طرح الرئيس الإسرائيلي " رؤوبين ريفلين " قبل أيام قليلة فكرة ليست جديدة لكنها في الواقع الإحتلالي الإسرائيلي جريئة، يخاف هو نفسه من نتائج طرحه لها ، فقد نشر الموقع الإليكتروني لجريدة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مقابلة معه، أعلن فيها بمناسبة مرور عام على توليه منصبه الرئاسي رأيه الخاص بأنّه لا يرى " أية إمكانية للسلام إذا لم تكن هناك حدود مفتوحة بيننا وبين جيراننا " وذلك عبر " إقامة كونفدرالية فلسطينية إسرائيلية بدون حدود ". وتخوفه من هذا الطرح هو ما دعاه للقول ب " أنّه لا يستبعد وقوع عملية اغتيال سياسي في إسرائيل "...لماذا؟ . حسب رأيه " كل شيء ممكن ، اليوم هناك أناس يهلوسون بأنّ الدولة اليهودية الديمقراطية هي ديمقراطية فقط لليهود...إنّ الإرهاب لا قومية له..هناك صعوبة لمواجهة الإرهاب المنطلق من مجموعات يهودية راديكالية...إنّه إرهاب من الداخل ومن الصعب جلب هؤلاء للعدالة، علينا إيجاد الأدوات للتعامل مع هذا النوع من الإرهاب ".

هل يتم اغتياله كما حصل ل " إسحق رابين " ؟
هذا الطرح من رئيس إسرائيلي جريء للغاية، فللمرة الأولى يجرؤ مسؤول إسرائيلي على الإعتراف بكذب أطروحة "ديمقراطية دولة إسرائيل" فهي حسب اعترافه ديمقراطية عنصرية لليهود ، وأيضا ليس كل اليهود بل اليهود الغربيين " الإشكيناز " فقط& بدليل التفرقة العنصرية التي يمارسها هؤلاء ضد اليهود الشرقيين " السفارديم " وغيرهم من يهود كما يحدث مع اليهود الذين قدمو من الحبشة " الفلاشا " حيث العنصرية ضدهم علنية مما يسبب مظاهراتهم الحاشدة من حين لآخر ،& وندم بعضهم لهجرتهم من وطنهم الحبشة لدولة اعتقدوا أنّها جنة فإذا هي بالنسبة لهم جحيم لا يطاق. وكذلك طرحه الجريء بوجود فعلي لإرهاب يهودي، وهو يتجلى في الشهور الأخيرة في إرهاب المستوطنين اليهود في الضفة الغربية حيث قتل الفلسطينيين وحرق أطفالهم و بيوتهم يجري بشكل شبه يومي، وأحيانا يتم هذا الإرهاب بحماية جيش الإحتلال وتغاضيه بحجة عدم قدرته على ضبط هؤلاء الإرهابيين المستوطنين. لذلك ليس مستبعدا أن يتمّ اغتياله كما حصل اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق " إسحق رابين " في الرابع من نوفمبر 1995 حيث تمّ في زمن رئاسته توقيع اتفاقية أوسلو مع الفلسطينيين عام 1993& ، واتفاقية وادي عربة مع الأردن عام 1994 ، وكان اغتياله برصاص متطرف يهودي " ييغال عمير " أثناء حضوره لمهرجان لدعم عملية السلام ، رغم أنّ سجل إسحق رابين لا يخلو من الجرائم البشعة ضد الشعب الفلسطيني أيضا. وقد سبق أن طرح فكرة الكونفدرالية هذه مهندس اتفاقية أوسلو ، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق " يوسي بيلين " معترفا أنّ المستوطنات والمستوطنين اليهود عقبة كبيرة أمام هذه الفكرة.

