ما آلت إليه الاوضاع العراقية و النتائج المخزية التي نجمت عن ما سموه ب"العراق الجديد"، بيضت ليس وجه نظام صدام حسين فقط وانما حتى أسوء العهود و الفترات المظلمة التي مرت بالعراق، وهي شهادة إثبات على فشل العملية السياسية جملة و تفصيلا وإنها مجرد لوحة جميلة و براقة من الخارج و بشعة و تافهة من الداخل.

سقوط نظام البعث و بدء مرحلة و عهد جديد في العراق، دغدغ الکثير من المشاعر و اوحى لها بأن هذا العهد سيأتي(بما لم تأته)العهود السابقة، والحقيقة تجبرنا على الاعتراف بإن هذا العهد"الجديد"بالاسم فقط قد جاء فعلا بما لم تأته العهود السابقة ولکن من الجانب السلبي فقط، حيث الفقر و المجاعة و التخلف و التمزق و المواجهات و الحروب الداخلية المثيرة للإشمئزاز و القرف، کانت من معالم عراق مابعد البعث و الذي کان الجميع يتصوره بإنه سيکون نموذجيا.

لکوني کرديا، فإنني سأبدأ من کردستان، حيث إستقبل الشعب الکردي البيشمرکة الابطال الذين نزلوا من الجبال کمحررين وهم ينتعلون"الاحذية المطاطية"او"الاحذية المنسوجة"(الکيوة)الممزقة، لکنهم، وعلى حين غرة من الزمان، صاروا يمتلکون قصورا و مسابح کلفت أکثر من مليون دولار الى جانب تبديلهم للزوجات کتبديلهم لبدلاتهم و قمصانهم، والحق أقول، کنت أتصور بأن المعارضة الاسلامية الشيعية و السنية سوف تلقم الفاسدين الکرد حجرا و تعطيهم دروسا في الاخلاق، لکن خاب الظن فقد وجدت اهالي المحافظات الوسطى و الجنوبية و الغربية من العراق يحسدون کردستان بمسٶوليها الغيورين الميامين!!!

إبراهيم الجعفري، نوري المالکي، حيدر العبادي، ثلاثة أسماء مختلفة من حيث ترتيب الحروف و معاني الاسماء لکن عهودها تتواصل و تتمازج و تختلط و تلتقي من حيث الاهداف و القيم و المعاني و المسار الحقيقي لها، والمصيبة عندما تعيد بالذاکرة و تستحضر نماذج نظير نوري السعيد و عبدالمحسن السعدون و محمد فاضل الجمالي و عبدالرحمن البزاز، فإنك تجد نماذج العهد"الجديد"، مجرد"نواطير خضرة" أمامها، ذلك إن شخصا کالمرحوم نوري السعيد، قد کان ذو عقلية و دهاء سياسي إستثنائي بحيث تمکن من فرض شخصية و إعتبار و حضور و دور سياسي مميز للعراق أمام دولة إستعمارية کبريطانيا وصفت في ذلك الوقت بإن الشمس لايغيب عن ممتلکاتها، لکن مالذي إبتدعه و جاء به الجعفري و المالکي و العبادي غير الدوران ليس في حلقة مفرغة وانما في حلقة من الفشل و الاخفاق و الاحباط و الفساد المستمر من سئ الى أسوء وأفضل مابرعوا فيه هو

جعل العراق مجرد تابع ذليل لنظام دموي إستبدادي في طهران أذاق شعبه و شعوب المنطقة الامرين.

مشکلة العراق بمختلف أطيافه و أديانه و طوائفه و أعراقه، تتعلق بأن هناك مجموعة من القوارض"السياسية" او حشرات العث التي ولأسباب متباينة فرضت نفسها على الواقع السياسي العراقي وإن إنتظار الشعب العراقي مکاسب و منجزات من هکذا نماذج کأن تطلب من الحافي حذاءً (کما يقول المثل العراقي الدارج)، وبطبيعة الحال فإن فاقد الشئ لايعطيه وان هذه القوارض السياسية الفاسدة التي إجترت أکثر من 300 مليار دولار من ثروات الشعب العراقي، لايصلحون أن يصبحوا رعاة لدجاجة، فکيف يرعون مصالح شعب، وان الذي يثير السخرية بأصدق معانيها هو إنتظار التغيير من العبادي الذي هو عبارة عن رکام و حطام لتجارب الفوضى و النهب السابقة وکان الله في عون العراق من کردستانه الى جنوبه!

&