&في اقليم كردستان هذه الايام تحركات وشكاوى واضطرابات لست مطلعا على تفاصيلها وخلفياتها وابعادها... وكأنما لم تكف بغداد وبقية المناطق هذه الموجة الهوجاء من ألاضطرابات لينتقل شيء منها الى إقليم كان لحد الان ينعم بقدر كبير من الامان والخدمات والتنمية .. في هذا الظرف أرى مفيداً التفكير بما مرت فيه الحركة القومية الكردية في العراق من تجارب مرة ومطبّات وما عاناه الشعب الكردي على مّر العهود، وصولاً الى تحقيق حلم ألفيدرالية، ضمن عراق فيدرالي، وذلك خلال التسعينيات، وقد اعترفت القوى الوطنية العراقية المعارضة، عهد ذاك، بفيدرالية كردستان، وصار الاقليم ملجأ امنا للمعارضة.

لم يختر الاكراد عهد ذاك الانفصال والاستقلال، بل اختاروا البقاء ضمن عراق إتحادي، اريد له ان يكون ديمقراطياً. وبعد سقوط النظام السابق، لعبت القوى الوطنية الكردستانية دوراً إيجابياً في العهد الجديد، ولا سيما رئاسة وسلوك الصديق الكبير جلال طالباني، الذي ما احوج العراق وكردستان اليه. اكراد العراق هم جزء من امة كردية مجزأة على اربع دول، ومن حق هذه الامة ان تتوحد يوما ما في إطار دولة واحدة، تكون دولة وئام وسلام وديمقراطية في المنطقة. هذا حلم مشروع ولكن ثمة معطيات الواقع والمصالح والتوازنات الاقليمية والدولية. والواقع هذا قد جعل من اكراد كل دولة هم فيها ذوي علاقات وثيقة، متعددة الجوانب بظروف واوضاع البلد الذي يسكنونه وبالقوى الوطنية فيه. وفيما مضى كان الشعار الكردي الرئيسي (على صخرة الاتحاد العربي- الكردي، تتحطم المؤامرات) ثم (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان) ومن بعد (الديمقراطية للعراق الاتحادي والفدرالية لكردستان) إن من واجب الزعامات الكردية ان تحل خلافاتها في جو من الوئام والحوار البنّاء لكي تستطيع ان تساهم في التوصل مع القوى الديمقراطية العراقية الى حلول عملية ناجعة للازمة العراقية الساخنة والخطيرة وان تعمل مع كل اخيار العراق لقيام ديمقراطية حقيقية في عراق اتحادي متآخ ومسالم، بعيد عن التدخلات الخارجية ومطلوب في الوقت نفسه معالجة كل خلل وثغرة وانحراف في اوضاع كردستان وأداء حكومتها، فتكون كردستان نموذجاً ايجابيا ومثالاً للجميع. ان المساهمة في الحياة العراقية العامة لا تعني قبراً لحلم الدولة الكردية الموحدة، ولا حتى لحلم استقلال كردستان العراق وحدها، ولكن الواقع غير الحلم. ولو افترضنا ان قامت دولة كردية مستقلة في العراق فسوف تكون في مهب ازمات وتدخلات جميع دول ألجوار وفي خطر دائم. وباختصار فان

المرحلة الحالية تتطلب عراقاً اتحاديا ديمقراطيا بعيداً عن المحاصصات والطائفية والتدخل الخارجي. وبمقدار ما تكون الحكومة الاتحادية ديمقراطية، تزداد حصانات وضمانات الحقوق الكردية وصيانة مكتسبات النضال الكردي الطويل والشاق. ان التجربة الكردية في العراق ذات دروس وعبر يجب الاتعاظ بها، وفي المقدمة رفض التدخل الخارجي . ايران الشاه اغرقت جمهورية مهاباد ذات الحكم الذاتي بالدم، وقتلت قادتها، ومع ذلك راحت تتودد لاكراد العراق نفاقاً، لاسيما زمن الثورة ومن بعد، وفي زمن الولي الفقيه أيضاً الذي يعتبر الاكراد اولاد الشيطان على حد تعبير خميني. واكراد تركيا هم العدد الاكبر من مجموع الكرد، ولكنهم محرومون من الحقوق. وقبل سنوات دخل اوردغان في مفاوضات مع الزعيم الكردي عبد الله آوجيلان ثم انقلب، وراح ينكل ويحارب. فلا يمكن الاطمئنان اليه. والنظام السوري لم يستجب يوماً ما لأي حق كردي، واذا كان اليوم يناور مع الاكراد فالاطمئنان اليه خطأ كبير...اما عندما تقام في هذه الدول انظمة ديمقراطية عادلة، فلكل حادث حديث.

ملاحظة : (حق تقرير المصير) لا يعني فقط حق الدولة المستقلة، بل ايضا الفيدرالية، وكذلك الحكم الذاتي، وكل حسب ظروفه.