الشباب هم كلمة السر في نجاح استراتيجيات التنمية وبناء مستقبل الدول والأمم، وهم مخزون طاقة المستقبل الذي يستحق الرعاية والاهتمام من القادة والحكومات، إذ لا يمكن النظر بتفاؤل إلى الغد من دون إعداد جيد لهذا المخزون الاستراتيجي الحيوي. هذه الأسس تمثل قناعة راسخة لدى القيادة الرشيدة في دولة الامارات العربية المتحدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله.

والمؤكد أن هذه القناعة تهبط على أرض الواقع في مجمل سياسات الدولة وخططها الاستراتيجية، ويكفي المراقب نظرة واحدة ليتأكد من ترجمة هذه القناعة في مختلف مواقع العمل والانتاج، التي تكتسي بوجوه إماراتية شابة تبشر بالأمل وتعد الناظرين بغد أفضل لمستقبل دولتنا الفتية.

بالامس، أطلقت دولة الامارات الأجندة الوطنية للشباب، حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في الاحتفال بهذه المناسبة إن الشباب هم قوة الأوطان وأملها في بناء غد أفضل، حيث ترقى برقيهم الأمم، ويبنى المستقبل بطاقاتهم وقدراتهم ومهاراتهم، وبسواعدهم ينجز التقدم وبثبات نحو غدٍ مزدهر لأجيالنا الحالية والقادمة.

يدرك الجميع أن دولة الامارات ثرية بمواردها الطبيعية من الطاقة الأحفورية وغيرها، ومع ذلك فإن قيادتنا الرشيدة تبدى اهتماماً استثنائياً بمخزون الطاقة المستدامة، الذي يعزز قيمة الثروات والموارد الطبيعية، ويعد ركيزة اليوم والغد، وهم الشباب، قلب الدولة النابض بالحيوية والنشاط كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في كلمته بهذه المناسبة.

ولأن دولة الامارات تدرك منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971 أن الاهتمام بالشباب لا يأتي عبر الكلمات والتصريحات بل يجب أن يترجم إلى خطط وسياسات تجد طريقها للتنفيذ الدقيق على أرض الواقع، فإن الشباب كانوا دائما في بؤرة الاهتمام، حيث تتوالى الانجازات والخطوات، التي تستهدف تعزيز تنافسية الشباب الاماراتي سواء على المستوى التعليمي، أو على مستوى التدريب والتأهيل لسوق العمل، بما يضمن أقصى فرص ممكنة لشبابنا على صعيد الابداع والابتكار والريادة.

في الآونة الأخيرة، أطلقت دولة الامارات الحوار الوطني للشباب والخلوة الشبابية، ليمسك شباب الامارات بزمام المبادرة ويفكرون ويخططون لمستقبلهم ومستقبل دولتهم الفتية، فالتمكين في دولة الامارات ليس شعاراً، بل خطط استراتيجية&مدروسة تسهم في بناء مستقبل أفضل لأجيالنا المقبلة. فشباب الامارات هم أملها وثروتها الحقيقية، وهم محل الرهان الحقيقي كما قال بذلك أيضاَ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله حين عبر في لسموه بمناسبة اليوم العالمي للشباب خلال شهر اغسطس الماضي أنه&بهمة شباب الوطن وما يحملونه من روح مفعمة بالطموح والتفاؤل والانتماء سنصل بدولة الإمارات بعون الله إلى آفاق جديدة من الريادة والتميز.

هذه الكلمات تؤكد حجم ثقة قيادتنا الرشيدة ورهانها المستقبلي على شباب الوطن، لذا فإن المبادرات والخطط تتوالي من أجل بناء هذا الشباب فكرياً وثقافياً وصقل خبراته ومهاراته بما يعزز قدراته على تحمل مسؤوليات الغد.

أحد أهم سمات استراتيجية الامارات بشأن الشباب تتمثل من وجهة نظري في الربط القوي بين الهوية والخصوصية الثقافية الوطنية من ناحية، وبين التخطيط للمستقبل من ناحية ثانية، فتفكيرنا للمستقبل ينطلق من الحاضر ويتكىء على القيم الهوياتية الأصيلة، التي تضفي على تجربتنا التنموية تفرداً نوعياً بين نظيراتها من التجارب العالمية.

هذا الاهتمام الجلي بالشباب هو ماتحتاجه جميع دولنا العربية من دون استثناء، ليس فقط لأنهم الشريحة العمرية الأكبر من السكان في مختلف هذه الدول، ولكن لأن تجاهلهم يعني بالتبعية تجاهلاً للمستقبل، وإغفال عن الاعداد الجيد له، وهذا بحد ذاته يمثل إشكالية تنمية وتخطيطية تنذر بأشد الأخطار على مستقبل الدول التي تعاني مثل هذه الاشكاليات.

والمؤكد أن هذا الاهتمام يكتسب أهمية مضاعفة في ظل اعتبارات عدة أولها توغل العولمة الجارف على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما تمتلكه موجات العولمة المتوالية من قدرات هائلة للتأثير في اتجاهات الشباب بحكم كونهم الفئة أو الشريحة العمرية الأكثر تعرضاً وتفاعلاً مع تطبيقات العولمة وتجلياتها في مجالات الاتصالات والاعلام الاجتماعي وغيره، وثانيها أن الشباب هم الفئة الأكثر مقدرة على المنافسة وخوض غمارها، ومن ثم فهم عماد أي رهان حقيقي على خوض غمار التنافسية العالمية على صعيد التنمية في القرن الحادي والعشرين، وثالثها أن الشباب هم الفئة الأكثر استهدافاً من جانب مصادر التهديد الاستراتيجي الأكثر خطورة في القرن الحادي والعشرين، وأبرزها تنظيمات الارهاب والتطرف، التي تسعى إلى التسلل إلى الشباب عبر وسائل اتصالية وإعلامية وثقافية بشتى الطرق، ومن ثم فإن تحصين الشباب وتعزيز الوعي والولاء والانتماء الوطني لدى هذه الشريحة هو بمنزلة تحصين لمستقبل وطن بأكمله، وبناء جدار حماية واق ضد تآمر المتآمرين وتدبير الحاقدين.