يستطرد الكاتب( ميخائيل رمضان ) كلامه في الجزء الساس من كتابه ( In the Shadow of Saddam ) ويقول :

( شاعت انباء ( عمليات الانفال )(١ ) بشكل واسع في الوسط العراقي في شهر اذار , احتل الإيرانيون منطقة حول مدينة كردية عراقية في ( حلبجة) ووجد صدام الفرصة لضرب عصفورين بحجر واحد , وحين كان سلاح الجو العراقي يهاجم الإيرانيين على الارض اسقطوا قنابل ( السيانيد وغاز الخردل وغاز الاعصاب على مدينة حلبجة ) , وحين دخل الإيرانيون مدينة حلبجة واجهوا مشاهد التدمير والخراب , لقد مات بالغاز السام اكثر من خمسة الاف شخص في (حلبجة) ...

سقط الابرياء في شوارع وطرقات مدينة ( حلبجة ) , عدد من النساء تمددن على عتبات الدور محتضنات اطفالهن , مجموعات من الاطفال الصغار وجدوا وهم لايزالون يحتضنون بعضهم ككتلة صلبة متيبسة بعد ان خنقوا بالغاز السام , أضافة إلى العثورعلى العديد من الجثث الابرياء في مواقع ومناطق متفرقة من المدينة وما حولها ....!!

دعى الإيرانيون الاوساط الدولية لتصوير الرعب ونشروا الخبر في كافة انحاء العالم .

لام صدام حسين الإيرانيين , الا ان القليل صدقوه .

ان الذي لم يقله صدام حسين , هو ان العراق نجح في امتلاك الصواريخ التي تحمل غاز الاعصاب ( VX ) المزدوج المميت .

كان اصحاب المعامل لايخجلون من الاندفاع لبيعه البضائع العسكرية والسموم القاتلة , لقد اخبروني ان اكثر المعدات لتطوير الاسلحة الكيمياوية كانت تصل العراق من ( المانيا الغربية ) وان اطنان عديدة من الكيمياويات استوردت من الهند ومن الصين ايضأ .

في اقل من ثلاثة اسابيع بعد الهجوم على مدينة ( حلبجة ) قصفت القوات العراقية بقيادة (علي حسن المجيد) قرى ( (كوب تبة )و(عسكر)) ٢ ) التابعة لناحية ( اغجلر ))٣ (وقد كانت طبيعة الاعتداءات متشابهة تقريبأ ( الموت المعذب ) .

في البدء حلقت طائرة استكشاف حول منطقة الهدف للتحقيق من اتجاه الريح , وخلال دقائق وصلت ست قاذفات قنابل واسقطت حملتها المميتة , لقد شن الطيران العراقي طلعات قاتلة طول السنة على التجمعات الكردية الريفية في كردستان وباستخدام الاسلحة الكيمياوية .

في اعقاب الحرب امر( صدام حسين) بضرب الاكراد دون تحفط .

اما (علي حسن المجيد) الذي اهلك قسمأ كبيرا من الكرد بالسلاح الكيمياوي , انطلق من جديد لاتمام مهمته وخاصة بعد وقف الحرب مع ايران , لقد هاجم( مجيد )مئات القرى الكردية بـ(رياح وسموم الموت ) .

خلال ستة اشهر فقط , قتل اكثر من ( ٢٠٠٠٠٠ ) كردي وقد بنى بشكل خاص قرى ومجمعات هيأت قبل عام في صحراء الجزيرة وادخلوا فيها ( ٢٥٠٠٠٠ ) مواطن كردي عزل , ففي خلال عمليات الانفال تم تدمير اكثر من ( ٧٥ % ) من مجموع ( ٥٠٠٠ ) قرية كردية في العراق .

كما تلقى (علي الكيمياوي) اوامر من صدام حسين بتجربة قنبلة( السيارة البايلوجية) التي اصبحت سلاحأ تدميريأ,

كانت تقنيات القنبلة فوق تصوري , لكن مبدأ عملها الاساسي بسيط جدا , كانت كمية من القايروس القاتل الذي عرف بعد ذالك بـ ( فايروس الشيطان ) تعبأ في قنينة وتوضع القنينة بشكل دقيق في السيارة التي تؤخذ الى منطقة الهدف وتترك هناك , وبعد ذالك يتم تفجير القنينة المعبئة بالفايروس .

على الرغم من المحاولات العديدة والمتكررة لتجربة هذا السلاح الا ان النجاح كان محدودا ) .

وهنا اكتفي بهذا القدر من شهادة شبيه ( صدام حسين ) واترك للقارئ الكريم أن يتخيل حجم المأساة المروعة وكم المعاناة العميقة التي لحقت بالشعب العراقي بشكل عام والشعب الكردي بشكل خاص على يد (صدام حسين) وحزبه الفاشي .....!!

لقد اصبحت كردستان مسرحا للجريمة وخاصة بعد ان استخدم النظام الفاشي كافة انواع الاسلحة ومنها القنابل الكيمياوية والفسفورية والعنقودية وقنابل النابالم المحظورة دوليأ ,ونشر الخراب والدمار فيها حيث تم القتل وتشوية البئية ودمر بنيتها التحتية وتم تشريد عشرات الالاف على حدود الدول الاقليمية .........

وهنا نذكّر القارئ الكريم ايضأ بمقولة لـ(طارق عزيز)(٤ ) بعد ان قصف مدينة (حلبجة) بالسلاح الكيمياوي حين قال : (قصفناهم بالكيمياوي و لو كان لدينا سلاح اقوى لقصفناهم به) , ويقصد( عزيز ) قصف مدينة( حلبجة)المغدورة والتي ابيدت بامر من صدام حسين لان كما هو المعلوم استخدام السلاح الكيمياوي لم يكن مسموحا به الا بامر من صدام حسين ... !!

