لا أغلبية، هذا عنوان المرحلة الراهنة داخل مجلس النواب.&
فالاعتصامات والتظاهرات الأخيرة، بدت لأول وهلة ثغرة في جدار الانسداد السياسي، سواء بطرح كابينة «الظرف المغلق» التي انهارت بعد اتفاق وثيقة الحكيم، أو اسقاط الرئاسات الساقط بانسحاب الصدريين حين أفقده انسحاب نواب كتلة الأحرار تفوق دعاته غلبة العدد.
&
يثير الاستغراب فعلا، أمر هذه العملية السياسية. فهي على عكس طبيعة الحراك الصانع لبعض الحلحلة، تكرس يأسها رغم سخونة الأحداث. وأظن أن لهذا سببين رئيسيين؛ أحدهما يكمن في ان القوى السياسية التي شكلت حكومة العبادي تعمل على تفريغ حراك الشارع الصدري من أي تأثيرات جادة، لأن نجاحه يعني سيطرة الصدر على مرافق الحياة السياسية بالمطلق. والآخر، عدم وجود خطة «نيابية» لقيادة الاعتصامات، في ظل تعدد المواقف والبيانات وكثرة تغيير المواعيد الزمنية، وعدم التفكير الجاد بالخيارات المتاحة داخل البرلمان لتحقيق التغيير.&
&
بالطبع، إن الثورية هي المعلن في بيانات قيادة الحراك الجماهيري، وهي أيضا الطموح بالنسبة لها، لكن من الناحية العملية لا وجود لثورة، بل ضغط لشريحة مجتمعية تتبنى دعوات إصلاحية ضمن الاطر الدستورية المعروفة، اي بالاعتماد على حصول تصويت لكابينة العبادي. الفعل الثوري مغامرة كسر عظم، خسارتها تعني ذهاب كل المكاسب التي تحققت للتيار الصدري منذ انطلاق جبهة سحب الثقة في 2012 أو أكثر. خصوصا وإنها قد تؤدي الى حرب أهلية وليس ثورة شعبية!&
&
في ظل هذا الإرباك، تشكلت ثلاث جبهات أساسية، الأولى هي جبهة التيار التي لا تمتلك الكثير من السعة النيابية حتى الان وتعتمد على زخم الاعتصامات ومحاصرة الوزارات، ورؤيتها حكومة تكنوقراط تحظى بشرعية الصدر, والأخرى جبهة وثيقة «الشرف» بقيادة الحكيم مضافا اليها أغلب اتحاد القوى وبعض اطراف دولة القانون ورئيس الجمهورية وربما يلحقها رئيس إقليم كردستان، ومشروعها إعادة انتاج المحاصصة. والثالثة جبهة النواب المعتصمين بتقارب غير معلن بين المالكي وعلاوي مع بعض اتحاد القوى وقليل من النواب الكرد، وهدفها تقويض اتفاق 2014 وربما تحقيق حكومة الأكثرية. العبادي والجبوري الأقل تأثيراً ضمن الانقسام الثلاثي.&
&
من هنا فإن المعركة السياسية الكبرى تدور حول قدرة أي من الثلاثة الحصول على الأغلبية لفرض تصورها. وليس واضحا ما إذا كانت الاعتصامات قادرة على تحقيق أهدافها، وتحديدا حكومة «التكنوقراط»، لأن هذه الحكومة تحتاج الى موافقة الأغلبية النيابية، والأغلبية لم يفلح ضغط الخيام لتحققها، بل الاستجابة عكسية. المشهد حتى الان يشير الى أن الاطراف السياسية، مهما بدت مختلفة، تتفق على منع تمرير رؤية السيد مقتدى الصدر والاعتصامات.&
&
المشكلة الأكبر أن الحراك حين حرق مراحل بسرعة قياسية، لم يعد يمتلك الكثير من الخطوات السلمية، وربما ان استمراره قد يؤدي الى انتقال الانقسام السياسي الى الشارع، عندها يفقد قدرته على الحصول على زخم رضا الأغلبية الشعبية أو الأغلبية الصامتة، وهو ما تعول عليه المنطقة الخضراء، وما أساء إليه من لوّح بالعنف.&
&