أسباب قوية وملحة دفعت برئيس الاقليم"مسعودبارزاني"الى القيام بزيارة الى بغداد على رأس وفد ضم بعض زعماء الاحزاب الكردية والاجتماع برئيس الوزراء"حيدرالعبادي"، فالمعروف عن(بارزاني)انه لم يبرح"اربيل"الا نادرا وفي قضايا مفصلية لن تقبل التأجيل، حتى في اوج مشاكله الداخلية و خصوماته السياسية مع زعماء الاحزاب الكردية المعارضة او مع رئيس الوزراء السابق(نوري المالكي)(لا اتذكر انهما التقيا في بغداد غير مرة او مرتين)لم يكن يزورهم بل كانوا هم يزورونه ويلتقونه في مكتبه، واذا اراد ان يزور احدا بعث بابن اخيه رئيس وزراء الاقليم(نيجيرفان بارزاني) ليجلس معه ويحاوره نيابة عنه، فما الذي دفعه الى هذه الزيارة الخاطفة؟ وفي هذا الوقت بالذات وليس قبل زيارة"المالكي"الى السليمانية في شهر يوليو/تموز الفائت وعقده تحالفا سياسيا مع خصوم(بارزاني) داخل الحزبين الاتحاد الوطني بزعامة(جلال طالباني)وحركة التغيير بزعامة(نوشيروان مصطفى)لتشكيل اكبر كتلة برلمانية مع تنسيق كامل في المواقف مع رئيس البرلمان(سليم الجبوري)، استطاع من خلالها ان يفرض سيطرته على البرلمان ويستعمله من اجل تصفية حساباته السياسية مع اعدائه وعلى رأسهم (مسعودبارزاني) الذي تلقى منه ضربة موجعة عبر سحب الثقة من"خاله"وزير المالية"هوشيار زيباري"بعد ان سحب الثقة من وزير الدفاع(خالد العبيدي)المحسوب على المكون السني من قبل في محاولة واضحة لاحراج حكومة"حيدر العبادي"واظهار عجزها في ادارة الدولة تمهيدا لاسقاطها، ولكي يمنع حدوث ذلك، زار"بارزاني"بغداد والتقى"العبادي"وزعماء التحالف الشيعي الذين يؤيدون حكومة"العبادي"ويدعمونها ويرفضون عودة"المالكي"الى سدة الحكم بهدف وضع نواة لتحالف سياسي جديد مدعوم من الولايات المتحدة الامريكية مقابل التحالف الذي يتزعمه"المالكي"بدعم ورعاية مباشرة من ايران، وفي حال نجاح "بارزاني"في تشكيل التحالف الجديد، فانه بذلك يكون قد رد لـ"المالكي"الصاع صاعين ووضع آلية استراتيجية لمواجهة اطماعه ومحاولاته الحثيثة في اسقاط حكومة"حيدرالعبادي"..

يبدو ان زيارة"بارزاني"الى بغداد ادت الى طفو الصراع الامريكي الايراني على المصالح والنفوذ في العراق الى السطح وقد يأخذ في الايام والشهور القادمة شكل المواجهة العلنية بعد ان كان مخفيا، وحتما سيؤثر ذلك على حياة العراقيين ويزيد من معاناتهم..

مهما قيل عن الاسباب الاخرى"الوجيهة" للزيارة، مثل ؛ فك الحصار الذي فرضه"المالكي"على رواتب الموظفين في اقليم كردستان دون الرجوع الى البرلمان والذي انهكهم ودفعهم الى التظاهر والاحتجاج، او انها جاءت بهدف تنسيق المواقف العسكرية بين اربيل وبغداد استعدادا لتحرير الموصل؟! وربما من اجل اعادة العلاقات شبه المقطوعة بين اربيل وبغداد الى سابق عهدها؟ ام من اجل اعادة "هوشيار زيباري"الى وزارته؟ مهما تكن الاسباب، فان السبب الاهم هو تشكيل جبهة سياسية لمواجهة خطر"المالكي"وحلفه الجديد الذي فاجأ الخصوم واظهر قوة كبيرة ومنعه من اسقاط حكومة"العبادي"..

ملفات عديدة عالقة لم تبت فيها ومشاكل وازمات"متلتلة"خلفتها حكومة"المالكي"بقيت على حالها ولم تحل لغاية اليوم، والعلاقات بين اقليم كردستان والعراق في غاية السوء والهوة مازالت تتسع بين المكونات العراقية يوما بعد آخر، ولا يوجد بصيص امل للخروج من عنق الزجاجة، ربما في ظهور"بارزاني"الى الواجهة واجتماعه مع زعماء العراق الاصلاحيين المحبين للسلام يعطي دفعة قوية لاعادة العراق الى عافيته، نأمل ان يضعوا خارطة طريق عملية لاعادة الامل الى العراقيين وانهاء معاناتهم..

&كلمة أخيرة:

لشدة حماس المجتمعين في بغداد لنجاح الاجتماع والخروج بنتائج مبشرة، فانهم تطرقوا الى كل شيء واي شيء، تطرقوا الى معركة الموصل والعلاقة المتدهورة بين اربيل وبغداد و بحثوا ازمة النازحين وازمة النفط وتطرقوا الى الصراع الكردي الكردي! ولكنهم لم يتطرقوا الى الهدف الاساسي الذي اجتمعوا من اجله وهو تشكيل التحالف الجديد.