في الحديث السابق تطرقت الى تابو الطائفية و اليوم ساتناول التابو او المحظور الآخر وهوالفيدرالية.

الفيدرالية كانت ولا تزال من اكبر الكبائر ليس في سوريا وحدها وانما في جميع دول العالم الثالث لاسيما في ايران وتركيا وجميع الدول العربية.

الفيدرالية في سوريا تكاد تكون حصرا بالفيدرالية الكردية، علما ان الفيدرالية العلوية هي ايضا لها نفس الاهمية والواقعية وسوف ترى النور في سوريا الفيدرالية.

كلمة الفيدرالية في سوريا كانت تعني في السابق الخيانة وتمزيق البلد ولكن الحرب الاهلية المدمرة والمستمرة حتى الآن فتحت اذهان المواطنين لتلمس الواقع والحقيقة للبحث عن حلول جديدة للعيش المشترك والفيدرالية هي الافضل للحفاظ على وحدة الوطن السوري لان احدى الحلول الاخرى سيكون التقسيم دونما شك.

الاسوأ في التابو او المحظور هو انه يمنع البحث او حتى مجرد النقاش في القضية المحظورة بالرغم من ان لكل مشروع سياسي سلبيات وكذلك ايجابيات.

كم الافواه لايزال المصير المحتوم عند ذكر الفيدرالية والذي يعني في الواقع منع الدماغ من العمل وهو يذكرنا بالفنان الكبير المرحوم نهاد قلعي ومؤتمره الصحفي في احدى مسرحياته عندما كان يرد على الصحفيين الاجانب بنفس الجواب على كل الاسئلة وهي كلمة نو اي لا.

حاليا نو هو الجواب على كل شيئ ترد فيه كلمة الفيدرالية.

بعد ساعات من اعلان حزب الاتحاد الديمقراطي وكذلك تصريح السيد بوغدانوف من الخارجية الروسية قبل حولي ثلاثة اشهر عن الفيدرالية حصل اجماع كامل بالرفض من قبل النظام والمعارضة واليمين واليسار والاسلاميين ووو.. ونحن بانتظار الرفض من فرق الرقص والدبكة والعاطلين عن العمل لتدلو بدلوها حيث ان الرد سهل جدا ولايحتاج الى تشغيل الدماغ وهو نو لا.

لم يحاول احد ان يطلب حتى مجرد فتح النقاش حول موضوع الفيدرالية عوضا عن الرفض الآني، لاسيما ان هناك نماذج لا محدودة من اشكال الانظمة الفيدرالية على وجه الارض وبشكل خاص في العالم الغربي المتحضر بل حتى في روسيا التي هي فيدرالية فتية.&

لن ادخل في هذه العجالة في حيثيات اسس وانواع النظام الفيدرالي هنا ولكن يمكن لمن يريد المزيد عن الموضوع ان يدخل الى الروابط الموجودة ادناه في نهاية الحديث وهي خمسة مقالات كنت قد كتبتها عام 2010 اي قبل الثورة السورية وتتعلق بمفهوم الدولة الامة والانظمة الفيدرالية.

&هنا ساحاول الوقوف على بعض النقاط السياسية والعملية عن الفيدرالية في الظرف الحالي في سوريا ومستقبلها القريب.

يرد الصحفي التركي والليبرالي المخضرم محمد بارلاس ردا على البعض من الساسة والكتاب الاتراك من جميع الاتجاهات والذين يرون في مناقشة الفيدرالية في تركيا خيانة للوطن بالقول : يجب ان لا نكتفي بمناقشة الفيدرالية فقط بل يجب فتح المجال للكرد حتى لمناقشة حق الانفصال ايضا لنعرف هل هو جيد او سيء او معقول ام لا؟.

&لايخسر احد من النقاش الا صغار العقول الذين يعبدون التابوهات وهم فقط عبارة عن جماعات من المفلسين في المجتمع و السياسة والمتسلقين على اليسار سابقا واعضاء في الائتلاف حاليا ولما فشلوا في التسلق لم يبق امامهم الا التمسك بقشة العروبية التي لا يؤمنون بها اصلا وجذورهم ليست عربية على الاغلب ولكنهم يجلسون القرفصاء ويبتهلون الى السماء عسى ان يصطدم العصفور بالحجر ويحصلون على منصب او زعامة وهم على حافة القبر في نهاية اعمارهم.

