&

&
&
&
الدكتور حسن عبد ربه المصري&
&
خفتت الأصوات في فرنسا بعد التاسع والعشرين من شهر يناير الماضي عقب إعلان وزير خارجيتها السابق لوران فابيوس عن إعداد باريس لمبادرة من ثلاثة مراحل بهدف تحريك عملية السلام بين الفلسطينون والدولة التى تستعمرهم وتزهق أرواحهم، تتوج بمؤتمر دولي لوضع قواعد ملزمة لترسيخ قواعد السلام في الشرق الاوسط ككل..&
في حينه اتفقت معظم التحليلات علي أن مبعث الدفع إلي طرح هذه المبادرة هو الحاث الإرهابي الذي تعرض له المجتمع الفرنسي قبل هذا التاريخ ببضعة أيام..&
المهم لدينا، أن أوساط سياسية عديدة في أوربا والشرق الأوسط رحبت بالفكرة ورأت فيها طاقة أمل في مقدروها ان تحرك مياه هذه المبادرات الراكده بعد ان ماتت طموحات التوصل إلي سلام بين الدولة المُستعمرة والشعب الذي يناضل من اجل حريته واستقلاله، علي يد حكومات إسرئيل العنصرية من ناحية وتقاعس إدارات أمريكا المتعاقبة عن حمل مسئوليتها من ناحية أخري..&
لكن هذا التفاؤل تراجع لأسباب كثيرة ربطها البعض بعدم جهوزية الفاصيل الدقيقة للمبادرة.. وأكد البعض الآخر أن باريس لن تخطو خطوة أخري في إتجاه وضع أفكارها موضع التنفيذ إلا إذا تأكدت من حسن إستقبال رئيس وزارء إسرائيل لمكونات مبادرتها، خاصة بعد أن أكد وزير خارجيتها فابيوس أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود يونية عام 1967، إذا فشلت مبادرتها..&
ثم إطلعنا منتصف شهر فبراير الحالي علي خبر يقول أن سفير فرنسا في تل أبيب أطلع حكومة نتنياهو رسمياً علي تفاصيل خطوات المبادرة الثلاث، بالإضافة إلي عرضها عن طريق سفارتها علي عشرين دولة غربية وشرق أوسطية ذات إتصال وثيق بملف الصراع العربي / الإسرائيلي..&
لم نفاجئ بالتحرك الفرنسي، كما لم نفاجئ برفض نتنياهو لما طرح علي حكومته، مدعياً أنه يفضل جولة جديد من المباحثات المباشرة مع الطرف الفلسطيني " دون فرض شروط مسبقة حتى من جانب المجتمع الدولي تحت أي ذريعة من الذرائع "..&
الخطوات الثلاث كما تناولتها بعض التحليلات الأوربية &هي..&
1 – عقد اجتماعات تشاورية خلال شهر مارس القادم بين مسئولين فرنسيين وممثلين عن الجانبين ودول أخري عربية واوربية لتبادل الرأي حول أسس عقد مؤتمر دولي حول السلام في الشرق الأوسط..&
2 – عقد مؤتمر موسع خلال شهر إبريل القادم لمجموعة الدعم الدولي للسلام في الشرق الأوسط لا يشارك فيها الطرفان لتبادل الرأي حول ما أسفرت عنه الإجتماعات التشاورية..&
3 – عقد المؤتمر الدولي في باريس خلال شهر يونية او شهري يولية القادمين لوضع أسس تحريك عملية السلام برمتها وفق المعطيات التى طرحت وإستقر الرأي علي الأخذ بها من جانب المجموعة الداعمة للسلام وغيرها من الدول ذات الوزن والتأثير في هذا الملف..&
في اليوم التالي سافر نتيناهو إلي ألمانيا حيث أجري مباحثات مع المستشارة أنجيلا ميركل ركزت علي مستقبل علاقات برلين مع إيران في ظل..&
أ - التقارير التى تشير إلي تنامي العلاقات الإقتصادية بين الطرفين عقب زيارة نائب المستشارة الألمانية وكذا وزير خارجيتها لطهران منذ يولية الماضي..&
ب - إستعداد رأس المال الألماني لأن يضخ مليارات الدولارات في أكثر من حقل استثماري إيراني..&
يقول بعض خبثاء السياسية أن غطاء العلاقات الألمانية / الإيرانية الذي طغي علي مباحثات نتيناهو في برلين اخفي تحت مفرداته سعي نتنياهو لضمان تأييد برلين لمطلب المباحثات المباشرة بين حكومته والطرف الفلسطيني الذي تحبذه حكومته، وإقتراحه أن تبدي المستشارة بكشل شخصي تحفظاً حيال الترتيبات التى تعمل باريس علي وضعها موضع التنفيذ خلال الأسابيع القليلة القادمة..&
وإنتهزها البعض فرصة للقول أن تل ابيب عرضت علي برلين تبني وجهة نظر إسرائيل التي تقترح إطلاق يدها في بناء المستعمرات وفي بيع منتجاتها بلا قيود مقابل قبولها بالمشاركة في خطوات المبادرة الفرنسية الثلاث دون تعهد مسبق بقبول ما ستسفر عنه توصيات المؤتمر الموسع للدول الداعمة للسلام في الشرق الأوسط !!..&
