&

&
&
&
&
د&
&
لأول مرة في التاريخ القديم والحديث اسمع هذه العبارة البليغة الحكيمة وما تبعها من تفسيرات منطقية تتفق مع العقل والمنطق في كلمات شيخ الأزهر ... فها هو الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، يخطب في البرلمان الألماني "البوندستاج" فيقول أستسمحكم -أيُّهَا السَّادة البرلمَانيون!– أن أُقَدِّم نفسي لحضراتكم بحُسْبَاني رَجُلًا مُسْلِمًا تخصَّص في دِراسَة الإسلام، وفَهمه كما أراده الله للنَّاس، وكما بلَّغه لهُم رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
&
لا أخفي عليكم أنني قرأت هذا الخطاب عدة مرات لأنني مهموم مثل فضيلته ومثل معظم المصريين بتجديد الخطاب الديني وأكتب بلا تواني من أجل هذه اللحظة الحاسمة الفاصلة والتي تمخضت هذا الخطاب العظيم والذي يعتبر وثيقة القرن الإسلامية. إن ما جاء في هذا الخطاب كان معبرا بحق عن مواد الشريعة الإسلامية السمحاء التي أرادها الله للناس ولذلك فالمسئولية ملقاة اليوم على مجلس النواب لعقد لجان لإضافة بنود هذا الخطاب التاريخي &للمادة الثانية من الدستور المصري الحديث، وإما أن تحذف المادة الثانية من الدستور في حال استمرار وجودها بدون هذا التفسير الذي يقدمه الشيخ الجليل.
&
بعض هذه المواد كما فهمتها من خطاب فضيلته يوم 15 مارس 2016 والموجود على شبكة الانترنت ومواقع اليوتيوب، والفيس بوك وغيرها أقدمها لكم وأقدم لكم اجتهادي في فهمها بما يتوافق مع المقاصد العليا للمشيئة الإلهية.
&
أولاً: المسلم محب للبشرية جمعاء، يبحث عن السَّلام ويتمَنَّاه للنَّاس كل النَّاس، مَهْمَا اختلفت أوطانهم وأجناسهم وقوميَّاتهم، وكيفما كانت أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم.
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل من يعتلي المنابر في المساجد ويدعو إلى كراهية غير المسلمين أو يتمنى لهم الموت والدمار كما يسمعنا الشيوخ في المساجد والزوايا ليل نهار في صراخ الميكروفونات.
&
ثانيا: الإسلام مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوي لا ينفصم؛ فنحن المسلمين نؤمن بأنَّ كلاً من التوراة والإنجيل والقرآن، هُدىً ونور للناس، وأن اللاحق منها مصدق للسابق، ولا يتم إيماننا بالقرآن ولا بمحمد إلا إذا آمنا بهذه الكتب السماوية وبموسى وعيسى وبمن قبلهم من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم .
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل من يروج بأن المسيحيين كفرة أو مشركين أو ضالين لأن الإنجيل الذي لديهم ليس محرفا بل هو هدى ونور للناس.&
ثالثاً: الإسلام لا يبيح قتال غير المسلم بسبب رفضه للإسلام أو لأي دين آخر، فالله كما خلق المؤمنين خلق غير المؤمنين أيضًا. وما خلق الله غير المؤمنين ليأمر بقتلهم واستئصالهم، فهذا عبث لا يليق بحكمة البشر، فضلًا عن الحكمة الإلهيَّة،
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل من يقتل أو يحرض على قتل المسلم وغير المسلم بسبب أفكاره أو بسبب كفره أو بسبب ارتداده لأن من لا يملك قوة الخلق لا يملك قوة القتل.
&
رابعاً: الإسلام يكفل حريَّةُ العقيدة بنصوص صريحة في القرآن وذلك في قوله تعالى: فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ" {الكهف: 29}. وقوله أيضًا: لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ{البقرة: 256}، وجاء فى الدستور الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن: «مَنْ كَرِهَ الْإِسْلَامَ مِنْ يهودي وَنَصْرَانِيٍّ، فَإِنَّهُ لَا يُحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ»،
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل من يمنع إنسانا مهما كانت أفكاره ومعتقداته من الإيمان بدين ما من الأديان. فالإنسان حر في أن يؤمن أو لا يؤمن بأي دين من الأديان وبالتالي له الحق في ذكر ديانته في وثيقة الهوية مسلما أو مسيحيا أو بهائيا أو لا ديني أو بوذي، ... وله الحق أيضا في ألا يذكرها.&
&
خامساً: الإسلام لا يأمر المسلمين بالجهاد المسلح ولا يحضهم عليه إلا في حالة رد العدوان، والتصدي للحروب التي يشنها عليهم أعداؤهم، فهنا يجب القتال للدفاع. أن الجهاد الأكبر في الإسلام هو جهاد النفس والشيطان ونوازع الشر، ويدخل في مفهوم الجهاد الشرعي كل جهد يبذل من أجل تحقيق مصالح الناس، وفى مقدمتها المجهود الذي يبذل من أجل مقاومة الفقر والجهل والمرض، وإغاثة المحتاج، وخدمة الفقراء والبؤساء ومساعدتهم.
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل الشيوخ الذين يطالبون بالغزوات من اجل جلب المال والنساء أو من أجل نشر الإسلام. ولذلك وجب على كل المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية التعاون معاً من اجل القضاء على الفقر والجهل والمرض وتحديد النسل وخدمة المحتاجين والبؤساء فهذه هي الرسالة الأولى للأديان.
&
سادساً: شريعة الإسلام شريعة مؤسسة على مبادئ العدل والمساواة والحرية وحفظ كرامة الإنسان. أن القسط والعدل والوفاء هو خُلق المسلم مع أخيه في الإسلام وأخيه في الإنسانية سواء بسواء.
