطيات الواقع كما تفعل اليوم وهي تحلل ما يحصل مع متغيرات التوقيع على الاتفاق النووي الايراني، وهو ما يراه الامير بندر بن سلطان بان " الرئيس أوباما... اتخذ قراره بالمضي قدمًا في الصفقة النووية مع إيران وهو مدركٌ تمام الادراك أن التحليل الاستراتيجي لسياسته الخارجية، والمعلومات الاستخبارية المحلية وتلك الآتية من استخبارات حلفاء أميركا في المنطقة لم تتنبأ جميعها بالتوصل إلى نتيجة الاتفاق النووي نفسها مع كوريا الشمالية فحسب، بل تنبأت بما هو أسوأ، إلى جانب حصول إيران على مليارات من الدولارات، فالفوضى ستسود الشرق الأوسط، الذي تعيش دوله حالة من عدم الاستقرار، تلعب فيها إيران دورًا أساسيًا".&

&والسؤال الذي لم يطرحه الامير بندر، لمصلحة من ستقوم ايران بهذا الدور ومن هي الجهة التي تستهدفها؟ الا انه اشار في نهاية تعليقه، غير المتوقع اميركيا على الاقل، بقوله "ان الناس في منطقتي يتوكلون على الله ويعززون قدراتهم وتحليلهم للوضع بالتعاون مع الجميع، باستثناء حليفنا الأقدم والأقوى، هذا يفطر القلب، إلا أن الحقائق مرّة، ولا يمكن تجاهلها".

وهذه الحقائق" المرّة".. تتطلب ان يبدأ اهل العقل والعقد في اكثر من دولة عربية، من بينها منظومة مجلس التعاون الخليجي، بإعادة قراءة الواقع الاقليمي والدولي مجددا، ليس لجلد الذات والتذكير بالأخطاء التي اقترفت خلال مرحلة تولي الامير بندر سفارة بلاده في واشنطن، بل من اجل قراءة المرحلة المقبلة من القرن الاميركي الجديد، وما يمكن ان تحفل به المنطقة من احداث متكررة لخدمة الاهداف الاميركية التي اثبتت التجربة بان لا صداقات دائمة فيها بل مصالح دائمة، بتقوية المنظومة الاقليمية بإبعاد شبح التطرف الاسلامي عنها، وهي مهمة ليست سهلة للفصل ما بين ثقافة اسلامية سلفية متطرفة عرفت بها "الوهابية" منذ نشوئها، وبين مفهوم وسطي للثوابت الاسلامية يستبعد شبح الحرب الطائفية، وشتان بين كلا الحالين!

[email protected]

&