&مهما كانت دوافع السياسيين الكرد ومصالحهم الحزبية باتجاه تقسيم اقليم كردستان وفصل محافظة"السليمانية"عنه وتحويلها الى اقليم مستقل اداريا، فان ايا منهم لن يجرؤ على تبني المشروع واعلانه رسميا وفرضه على الشعب الكردي على الاقل في الوقت الحاضر، ولكن بعضهم لمحوا للفكرة وطرحوها على وسائل الاعلام كنوع من التهديد والوعيد لتحقيق مكاسب سياسية وكذلك لجس نبض الشارع الكردي ومعرفة ردود افعاله تمهيدا لحسم الامر واعلان التقسيم، هذا ما فعله رئيس مجلس محافظة "السليمانية" عن حركة "التغيير" المعروفة بنزعته المناطقية منذ فترة، اذ هدد بانفصال محافظة السليمانية عن العاصمة اربيل ما لم تهتم حكومة الاقليم بالمحافظة وتبتعد عن ممارسة التمييز بين المحافظات في توفير الخدمات واقامة المشاريع الاعمارية.. قد يكون تقسيم كردستان العراق الى ادارتين مستقلتين منطقيا وحلا مقبولا للخروج من الازمة السياسية الحالية المعقدة التي يمر بها الاقليم وفي ظل اصرار الاطراف المتصارعة على تصعيدها الى اعلى مدياتها، ودفعها الى طريق مسدود، لغايات ربما يكون التقسيم احداها، فالمناقشات والاجتماعات الجارية بينها لحد الان لم تفض الى شيء، كلها فشلت وانتهت بدون نتيجة، ربما من مصلحة هذه الاطراف ان تستمر الازمة وينقسم الاقليم اداريا بشكل رسمي وينتهي الصراع البيزنطي على السلطة نهائيا، فالتقسيم قائم على ارض الواقع بين الحزبين الحاكمين الديمقراطي الكردستاني بزعامة "مسعودبارزاني" و "الاتحاد الوطني الكردستاني "بزعامة"جلال طالباني" منذ التسعينات من القرن الماضي وفق تفاهمات واتفاقات"استراتيجية"، تقضي بادارة كل حزب لمنطقته دون تدخل احدهما للشؤون الادارية والسياسية للاخر بشكل مباشر، وبموجب الاتفاقية الاستراتيجية المبرمة بين الطرفين، فلا يحق ل"بارزاني"وهو رئيس اقليم كردستان ان يبسط سلطته على منطقة حزب"طالباني"الا بصورة شكلية وعلى نطاق ضيق وظلت رئاسته محصورة في منطقته فقط ( يرأس ولا يحكم)، فالتقسيم كان ومازال قائما على قدم وساق ولا يحتاج الا الى الاعلان عنه رسميا وينتهي الامر، ولكن من يجرؤ على خطوة كهذه؟! فالامر ليس هينا ولا بسيطا يحتاج الى سياسي مجنون مئة بالمئة للاقدام على هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر والمهالك، ولغاية هذا الوقت لا يوجد مثل هذا المجنون من بين سياسينا، ولكن ان استمرت ازمة الرئاسة على حالها، فمن المحتمل ان يظهر هذا المجنون ويتخطى كل الخطوط الحمراء ويعلن التقسيم الذي طالما حذر منه العقلاء واعتبروه خيانة وطنية لايمكن التساهل معها، لان مشروع كهذا يصطدم مباشرة بالامن القومي الكردي والثوابت الوطنية والقومية التي ناضلت من اجلها الثورات والحركات التحررية الكردية لسنوات طوال وقدمت في سبيلها التضحيات الجسام، ولكن رغم ذلك فثمة مبررات قد يلجأ اليها البعض اما بدافع التخلص من المأزق السياسي في الاقليم والخروج من حالة اللاتوافق واللاتعايش المزمنة التي القت بظلالها الثقيلة على الاحزاب والشخصيات السياسية الكردية واما تجاوبا مع دعوات بعض"الوحدويون العراقيون" باقامة اقاليم المحافظات او بتحريض من الدول الاقليمية التي لديها مصلحة مباشرة بتفكيك اقليم كردستان وتشتيته، وضرب الوحدة الوطنية في الصميم واسكات الاصوات التي تدعو الى الاستقلال والحرية..

كلمة أخيرة:
&أتعجب من قدرة السياسيين الكرد الكبيرة في كره بعضهم البعض، واجترار احداث الماضي بكل مساوئها وصراعاتها الدموية، ينعدم فيهم مبدأ التسامح تماما، الكل يحقد على الكل ويضمر له السوء مستقبل في ظل هكذا قيادة لن يبشر بخير أبدا.&
&