الفيدرالية في المحصلة هو حصر مشاكل كل مكون في داخل المكون نفسه ويقضي على الكثير من التناقضات والخلافات بين المكونات على مستوى الدولة وهي تفتح المجال لسد الطريق على المزاودة والدجل والانتهازية بين المكونات.

الفيدرالية هو صمام الامان لمنع وقوع الانقلابات العسكرية وتشكل الديكتاتوريات.

لولا فيدرالية كردستان العراق لكان نوري المالكي اليوم حاكما ديكتاتوريا على العراق على شاكلة صدام حسين ولكن بنكهة شيعية.

لو كانت سوريا دولة فيدرالية لكان من المستحيل نجاح الانقلابات العسكرية فيها ولكان من المستحيل ايضا استيلاء البعث على الحكم والذي ادى الى الحرب الاهلية السورية الكارثية التي تدور رحاها الآن.

في الحالة السورية الراهنة والمستقبلية لايمكن ان يعيش العلويون والسنة تحت سقف واحد بعد كل الدمار والمجازر وحمامات الدم التي حصلت وتحصل في الحرب الاهلية الدائرة الآن في سوريا. معلوماتنا عن الاهوال والمجازر والكوارث والانتقام الهمجي والوحشي بين العلويين والسنة والتي تقشعر لها الابدان لا تتجاوز الخمسة بالمئة من الذي حدث على ارض الواقع والذي نجهل الكثيرعنه.

كذلك بالنسبة للكرد والسريان والدروز ايضا اذ لا يمكن ان يعيش هؤلاء بعد الآن مع حواضن اسلامية تكفيرية وشوفينية والتي تحولت الى معامل لانتاج قاطعي الرؤوس ومصاصي الدماء من الوحوش الكاسرة من داعشيين وجبهة النصرة والقاعدة وغيرهم.

المجتمع الكردي علماني بفطرته ويكره العنف وليس هناك حاجة للاثبات اذ لم تحدث اية مجازر او تمثيل بالجثث في المناطق التي هي بيد الكرد وشركائهم من المكونات الاخرى وكذلك اثناء ثورتي ايلول وكولان في كردستان العراق لاكثر من عقد من الحروب والمعارك بين الكرد وحكومات بغداد بالرغم من مجازر الانفال والابادة بالسلاح الكيميائي.

اكثر من ثلاثين حزب ومنظمة كردية في سوريا وعلى راسهم حزب الاتحاد الديمقراطي لم يرتكبوا اية جرائم حرب بحق المدنيين اطلاقا وهذا مصدر فخر واعتزاز للكرد ونرجو ان يستمر ذلك بشكل دائم.

المكون السني مسؤول عن ظهور هؤلاء الداعشيين وجماعات النصرة وغيرها بين ظهرانيهم و الذين يجزون الرؤوس ويقتلون على الهوية والدين والمذهب.

القضاء على تلك المنظمات الارهابية التكفيرية ذات الاصول السنية يجب ان يقع على عاتق السنة انفسهم بالذات.

نحن الكرد ايضا نتحمل وسوف نتحمل المسؤولية كاملة اذا ارتكب البعض منا جرائم حرب ضد بقية السوريين او غيرهم.

من هنا تبدو الهوة سحيقة بين المكونات السورية سواء الطائفية او القومية وليس هناك مجال للعيش مرة اخرى في ظل دولة مركزية ولابد من الاتفاق على شكل الدولة الجديدة وقد سميتها سابقا بالجمهورية الثانية في مقال كتبته عام 2012ــ ادخل الرابط ادناه التي سوف تكون فيدرالية.

الاوطان ليست اصناما للعبادة وانما هي لاجل سعادة ورفاه الانسان. اذا كانت الفيدرالية ستحقق العدالة والرفاه والسعادة للسوريين فاهلا بها واذا كانت الدولة المركزية سببا في النزاعات والصراع والحروب فلتذهب الى الجحيم.

الارض ليست اغلى من الانسان.... والارض السورية كلها لا تسوى ظفر طفل سوري واحد يموت جوعا وغرقا ومهاجرا ومشردا ومن اي مكون كان فكيف الحال عندما يموت مئات الآلاف منهم لارضاء انانية دجالي القومية والدين والمذهب؟.

&

بنكي حاجو

&

كاتب كردي

&

&