لا حظ المراقبون توالي الوقائع التالية الواحدة بعد الأخري، قبل وأثناء إجراء نيتنياهو لمباحثاته في برلين..&
1 – قيام بلدية القدس ببدء تنفيذ مخطط الحفائر أسفل أراضي الوقف الاسلامي بمنطقة حمام العين التي تبعد أمتار قليلة من أسفل المنطقة الغربية للمسجد الأقصي، تمهيداً لبناء المعبد اليهودي في هذا المكان كرمز لتهويد القدس..&
2 – نفي العديد من المسئولين الإسرائليين أن مكان بناء المعبد يضم أثار إسلامية قديمة ذات خصوصية لا يمكن التفريط فيها، كما أكد كبار الأثريين العرب.. واكدوا خلو المنطقة من أي أثار بناء علي منائج المسح الذي اجروه داخل اعماقها علي فترات متتالية..&
3 – رفض هؤلاء المسئولين عرض نتائج أبحاثهم العملية علي فريق من مستشاري هيئة اليونيسكو الدولية كجهة عالمية ذات اختصاص للتقين من مصداقيتها، مما يبرهن علي عدم شفافية ما أجروه من أبحاث وإصراراهم علي طمس معالم الحقب التاريخية الإسلامية والمسيحية المتتالية ضمن تاريخ القدس العربي كخطوة نهائية في طريق تهويدها..&
4 – إنكار المؤسسات الإسرائيلية الإحتلاليه أن ما تقوم به أجهزة الدولة العنصرية يمثل إعتداء سافر علي اماكن العبادة من جهة ويتعارض مع بنود معاهدة لاهاي التى وقعت عام 1949 وتنص علي ضرورة حماية المواقع الثقافية والدينة والأثرية في زمن الحرب وفترات إحتلال القوي الإستعمارية لأراضي الشعوب الأخري..&
5 – تأكيد ما يعرف باسم " صندوق إرث المبكي " الذي يموله الميلياردير اليهودي الأمريكي يتسحاق تشوفا انه سيوفر الدعم المالي لهذا المشروع حتي يري النور، وذلك إستكمالاً لعمليات البحث والتنقيب والمسح الجيولوجي التى بدأ يسدد تكاليف القيام بها منذ سنوات..&
قبل أن يتحدث البعض منا عن دور المنظمات الإقليمية والدولية حيال هذا الاعتداء الإسرائيلي العنصري الصارخ الضارب عرض الحائط بكل الاتفاقات الدولية التي من المفترض انها تنظم العلاقة بين دولة الإحتلال والشعب الفلسطيني..&
علينا ان نتذكر معا..&
1 – أن الخطوات التمهيدية لبناء هذا المعبد تعني بكل وضوح &أن دولة إسرائيل إستكملت مقومات بناء الجيتو اليهودي الأساسي في القدس الشرقية الذي سيعطيها الصياغة النهائية لأن تكون العاصمة الموحدة لإسرائيل..&
2 – وأن إعلان إسرائيل عن مشروع بناء جدار يمتد من مدينة ام الرشراش الفلسلطينية ( إيلات ) شمالاً لمسافة 30 كيلو متر حتى مشارف البحر الميت، يؤكد نية دولة الأحتلال علي إحاطة القدس الشرقية بمزيد من الجدارات والاسلاك الشائكة والمكهربة التى لن تسمح في المستقبل ألا لحملة البطاقات المشفرة بالدخول إليها..&
3 – وأن تأكيد علي مسمع ومرأي من العالم حاجة إسرائيل التى وصفها بـ " الفيلا " لجدار يحيط بها من جميع الجهات " لكي يحميها من الحيوانات المفترسة التى تسكن الغابة " وهو هنا لا يقصد الفلسطينيون فقط وإنما العرب المجاورون لها، إنما يعني تعميق عنصرية دولته القائمة علي أن شعبها هو شعب الله المختار..&
4 – أن التخطيط لبناء مطار عسكري إلي الشرق من القدس في المنطقة القريبة من الأردن، يعني العمل من الأن علي توفير الحماية لعاصمة الدولة علي حساب المصالح العليا للشعبين الفلسطينيى والأردني معا..&
ويكون السؤال..&
هل من سبيل إلي تفعيل دور هذه المنظمات ؟؟&
أم أن الأمر يستلزم تقوية قدرات الشعب الفلسطيني علي المقاومة ؟؟&
ويفرض علي الدول العربية والإسلامية ان تعي دورها السياسي والإعلامي علي مستوي العالم تحت شعار " الجدران لا توفر حماية.. الأسوار لا تضمن مستقبل.. الأسلاك الشائكة لاتبني علاقات متعادلة وسوية بين الشعوب، إنما يحميها الإعتراف عالمياً بحق الشعب الفلسطيني &في تقرير مصيره وفي إقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقية "..&
&