عندما يطرح موضوع سرقة المال العام للبحث والنقاش، فإن المسلمين يهبون للدفاع عن موقف الإسلام من سرقة المال العام، فيوردون الآيات والأحاديث الكثيرة التي تحرم سرقة المال العام. ولكن الحكم الواضح والقاطع هو أن سارق المال الخاص تقطع يده أما سارق المال العام ففيه اختلاف.&
يحتج الفقهاء في عدم قطع يد سارق المال العام بالحديث النبوي "ادرؤوا الحدود بالشبهات" والشبهة في سرقة المال العام هي أن السارق من عامة الناس وله حق في المال العام، فلا يجوز قطع يده. ويورد الفقهاء أدلة من التاريخ، فعن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن عبدا من رقيق الخمس سرق من الخمس فرفع إلى الرسول فقال "مال الله سرق بعضه بعضا" ولم يقطعه. وروي عن علي بن أبي طالب أنه لم يقطع رجلا سرق من الخمس وقال "له فيه نصيب" كما روي أن رجلا عدا على بيت المال في الكوفة فسرقه، فأجمع بن مسعود لقطعه وكتب إلى عمر بن الخطاب فقال "لا تقطعه فإن له فيه حقا."&
وإزاء هذه الأدلة، فإن السارق من بيت المال لا تقطع يده أسوة بسارق البيضة والحبل كما جاء في الحديث النبوي الذي رواه أبو هريرة &" لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده " إلا أن المذهب المالكي رأى أنه لا يوجد اختلاف بين سرقة المال الخاص والعام ويجب تطبيق حد القطع والدليل أن الآية نصت على وجوب القطع دون تمييز بين المال العام والخاص ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38].
فكيف يتصرف الحاكم مع سارق المال العام حسب جمهور العلماء؟ إن على سارق المال العام أن يرده ويتوب إلى الله، وذلك لأن سرقة المال العام أشد وطأة من سرقة البيضة والحبل. وقد ورد الكثير من الآيات والأحاديث النبوية التي تحرم سرقة المال العام. وقد ورد عن الرسول أنه قال « ما بال العامل نبعثه، فيأتى فيقول: هذا لكم وهذا أهدى لى، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا».
والسؤال الكبير هل إلى مقارنة سرقة البيضة بسرقة مال الدولة من سبيل؟ أيهما أولى برد المسروق والتوبة وأيهما أحق أن تقطع يده؟ كيف تقطع يد سارق البيضة بينما يطلب من سارق المال العام أن يرد ما سرقه وأن يتوب إلى الله؟&
إن هذا الموضوع على جانب كبير من الأهمية حيث أنه يسلط الضوء على واحد من أهم أسباب تخلف المسلمين وفقرهم وجهلهم وانشغالهم بتوافه الأمور وتركهم لأهم القضايا التي يتوقف عليها مصير الشعوب ومكانتها بين الأمم. لقد بحثت مطولا عن حادثة قطع ليد سارق المال العام في الإسلام فلم أجد ولكني وجدت الكثير من حالات قطع يد سارق مال خاص.&
إن كثرة الأحكام التي تسحق المرأة لا سبيل لإحصائها، وقد تألق المشايخ وهم يخوضون في أدق تفاصيل خصوصيات المرأة، ولم يتناولوا سرقة المال العام بربع هذا الاجتهاد.&
&