وهي نفس أطروحات فلسطينية سابقة،
خاصة التي اشتهر بطرحها رئيس جامعة القدس الدكتور "سرّي نسيبة " المتهم كثيرا بالتطبيع مع دولة الإحتلال الإسرائيلي خاصة بعد إعلانه عام 2002 ما عرف ب " وثيقة نسيبة وعامي أيالون " التي جاء في مقدمتها طرح غامض يفسرّه كل طرف كما يريد :& ( يعترف الشعبان، اليهودي والفلسطيني، كل واحد بالحقوق التاريخية لغيره على نفس الارض. على مدار الاجيال سعى الشعب اليهودي الى اقامة الدولة اليهودية في كافة ارجاء ارض اسرائيل، بينما سعى الشعب الفلسطيني هو الاخر الى اقامة دولة في كافة ارجاء فلسطين. يتفق الطرفان بهذا على حل وسط تاريخي، يقوم على مبدأ دولتين سياديتين دائمتين تعيشان الواحدة بجانب الاخرى ) ، دون تحديد أية ملامح أو حدود لكل دولة ، و يعلن سري نسيبة لاحقا " أنّ حل الدولتين لم يعد ممكنا " ويبدأ التنظير لدولة واحدة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي أو إتحاد كونفدرالي بين دولتين.

كلها حلول خيالية غير قابلة للتطبيق،
بسبب تطرف اليمين الإسرائيلي منذ وصول بنيامين نتينياهو رئيس حزب الليكود للسلطة في دولة الإحتلال حيث يعمل هو وحزبه وكافة التيارات اليهودية اليمينية المتطرفة خطوة خطوة لتحقيق ما أطلقوا عليه " يهودية دولة إسرائيل " بدليل التوسع الإستيطاني المذهل في الضفة الغربية الذي يسيطر على نسبة عالية من مساحة الضفة ويأوي ما يزيد على نصف مليون مستوطن ، أظهروا في الشهور القليلة الماضية حجم جرائمهم بحق كافة مكونات الشعب الفلسطيني وبنيته التحتية ، وكلها جرائم تتم تحت نظر وتغاضي جيش الإحتلال بحجة غموض القائمين بهذه الجرائم وعدم امكانية وقفهم أوالقبض عليهم.
وتوجد مطالب فلسطينية جوهرية لا يمكن أن يقبل بها الاحتلال في حالة التفكير في هذه الكونفدرالية الوهمية ، ومنها تطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، وهو مطلب ترفضه كافة قوى الإحتلال بما فيها من تطلق على نفسها اليسار.

والسبب القنبلة المنوية،
كما أطلق باحثون إسرائيليون على الكثافة البشرية الفلسطينية سواء في حالة قيام دولة فلسطينية مستقلة أم كونفدرالية أم دولة واحدة لشعبين، إذ يبلغ الفلسطينيون في الشتات العربي والأوربي والأمريكي ما لا يقل عن سبعة ملايين يضاف لهم قرابة أربعة ملايين ونصف في الضفة والقطاع و حوالي مليون وربع داخل دولة الإحتلال ، مما يعني أنّ مجموع الشعب الفلسطيني في كافة أماكن إقامته لا يقل عن 12 مليون مواطن ، وهذا يشكّل من وجهة نظر الإحتلال خرقا و نفيا لما يعمل من أجله تحت مسمّى " يهودية دولة إسرائيل ".

ونتيجة التعنت اليميني الإحتلالي،
لا حلّ يبدو في الأفق القريب للقضية الفلسطينية ، و تبقى كافة هذه الأطروحات حول الكونفدرالية أو دولة واحدة لشعبين ، مجرد أطروحات وهمية خيالية للإستهلاك الإعلامي فقط ، مما يعني أنّ الصراع الفلسطيني مع الإحتلال الإسرائيلي مستمر حيث يرفض هذا الإحتلال القبول بأبسط حقوق الشعب الفلسطيني ومنها دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود عام 1967 حيث لا تشكل هذه الحدود أكثر من 22 في المائة من مجموع مساحة فلسطين المحتلة ، وهذا المطلب الفلسطيني سبق اتفاقية أوسلو بخمس سنوات ، حيث أعلن هذه الدولة على الورق الرئيس الراحل ياسر عرفات في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في نوفمبر عام 1988 ....ورغم كل هذه المعطيات التي لا تحمل أملا قريبا للشعب الفلسطيني يستمر الإنقسام والصراع بين فتح الضفة الغربية و حماس قطاع غزة منذ يونيو 2007 ، حيث يشهد هذا الصراع جرائم وتعديات لا تقلّ عن جرائم الإحتلال خاصة أنّ ( ظلم ذوي القربى أشدّ مرارة من وقع الحسام المهند ).
www.drabumatar.com