&
القمة العربية السابعة والعشرون التي استضافتها دولة موريتانيا بعد اعتذار &المملكة المغربية، غاب عن حضورها ما يقرب من 14 من القادة والرؤساء العرب، رغم أنها تأتي في ظروف صعبة تمر بها الأمة العربية، أهمها الإرهاب الذي يضرب جسدها ويحاول تدميرها على يد تجار الدين، من القاعدة وداعش وجماعة الإخوان الإرهابية، وذيولهم الذين يتبعونهم من تنظيمات وحركات ومسميات اتفقت على إراقة دماء الأبرياء، وشق الصف العربي، رغم أن الأمة تعاني من الانقسام والخلافات ولا تحتاج إلى شقوق أو تصدعات أكثر مما هي فيه..
القمم العربية العرجاء، تتوالى مع مرور السنين، دون نتائج ملموسة على الأرض، فهي تشهد حضور زعماء وقادة وملوك، ولا تخلو من الخطب المنبرية التي يلقيها القادة بحماس شديد، لشد أزر الأمة والعمل على حمايتها، وتهتم كثيراً بالخروج بتوصيات في الختام، لكنها لا تبرح الأوراق التي كتبت عليها، ولا تخرج إلى حيز التنفيذ، وقد يكون مصيرها الإلقاء بها داخل أدراج منسية بمبنى الجامعة العربية التي تحولت إلى مجرد بيت يجتمع العرب تحت سقفه للتباحث حول طرق هدمه..
قمة موريتانيا رغم غياب القادة عنها، ورغم اللغط الذي دار حولها فيما يخص كشف مخطط لاغتيال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى جانب تهديدات من جماعات إرهابية بالقيام بأعمال عنف خلال القمة، وغير دلك من الأمور التي أدت إلى إحراج موريتانيا أمام العالم العربي والخارجي، إلا أنها كالعادة لم تخل من الشعارات التي نشتهر بها كعرب، ولا توصيات تخص القضية الفلسطينية التي تعرضت للموت إكلينيكياً بعد الانقسام الذي حدث بين حركتي فتح وحماس، الأمر الذي وضع فلسطين في غرفة الإنعاش، حتى تحولت قضيتها إلى مجرد نقطة في بحر الهموم العربية، بعد أن أصبحت أكثر من دولة لا تقل مأساة عن فلسطين، ولنا في العراق وليبيا وسوريا واليمن أكثر من مثال.. بالإضافة إلى باقي الدول العربية التي تعاني من موجات إرهابية مجنونة، لا هدف منها سوى الفوضى الخلاقة التي تضرب استقرار الأوطان..
أما أحلام الشعوب العربية، فهي مجرد سراب، بعد أن تحطمت فوق صحرة الخلافات والمؤامرات الداخلية والخارجية، والتهديدات التي تتبناها الدول الكبرى ضد الأمة حتى تخضع لتنفيذ مخططاتها، والتي وصلت إلى درجة السير في طريق إسقاط دول تحقيقاً لمصالحها، وحماية لإسرائيل التي ترغب في أن تكون القوة الوحيدة في المنطقة كي لا تتعرض لأي تهديد في المستقبل، كما أن الغرب لم يتردد في التحالف مع إيران كي يطلقها علينا مثل الكلب المسعور لتتآمر علينا وتشيع الفوضى والإرهاب في كل ربوع الوطن العربي، في محاولة لزعزعة الاستقرار هنا وهناك، بالسعي للفتنة وخلق حرب دينية وهمية بين السنة والشيعة..!
لكن فيما يبدو أن السحر انقلب على الساحر، وانتقل الإرهاب الذي ترعرع على أراضينا العربية بمباركة غربية أمريكية، إلى أوروبا وأمريكا ذاتها، لتبدأ هذه الدول في جني ثمار ما زرعته من حقد وكره وإرهاب، بعد أن خرج تنظيم داعش عن السيطرة، وتحول إلى وحش كاسر لا يفرق بين الدماء العربية والأجنبية، ولا يتردد في سفك الدماء في كل مكان من العالم، فها هو داعش يضرب فرنسا وألمانيا وبلجيكا وأمريكا من خلال عناصره المتطرفة التي تم زرعها على أراضي هذه الدول، لتخرج وتضرب ضربتها في الظلام مثل الخفافيش..
كل هذا يدعو إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية، لمواجهة هذا الإرهاب الدموي، الذي يستهدف تدمير البشرية وقتل الإنسان دون ذنب.. كل هذا يدعو إلى إعادة الحسابات في التعامل مع هذه الجماعات المتطرفة التي اتخذت من القتل وسيلة للاسترزاق.. كل هذا يدعو بعض الدول العربية التي تمول هذه التنظيمات إلى الإذعان لصوت العقل، والعمل على وحدة الأمة لا إسقاطها لتنفيذ مخطط ما، أو انتقاماً من أنظمة ما، لأن الإرهاب لا يعترف بالأصدقاء، ولا يفهم سوى لغة الدماء، فكيف تأمن هذه الدول الممولة له شروره، وكيف تعتقد أنها سوف تسلم من جنونه وأطماعه التي وصلت إلى درجة محاولة إقامة دولة إسلامية في قلب الوطن العربي على حساب دول كبيرة وعظيمة لها تارخها وحضارتها مثل العراق وسوريا، بغض النظر عن الاختلاف مع أنظمتها السياسية..؟!
يجب أن نعلم كعرب أننا الأن في خندق واحد، وعلينا أن نختار بين الإبقاء على أوطاننا وشعوبنا وحماية مكتسباتنا على المستويات كافة، وبين التناحر والانقسام والتآمر للسير بكل ثقة نحو السقوط في براثن الفوضى، لنصبح ذات يوم بلا أوطان تحتضن ما تبقى لنا من كرامة، وتضعنا في المكانة التي نستحقها فوق صفحات التاريخ..!!

كاتب صحفي
&