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل من يحقر غير المسلمين أو يسخر من عقائدهم أو يحرق إنجيلهم &أو يحرمهم من تولي الوظائف العامة والعليا والسيادية انسجاما مع مبادئ العدل والمساواة التي تقرها الشريعة الإسلامية لأن الولاية هنا للكفاءات وليس للانتماءات.
&
سابعاً: الإسلام يعتبر المرأة شريكة الرجل في الحقوق والواجبات. أن بعض ما تعانيه المرأة الشرقيَّة من تهميش ليس بسبب تعاليم الإسلام، فهذا زعم باطل، والصحيح أن هذه المعاناة إنَّما لحقتها بسبب مخالفة تعاليم الإسلام الخاصة بالمرأة، وإيثار تقاليدَ عتيقة وأعراف بالية لا علاقة لها بالإسلام، وتقديم هذه التقاليد على الأحكام المتعلقة بالمرأة في الشريعة الإسلامية.
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل الشيوخ الذين يعتبرون المرأة مركوب مثل البهيمة ولذلك على الأزهر أن يمنع تدريس كتاب فقه نجاح المرأة والبهيمة وغيرها من الكتب التي فيها تحقير للمرأة أو للآخر، ويعاقب أيضا الشيوخ الذي ينشرون أفكارا تخالف هذه الشريعة السمحاء بقولهم أن المرأة مثل الشيطان وأن ألنظرة إليها سهم من سهام إبليس، ويفرضون عليها الحجاب والنقاب وغيرها من ملابس البدو وتقاليد الصحراء.
&
ثامناً: المسلم من الصعب عليه أن يتصوَّر صَبَّ النَّاس والأُمَم والشعوب في دين واحد أو ثقافة واحدة، لأن مشيئة الله قضت أن يخلق الناس مختلفين حتى في بصمات أصابعهم، يقول القرآن: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين"
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل من يرفع دينا على دين آخر بالقول أو بالفعل وعلى الدولة أن تنفق على بناء الكنائس كما تنفق على مؤسسة الأزهر وعلى بناء المساجد بالقسط وبالعدل من ميزانية دافعي الضرائب المصريين. وأن تسمح الدولة بالتنوع الثقافي فلا تحجب كتباً ولا تغلق صحفا إلا تلك التي تتعارض مع هذه الوثيقة.&
&
تاسعاً: المؤمن بالقرآن لا يرتاب في أنه ليس في إمكان قوَّة ولا حضارة أن تُبدِّل مَشِيئة الله في اختلاف النَّاس،وينظُر إلى النَّظَريَّات التي تحلم بجمع الناس على دين واحد أو ثقافة مركزية واحدة نظرته إلى أحلام اليقظة أو العبث الذي يُداعِب أحلام الطفولة.&
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي كل من يدعو إلى قيام دولة الخلافة كما تدعو لذلك جماعة الأخوان المسلمين، وكذلك كل من يدعو بالعنف والقوة المسلحة إلى أسلمه العالم، وتعاقب أيضا كل المؤسسات الدينية الرسمية ويعاقب كل الشيوخ الذين لم يدينوا ولم يشجبوا من على منابرهم كل الحركات الأصولية مثل داعش وبيت المقدس والنصرة وبكو حرام وغيرها العشرات....
&
عاشراً: الإسلام يقر بزواج المُسْلِم من مَسِيحيَّة أو يَهُوديَّة وتبقى على دينها مع زوجها المُسْلِم، ولا يجوز لزوجها المسلم أن يحول بينها وبين الذِّهاب إلى كنيستها أو مَعْبَدها، أو يمنعها من مُمَارسة شعائرها في بيت زوجها المسلم.&
وعلى هذا: يعاقب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي الزوج المسلم الذي يتزوج مسيحية ويمنعها من ممارسة شعائرها الدينية هي وأولادها لأن الزوج المسلم لا يكتمل أيمانه إلا بالأيمان بكل الكتب السماوية وكل الأنبياء والرسل ما يعني انه يؤمن بالديانة المسيحية وأنها غير محرفة بدليل أنه يشجع زوجته على الذهاب للكنيسة والصلاة فيها وفي بيته أيضا. كما أن المسلم يؤمن بالمسيح الذي هو كلمة الله وروح منه كما جاء بالقرآن وكما يؤمن المسيحيون أيضاً أن المسيح روح من روح وقد قال السيد المسيح عن نفسه في الإنجيل الذي يؤمن به المسلمون أيضا انه ابن الإنسان لأنه ولد من مريم العذراء وأنه ابن الله لأن البنوة في هذه الحالة هي بنوة لله فإذا كان المسلم يؤمن بذلك فهو مسيحي بالعقيدة وقرر أن يتزوج مسيحية ولذا لا أجد مانع من أن يتم عقد القران كنسيا أيضا.&
&
هذا الخطاب الرائع يحتاج إلى دراسة مستفيضة من العلماء المستنيرين لتوضيح المعاني الرائعة التي تضمنها على أن توضع في كتاب وتوزع نسخاً منه لكل مؤسسات الداخل والخارج وتكون مقرونة بأدلة عملية على التطبيق الفعلي والواقعي لكل ما جاء فيه. ويا ليت وزارة التربية والتعليم تستبدل كتاب الدين الإسلامي الموجود حاليا بهذا الخطاب عندها ستكون النتائج مبهرة من التعايش والمحبة والإخاء والوقوف بجانب الدولة المصرية لتحقيق مشاريعها في زيادة الإنتاج ومساعدة المحتاجين والقضاء على الفقر والجهل والمرض ما يضمن لمصر أن تلحق بركب الدول المتقدمة مثل تلك التي زارها فضيلة الإمام.. فإلى الأمام يا مصر يا أم الدنيا.
&