ان ما نشر من احصائيات متواضعة في الاقليم مؤخرا والمستندة الى التقارير الطبية المحلية والأقليمية والدولية حول انتشارانواع السرطان ومنها سرطان الجلد والثدى والجهاز التنفسي و حالات الربو والاجهاض القسري والعقم والتشوهات الخلقية ومشاكل التفس والعمى في مدينة حلبجة والمناطق الاخرى التي ضربت بالسلاح الكيمياوي ليس فقط لا تزال مرتفعة للغاية مقارنة بالمناطق الكردستانية الاخرى التي نجت من السموم والغازات القاتلة .., بل ان نسبتها في ازدياد مريع وتتوقع ايضا ان تزداد نسبة الاصابة بتلك الامراض والعاهات المزمنة في السنوات المقبلة بنسبة عالية وذالك نتيجة التلوث البيئي وتاثير السموم والمبيدات عليها , كما يخشى الاطباء من ان يكون الناجين من الاسلحة الكيمياوية قد اصيبوا بتشوها ت جينية على سبيل المثال لا الحصر (الطفرة الوراثية التي تنتقل من جيل الى جيل والتي يفقد المصاب فيها القدرة على حركة (العضلات والاعصاب)

اضافة الى الامراض والعاهات المزمنة الاخرى الناتجة عن تاثير تلك المبيدات القاتلة و التي ادّت بدورها الى اضعاف المناعة لدى الفرد المصاب بتلك الغازات السامة بعد عقود من استخدامها حيث تظهر الان تاثيراتها المباشرة على اهالي تلك المناطق المنكوبة والمتضررة من سياسة القمع والاضطهاد والابادة الجماعية ورش المبيدات بشكل واضح وجلي...

يتبــــع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ حسب ادعاء المجرم (سلطان هاشم احمد) وزير الدفاع العراقي السابق في الجلسة الثانية من محاكمته في قضية (الانفال ) بان من سمى تلك العمليات بالأنفال هو الفريق الركن (كامل ساجت عزيز الجنابي)قائد الفيلق الاول والذي اعدم من قبل ( قصي صدم حسين عام ١٩٩٩، وأضاف هاشم في حديثه : عندما سألت (الجنابي ) عن أسباب اختيار هذا الاسم قال لي: (اتبارك بهذه السورة الكريمة فقط) .

٢ ـ قصف النظام البعثي البائد قريتي (كوبته به وعسكر) بالأسلحة الكيمياوية في يوم ٣/٥/١٩٨٨، مما أدى الى إستشهاد المئات من المواطنين الإبرياء ...

٣ ـ اغجلر , مفردة تركية تعني (الاشجار) وهي أحد نواحي قضاء جمجمال وتقع على بعد ٧٠ كيلو مترا عن مدينة السليمانية وتضم أكثر من ٦٢ قرية .

٤ ـ ميخائيل حنا المعروف بـ( طارق عزيز) , نائب رئيس الوزراء العراقي السابق توفي عن عمر يناهز ٧٩ عاماً في سجنه الانفرادي بمعتقل الناصرية، أقصى جنوب العراق. ترأس (عزيز )في بداية انقلاب عام ١٩٦٨ صحيفة( الثورة) لسان حال حزب البعث العربي الاشتراكي ، وشغل مناصب قيادية منذ عام ١٩٧٤ منها : عضو قيادة قطرية لحزب البعث وقيادة قومية، وزير الثقافة والإعلام، وزير الخارجية ونائبا لرئيس الوزراء, بالاضافة الى انه كان المفاوض الرئيسي للعراق مع لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة وعلاقة العراق مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة بعد غزو صدام حسين دولة الكويت ونظراً لعلاقته القوية مع صدام حسين واخلاصه له دفع الكثيرين لإطلاق لقب "الصندوق الأسود" عليه . كشف (عزيز )في مقابلاته مع الجهات العراقية الرسمية اثناء اعتقاله في سجنه الانفرادي مفاجأت واسرار وخفايا أيام حكم البعث في العراق والعديد من القضايا الحساسة المهمة الاخرى والتي ما زالت محل خلاف وجدل محلي واقليمي ودولي حتى اليوم , كما فك خلال مقابلاته ألغازاً كثيرة من بينها سر اختفاء وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر في ٢٢ نوفمبر ١٩٨٠ في المنطقة وحقيقة تزويد الدول منها (ألمانيا وإسبانيا ) النظام العراقي السابق بالأسلحة الكيماوية التي استخدمت لقصف مدينة (حلبجة )و ومناطق متضرر كثيرة اخرى من سموم (صدام - على الكيمياوي) . و حدد أيضاً بوضوح موقف الدول العربية والاوروبية والاقليمية ,من الحرب العراقية ـ الإيرانية وعلاقتهم بطرفي الحرب عسكرياً .

كشف ( عزيز )في سجنه لجوانب غامضة عن عائلة( حسين كامل) ابناء عمومة صدام حسين خلال وجوده في موقع المسؤولية ، وعليه خرجت الى العلن العلاقة العدائية بينه وبين اقرباء واشقاء صدام حسين تحديدا , وان تهجم المتهم ( وطبان ) الاخ غير الشقيق لصدام حسين اثناء احدى الجلسات المحاكمة عليه والذي كان معه في القفص الاتهام خير دليل على ذالك .